الرئيسية / كلامكم نور / دراسات في نهج البلاغة

دراسات في نهج البلاغة

تواضع الإمام عليه السلام وزهده

يقول عليه السلام في رسالته لعامله على البصرة: “أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً
________________________________________31- راجع: شرح نهج البلاغة, ابن أبي الحديد, ج 1, ص 20, 21.
32- راجع: تاريخ الطبري، ج2، ص 197.
33- نهج البلاغة, ج 2, ص 2.

يَقْتَدِي بِهِ وَيَسْتَضِي‏ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ. أَلَا وَإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ، أَلَا وَإِنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ وَلَكِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ، فَوَاللهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً وَلَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً “34 ,35

وقد ثبت من زهده أنّه لم يحفل بالدنيا ولا الرياسة فيها حيث عكف على تغسيل رسول الله وتجهيزه والقوم مشغولون في سقيفة بني ساعدة. وقد شهد النبي ّصلى الله عليه وآله وسلم بزهده ففي حديث عمّار: “يا عليّ، إنّ الله قد زيّنك بزينة لم يُزيّن العباد بزينة أحبّ إلى الله منها، زيّنك بالزهد في الدنيا، وجعلك لا ترزأ36 منها شيئاً، ولا ترزأ منك شيئاً، ووهب لك حبّ المساكين، فجعلك ترضى بهم أتباعاً، ويرضون بك إماماً، فطوبى لمن أحبّك وصدّق فيك”37.

وروي عن الإمام عليّ عليه السلام حين مدحه قوم في وجهه: “اللّهمّ إنّك أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللّهمّ اجعلنا خيراً ممّا يظنون، واغفر لنا ما لا يعلمون”38.

محبّة الإمام عليّ عليه السلام

دلّت الأخبار الشريفة على أنّ محبّة عليّ عليه السلام جزء من الإيمان وأنّه لا يُحبّه إلّا مؤمن ولا يُبغضه إلّا منافق، ويقول أيضاً عليه السلام:”لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يُبغضني ما أبغضني. ولو صببت الدنيا بجمانها على المنافق على أن يُحبّني ما أحبّني. وذلك أنّه قضى فانقضى على لسان
________________________________________
34- الطمر: الثوب القديم.
35- نهج البلاغة, ج 3, ص 70 – 71.
36- أي لا تأخذ ولا تنال.
37- الأمالي، الطوسي، ص 181.
38- نهج البلاغة, ج 4, ص 22.

النبيّ الأمي ّصلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “يا عليّ لا يُبغضك مؤمن ولا يُحبّك منافق”39.

وكان في علم الإمام عليه السلام أنّ بعض الناس سوف يُحبّونه حبّاً زائداً حتّى يعبدوه، بينما بعضهم الآخر سيُبغضونه حتّى يسبّوه، فأمر عليه السلام شيعته أن يسلكوا الطريق الوسط في محبّته حتّى لا يهلكوا.

يقول عليه السلام: “وسيهلك فيَّ صنفان: محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ، ومبغض مفرط يذهب به البغض إلى غير الحقّ، وخير الناس فيَّ حالاً النمط الأوسط، فالزموه”40.

خلاصة الدرس

إنّ صفات وفضائل ومزايا أمير المؤمنين عليه السلام لا يُمكن الإحاطة بها وهو من لا يرقى إليه الطير ولا يبلغه السيل.

فهو أوّل الناس إسلاما وأكثرهم إيمانا وعلماً بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

إنّ العقل الّذي يحكم بنزاهة النبيّ وعصمته يحكم أيضاً ولنفس العلّة والسبب بنزاهة وعصمة الإمام عن كلّ قبيح وذلك لغرض هداية الناس، فكيف يهدي من لا يمتلك الهداية ولا يتّصف بها.

عُرف الإمام علي ّعليه السلام بعلمه وحسن رأيه وقضائه فهو باب مدينة علم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو العابد الزاهد المجاهد الشجاع الّذي لا يخاف في الله لومة لائم، وبدون محبّته لا يكتمل الإيمان، وهو الّذي لا يُبغضه مؤمن ولا يحبّه منافق.

________________________________________
39- م. س، النهج, ج 4, ص 13.
40- م. ن, ج 2, ص 8.

أســــــئـلـــة

1- كيف تصوِّر عصمة الإمام عليّ عليه السلام؟

2- تحدّث عن علم الإمام عليّ عليه السلام؟

3- اذكر وصفاً لعبادة الإمام عليّ عليه السلام؟

4- كيف تصوِّر جهاد الإمام عليّ عليه السلام وشجاعته؟

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...