الرئيسية / الاسلام والحياة / آداب الاُسرة في الإسلام

آداب الاُسرة في الإسلام

وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال : « أدنى العقوق أفّ ، ولو علم الله عزَّوجلَّ شيئاً أهون منه لنهى عنه » (1).
وقال عليه السلام : « … ومن العقوق أن ينظر الرجل إلى والديه فيحدّ النظر إليهما » (2).
وقال عليه السلام : « من نظر إلى أبويه نظر ماقتٍ وهما ظالمان له ، لم يقبل الله له صلاة » (3).
وعقوق الوالدين من الكبائر التي تستلزم دخول النار ، قال الإمام الصادق عليه السلام : « عقوق الوالدين من الكبائر ، لأنّ الله عزَّ وجلَّ جعل العاقّ عصياً شقياً » (4).
ولا يقتصر وجوب البر وحرمة العقوق على الجوانب المعنوية والروحية ، بل يتعداها إلى الجوانب المادية ، فتجب النفقة عليهما إن كانا معسرين (5).
وتجب رعاية الوالدين رعاية صحية ، عن إبراهيم بن شعيب قال : قلت لأبي عبدالله عليه السلام : إنّ أبي قد كبر جداً وضعف ، فنحن نحمله إذا أراد الحاجة ؟ فقال : « إنّ استطعت أن تلي ذلك منه فافعل ، ولقّمه بيدك ، فإنّه
____________
1) الكافي 2 : 348 كتاب الايمان والكفر ، باب العقوق .
2) الكافي 2 : 349 .
3) الكافي 2 : 349 .
4) بحار الانوار 74 : 74 .
5) الوسيلة إلى نيل الفضيلة : 286 .

——————————————————————————–

( 77 )

جُنّة لك غداً » (1).
وخلاصة القول : يجب طاعة الوالدين في جميع ما يأمرون به إلاّ المعصية أو ما يترتب عليه مفسدة فلا تجب طاعتهما .
ومع جميع الظروف يجب على الأبناء إحراز رضا الوالدين بأيّ أُسلوب شرعي إن أمكن ، لأنّ رضاهما مقروناً برضى الله تعالى ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « رضا الله مع رضى الوالدين ، وسخط الله مع سخط الوالدين » (2).
وبرّ الوالدين بطاعتهما والاحسان إليهما ، كفيل باشاعة الودّ والحبّ والوئام في أجواء الاُسرة وبالتالي إلى تحكيم بنائها وإنهاء جميع عوامل الاضطراب والتخلخل الطارىء عليها ، ولا يتحقق ذلك إلاّ بالالتزام بالحقوق والواجبات المترتبة على أفرادها .
رابعاً : حقوق الأبناء :
للأبناء حقوق على الوالدين ، وقد لخصّها الإمام علي بن الحسين عليهما السلام بالقول : « وأمّا حق ولدك فإنّك تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشرّه ، وأنّك مسؤول عمّا ولّيته به من حسن الأدب والدلالة على ربّه عزَّ وجلَّ والمعونة له على طاعته ، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنّه مثاب على الاحسان إليه ، معاقب على الاساءة إليه » (3).
____________
1) الكافي 2 : 162 .
2) بحار الانوار 74 : 80 .
3) بحار الانوار 74 : 6 .

——————————————————————————–

( 78 )

ومن حقّ الأبناء على الآباء الاحسان إليهم وتعليمهم وتأديبهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « رحم الله عبداً أعان ولده على برّه بالاحسان إليه والتألف له ، وتعليمه وتأديبه » (1).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « رحم الله من أعان ولده على برّه… يقبل ميسوره ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به » (2).
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : « أكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم » (3).
وتترتب على الوالدين جملة من الحقوق ينبغي مراعاتها من أجل اعداد الأبناء إعداداً فكرياً وعاطفياً وسلوكياً منسجماً مع المنهج الالهي في الحياة ، ولا يتحقق ذلك إلاّ باشباع حاجات الأبناء الأساسية ، كالحاجة إلى الايمان بالغيب ، والحاجة إلى الامان وتوكيد الذات والمكانة بالمحبة والتقدير ، والحاجة إلى التربية الصالحة .
ويمكن تحديد أهم حقوق الأبناء بما يلي :
1 ـ ينبغي على كلِّ من الوالدين اختيار شريك الحياة على أساس الايمان والتدين والصلاح والسلامة من العيوب العقلية كالجنون والحمق ، لأنّ ذلك يؤثر على تنشئة الجيل وسلامته .
وينبغي الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية للاُمّ أثناء الحمل ، لكي يخرج الأبناء إلى الدنيا وهم يتمتّعون بالصحة الجسدية والنفسية
____________
1) مستدرك الوسائل 2 : 626 .
2) الكافي 6 : 50 .
3) مستدرك الوسائل 2 : 625 .

——————————————————————————–

( 79 )

لانعكاسها عليهم أثناء الحمل .
2 ـ يستحب تسمية الأبناء بأحسن الأسماء ، ورعاية الاُمّ رعاية صالحة ، وتوفير حاجاتها اللازمة للتفرّغ إلى رعاية الأبناء في مهدهم ، ويجب على الوالد اشباع حاجات الوليد من الرضاعة ، وذلك بالاعتماد على حليب الاُمّ أو اختيار المرضعة الصالحة ، واشباع حاجاته المادية والمعنوية في فترة الحضانة .
3 ـ يجب على الوالدين تعليم الطفل معرفة الله تعالى ، وتعميق الايمان في قلبه وجوارحه ، وتعليمه سائر أصول الدين ليترعرع على الايمان بالله وبرسوله وبالأئمة عليهم السلام وبيوم القيامة ، ليكون الايمان عوناً له في تهذيب نفسه في الحاضر والمستقبل .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبّ نبيكم ، وحبّ أهل بيته ، وقراءة القرآن » (1).
ويجب تربية الأطفال على طاعة الوالدين .
4 ـ ويجب الاحسان إلى الأبناء في هذه المرحلة وتكريمهم من أجل تعميق أواصر الحبّ بينهم وبين الوالدين ، وذلك ضروري في كمالهم اللغوي والعقلي والعاطفي والاجتماعي ، فالطفل يقلد من يحبّه ، ويتقبّل التعليمات والنصائح والأوامر ممّن يحبّه .
والمنهج الإسلامي في التعامل مع الأبناء يؤكد على التوازن بين اللين والشدة في التربية ، ويؤكد على العدالة بين الأطفال في الحبّ والتقدير
____________
1) كنز العمال 16 : 456 | 45409 .

——————————————————————————–

( 80 )

وفي العطاء واشباع الحاجات لكي يترعرعوا متحابين متآزرين لا عداء بينهم ولا شحناء ولا تقاطع ولا تدابر .
ويجب على الوالدين وقاية الابناء من الانحراف الجنسي والانحراف السلوكي ، وتنمية عواطفهم اتجاه الأعمال الصالحة ، وتوجيهها توجيهاً سليماً يقوم على أساس المنهج الاسلامي في التربية والسلوك .
ويجب الاهتمام بالطفل اليتيم ورعايته رعاية حسنة لكي يكون رجلاً صالحاً في المستقبل .

شاهد أيضاً

نعمة دعوة الناس إلى الإسلام – سيد سامي خضرا

ينبغي أن لا نتوانى في الدعوة للإسلام وحتى لو شملت الهداية شخصاً واحداً فهذا يعد ...