مواعظ شافية

تعتبر النِّعَم من موارد الاختبار الإلهيّ الّتي يتعرّض لها الإنسان في حياته. والنِّعَم لها آداب في كيفيّة التعاطي معها، فكما أنّ الصبر من مستلزمات النجاح في الابتلاء بالمصائب، فكذلك الشكر هو من مستلزمات النجاح في تلقّي النِّعَم الإلهيّة.

إنَّ الله تعالى يختبر عباده بالنعمة والمنحة، كما يختبرهم بالمصيبة والنَّقمة والمحنة.

يقول الله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾2.

هذه من الآيات الّتي تتحدّث عن نِعَم الله سبحانه على عباده.

في اختبار النِّعم يبتلينا الله بما أنعمَ ليختبرنا كيف سنتصرَّف. وإذا راجعنا الآيات والأحاديث الشريفة، نحصل على مجموعة عناوين حول النّعم الإلهيّة وكيفيّة التصرّف بها، نبدأ بعرضها على النحو التالي:

________________________________________
2- سورة لقمان، الآية: 20.

أوّلاً: علينا أنْ نشعر بالنِّعَم الإلهيّة ونعترف بها، فنحن نغفل عن الكثير من نِعَم الله علينا. لذا يجب أن نذكّر أنفسنا بها دائماً.

ثانياً: علينا أن نسلِّم، أيضاً، بأنّ هذه النِّعَم هي من الله عزّ وجلّ، فما من فضلٍ أو حسنةٍ إلا هي من عند الله.
أمَّا السبب في ضرورة الالتفات إلى تذكُّر النِّعمة فذلك لأنّنا نغفل عنها لكوننا اعتدنا عليها فلم نعد نراها، إذ تصبح أمراً طبيعيّاً. لقد أنعم الله علينا بالوجود وخلَقنا في أحسن تقويم، وزوَّد أجسادَنا بكلّ ما نحتاج إليه، أعطانا البصر لنرى ونتمتَّع بكلّ شيء في هذا الكون، فالعين وسيلة لاختبار العلم والمعرفة والهداية، وكذلك وهَبنا سبحانه بقيّة الحواسّ، وأعطانا من الطاقات الروحيّة ما يمكّننا من التمتُّع بالنِّعَم المادّيّة والروحيّة، فكما أنّ هناك لذّات مادّيّة، هناك أيضاً لذّات روحيّة. فإحساس الإنسان بكرامته وكرم الله عليه يولّد لديه لذّة روحيّة. أمَّا الشعور بالمعصية والذلّ فهو نقص معنويّ وألم روحيّ.

إنّ التمتُّع بالصحّة وسلامة العقل والروح من نِعَمِ الله علينا، وكذلك وجود الرسل والأنبياء والأولياء الصالحين، من النعم الإلهيّة. يقول تعالى: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾3.

ومن نِعَم الله سبحانه دفعُه عنّا بعض المصائب والبلاءات. فإذا كنّا في بلدٍ ليس فيه زلازل أو براكين أو فيضانات، فهذا أيضاً من نِعَم الله.

شكرُ المنعم

ثالثاً: بعد معرفة تلك النِّعم ونسبتها إلى الله، يبقى علينا أن نشكره على نِعَمه. والقرآن يذكّرنا في أكثر من سورة قرآنيّة بضرورة الشكر: ﴿لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾4

________________________________________
3- سورة النحل، الآية: 18.
4- سورة البقرة، الآية 52.

شاهد أيضاً

مواعظ شافية

قالوا إنّ فتى من بني إسرائيل كان بارّاً بأبيه، وإنّه اشترى بيعا، فجاؤوا إلى أبيه ...