الرئيسية / من / طرائف الحكم / آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

آمال العارفين – في شرح دعاء كميل

– لسان الاعتقاد الصادق المشفوع بالعمل على طبقه:
إنّ كلمة التوحيد كلمة مفصليّة في علاقة الإنسان برّبه؛ وذلك إذا كانت صادقة؛ أي مطابقة للاعتقاد القلبي، وناتجة عن معرفة وشعور، وليس مجرّد لقلقة لسان، وغير مقترنة بالشرك الذي قد يكون في بعض مظاهره واضحاً، وفي بعضها خفيّاً؛ أي خالية حتى من الشرك الخفي.
وهذا الموحِّد الحقيقي يتمكّن بالفعل من أن يجعل حياته كلّها في طاعة الله، فالتوحيد الحقيقي يُورِث الإنسان العصمة من ارتكاب الذنوب.
ولذا، ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: “ما من شيء أعظم ثواباً من شهادة أن لا إله إلا الله؛ لأنّ الله عزّ وجلّ لا يعدله شيء، ولا يشركه في الأمر أحد”13.
والموحِّد يتّبع ذلك؛ بالثناء على الله(وبشكرك مادحة)، والقصد من الثناء؛ الشكر لله؛ وهو ينطلق من: الاعتراف بالنعم، وأنّ الله أنعم عليه، وأنّها كلّها من الله. والشكر الحقيقي هذا هو باب الاجتباء والاصطفاء الإلهي. قال تعالى: ﴿شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾14.
كما أنّ الموحِّد يُدرِك تماماً أنّ من النِعَم الإلهية: التوفيق للطاعة، والبعد عن المعصية. ولذا، ورد في الدعاء المروي عن الإمام الحجّة عجل الله فرجه الشريف: “اللهمّ ارزقنا توفيق الطاعة، وبعد المعصية”15.
________________________________________
12- ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين: الخصال، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، لاط، قم المقدّسة، منشورات جماعة المدرّسين في الحوزة العلمية في قم المقدّسة، 1403هـ.ق/ 1362هـ.ش، ج2، حديث أربعمائة، ص616.
13- ابن بابويه، ثواب الأعمال، م.س، ص3.
14- النحل: 121.
15- الكفعمي، المصباح، م.س، ص280.

3- الاعتقاد اليقيني بالألوهيّة:
وهو خصوص المعرفة القلبيّة بالألوهيّة التي يعقبها الاعتراف التامّ الذي لا يقبل الشكّ؛ أي الوصول إلى مقام اليقين في المعرفة.
والإيمان الثابت والمستقرّ هو ما كان قلبيّاً؛ لا ظاهريا فقط:
عن الإمام علي عليه السلام: “فمن الإيمان: ما يكون ثابتاً مستقرّاً في القلوب، ومنه ما يكون عواري بين القلوب والصدور”16.

4- الخشوع والخضوع لله:
كلّما ازدادت النفس معرفة بالله؛ ازدادت خشوعاً؛ لأنّ المعرفة بحقيقة واجب الوجود باب للخشوع والخضوع لإرادته.
ولهذا الخشوع علامات وردت في الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “أمّا علامة الخاشع، فأربعة: مراقبة الله في السرّ والعلانية، وركوب الجميل، والتفكّر ليوم القيامة، والمناجاة لله”17.

5- انعكاس الاعتقاد القلبي عملاً بالجوارح:
إنّ المعرفة تنعكس سلوكاً على جوارح الإنسان؛ فيسعى إثرها إلى كلّ موطن فيه عبادة الله؛ وهو في ذلك طَيِّع منقاد بنفسه؛ نتيجة المعرفة الصحيحة واليقينيّة.
ولذا، وصف الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المعرفة التي يظهر أثرها على الجوارح؛ بأنّها: المعرفة العليا، حيث قال عليه السلام: “أوضع العلم: ما وقف على اللسان، وأرفعه: ما ظهر في الجوارح والأركان”18.
________________________________________
16- الشريف الرضي، نهج البلاغة، م.س، ج2، الخطبة189، ص128-129.
17- الحرّاني، تحف العقول، م.س، ص20.
18- الشريف الرضي، نهج البلاغة، م.س، ج4، الحكمة92، ص20.

6- الاستغفار من التقصير:
ينبغي على الإنسان بعد الإقرار والاعتراف بالذنوب، أن يُذعِنَ بضرورة تدارك الذنب من خلال الاستغفار؛ أي الطلب من الله بأن يغفر له هذه الذنوب.
ولا بدّ من المداومة على الاستغفار، ولا سيّما عند ارتكاب الذنب:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “طوبى لمن وُجِدَ في صحيفة عمله يوم القيامة تحت كلّ ذنب: أستغفر الله”19.

7- حسن الظنّ بالله:
المراد من الظنّ ما نتوقّعه ممَّن يمتاز بصفة الرحمة والرحيميّة (الرحمن الرحيم)، والكرم بالخصوص. ولذا، كان النداء: يا كريم، ليس ظنّنا بك أن تعذِّب من كان حاملاً لهذه الصفات، ولا هذا ما أخبرتنا به في كتابك؛ من سعة رحمتك، وعدلك.
روي عن الإمام الصادق عليه السلام: “يُؤتَى بعبد يوم القيامة ظالم لنفسه، فيقول الله ألم آمرك بطاعتي؟ ألم أنهك عن معصيتي؟ فيقول: بلى يا رب، ولكن غلبت عليّ شهوتي، فإن تعذّبني؛ فبذنبي لم تظلمني، فيأمر الله به إلى النار، فيقول: ما كان هذا ظنّي بك، فيقول: ما كان ظنّك بي؟ قال: كان ظنّي بك، أحسن الظنّ، فيأمر الله به إلى الجنّة، فيقول الله تبارك وتعالى: لقد نفعك حسن ظنّك بي الساعة”20.
________________________________________
19- الطبرسي، مكارم الأخلاق، م.س، ص313.
20- البرقي، أحمد بن محمد بن خالد: المحاسن، تصحيح وتعليق جلال الدين الحسيني، لاط، طهران، 1370هـ.ق/ 1330هـ.ش، ثواب من بلغه ثواب…، ح4، ص25-26.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...