الرئيسية / الاسلام والحياة / آداب الاُسرة في الإسلام

آداب الاُسرة في الإسلام

أحكام العلاقة بين الجنسين

سنكرس البحث في هذا الفصل عن أحكام العلاقات بين الرجل والمرأة ، والتي ينبغي أن تكون منسجمة مع أُسس وقواعد المنهج الإسلامي ، الذي رسم لها هدفاً بيّناً ، وحدّد لها طريقاً معلوماً ، فلم يتركها للنزوة العارضة والرغبة الغامضة ، والفلتة التي لا تستند إلى موازين ثابتة ، بل أراد لها أن تكون على مستوى الأمانة العظيمة التي أناطها الله تعالى ببني الإنسان ، فقد جعلها علاقة سكن للنفس وطمأنينة للروح وراحة للجسد ، ثم ستراً وإحصاناً وصيانة ، ثم مزرعة للنسل وامتداداً للحب والودّ .
فقد تعامل مع الجنسين على أساس الفطرة مراعياً الحاجات المادية والروحية بلا إفراط ولا تفريط ، فحرّم جميع مظاهر وألوان العلاقات المخالفة للنزاهة والعفّة ، والمؤدية إلى الانحراف والانزلاق والشذوذ ، لكي يأخذ الجنسان نصيبهما في إصلاح النفس والاُسرة والمجتمع .
وقد جعلنا هذا الفصل ضمن آداب الاُسرة لأنّ الغالب في عصرنا
——————————————————————————–

( 126 )

الحاضر ابتلاء الاُسر بمثل هذه الأحكام .
أحكام النظر :
النظر إلى الجنس الآخر من قبل أحد الجنسين تترتب عليه آثار عملية عديدة ، ومواقف سلوكية متباينة ، قد تؤدي إلى إثارة الشهوة والوقوع في الفتنة .
قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة » (1).
والنظر يؤدي في أغلب الأحيان إلى الوقوع في شباك إبليس فتعقب صاحبها الندامة والحسرة ، قال الإمام جعفر الصادق عليه السلام : « النظرة سهم من سهام إبليس مسموم ، وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة » (2).
والنظر قد يكون مقصوداً وبشهوة فيكون إحدى مقدمات الزنا ، قال الامامان محمد الباقر وجعفر الصادق عليهما السلام : « ما من أحد إلاّ وهو يصيب حظّاً من الزنا ، فزنا العينين النظر ، وزنا الفم القبلة ، وزنا اليدين اللّمس ، صدّق الفرج ذلك أم كذّب » (3).
ولأجل الحفاظ على المجتمع من الانحراف والابتذال والسقوط دعا الإسلام المؤمنين والمؤمنات إلى غض البصر وتجنب النظر إلى الجنس الآخر ، قال تعالى : ( قُلْ لِلمؤمِنينَ يَغُضُّوا من أبصَارِهِم ويَحفظُوا فُرُوجَهم
____________
1) من لا يحضره الفقيه | الصدوق 4 : 18 | 4970 ، جماعة المدرسين ، ط2 ، قم 1404 هـ .
2) الكافي | الكليني 5 : 559 ، دار الكتب الإسلامية ، طهران 1403 هـ .
3) الكافي 5 : 559 .

——————————————————————————–

( 127 )

ذلكَ أزكَى لَهُم إنَّ اللهَ خَبيرٌ بما يَصنَعُونَ * وَقُل لِلمؤمِنات يَغْضُضْنَ مِن أبصارِهِنَّ ويَحفظنَّ فُرُوجَهُنَّ ولا يُبدِينَ زِينتَهُنَّ إلاّ ما ظَهَرَ مِنها وليَضرِبنَ بِخُمرِهِنَّ على جيُوبهِنَّ… ) (1).
وفي هذه الآية أمر الله تعالى الجنسين بغض البصر وأمر المرأة بالحجاب بتغطية رأسها ورقبتها ، وحفظ مواضع الزينة إلاّ ما ظهر منها كالوجه والكفين (2).
أمّا إظهار الزينة بنفسها فحرام ، ولكن المقصود هو مواضع الزينة عند أغلب المفسرين .
عن مسعدة بن زياد قال : سمعت جعفراً عليه السلام وسُئل عمّا تظهر المرأة من زينتها ، قال : « الوجه والكفيّن » (3).
والنظر الجائز هو النظرة الاُولى ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « لا تتبع النظرة النظرة ، فليس لك إلاّ أول نظرة » (4).
والجمع بين الأدلة في جواز النظر وحرمته يقيّد بجواز النظرة الاُولى غير المقصودة وغير المتعمدة .
ومعاودة النظر حرام (ولا ينظر الرجل إلى المرأة الأجنبية إلاّ مرة من غير معاودة… ) (5).
____________
1) سورة النور : 24 | 30 ـ 31 .
2) مجمع البيان | الطبرسي 4 : 138 ، مطبعة العرفان ، صيدا 1355 هـ . وجواهر الكلام 29 : 75 .
3) الكافي 5 : 522 .
4) وسائل الشيعة 20 : 193 .
5) اللمعة الدمشقية | محمد مكي العاملي : 183 ، دار الناصر ، ط1 ، طهران 1406 هـ . وجامع
=
——————————————————————————–

( 128 )

وإنّه لا خلاف في (تحريم نظر المرأة إلى الأجنبي أعمى كان أو مبصراً)(1) .
والنظرة الاُولى مهما كانت أسبابها ودوافعها مقيّدة بعدم التلذّذ والريبة كأن تقع مصادفة أو لضرورة أو غير ذلك ، فالنظرة بتلذّذ وريبة حرام (2).

شاهد أيضاً

نعمة دعوة الناس إلى الإسلام – سيد سامي خضرا

ينبغي أن لا نتوانى في الدعوة للإسلام وحتى لو شملت الهداية شخصاً واحداً فهذا يعد ...