الرئيسية / كلامكم نور / دراسات في نهج البلاغة

دراسات في نهج البلاغة

القرآن في نهج البلاغة

أهداف الدرس

1- أنْ يتعرّف الطالب إلى مقام القرآن.
2- أنْ يتبيّن العلاقة الخاصّة بين القرآن وأهل البيت عليهم السلام.
3- أنْ يتبيّن صفة القرآن وأنَّه أحسن الحديث.
4- أنْ يتعرّف إلى صفات المتّقين وعلاقتهم بالقرآن.

تمهيد

النور والفرقان والكتاب المبين وغيرها هي أسماء للقرآن في القرآن، القرآن الّذي هو بحر لا ينزف ومعينٌ لا ينضب وكلّ لا يتجزّأ، وجميع لا يتفرّق؛ يُشكّل بمجموعه الكتاب المبين الّذي يمثّل ﴿تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ﴾.

من هنا شكّل القرآن بستاناً لكلّ متذوّق في العلوم وطالب للمعالي، فنرى بعضا من هؤلاء استفاد منه في تفسير ظواهر كونيّة وآخر في بيان خصائص غذائيّة، وآخر في معرفة أخبار تاريخيّة غير محرّّفة، وهكذا..

فلكلّ متفنّن متقنٍ في العلوم نبعٌ اسمه القرآن ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾ و﴿شِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ﴾ و ﴿مَوْعِظَةً﴾.

وللقرآن عِدلٌ ما فارقوه وما فارقهم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “إنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض”1. والعترة متمثِّلة بأئمّة الهدى وأساطين الحقّ وأنوار الصدق أوّلهم سيف الإسلام وأسد الله وأسد رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام الّذي نرى في كلماته إشراقات إلهيّة تُبيّن لنا ما في القرآن من خزائن ولطائف ما
________________________________________
1- مسند أحمد، ج3، ص14.

كان ليطّلع عليها إلا شخص ارتبط بالوحي وتنسّم ريح النبوّة، وإلى بعض هذه الإشراقات سنُشير في فقرات درسنا التالية.

أهل البيت عليهم السلام عِدل القرآن

يقول أمير المؤمنين عليه السلام عن أهل بيت النبوّة عليهم السلام:”فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمن. إن نطقوا صدقوا، وإن صمتوا لم يُسبقوا”2.

إنّ حديث الثقلين وغيره من الأحاديث والروايات الشريفة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والعترة عليهم السلام، تؤكّد على خاصيّة الرابط بين القرآن وأهل البيت عليهم السلام، وخصوصيّة هذه العلاقة.

وإلى هذا الأمر يُشير أمير المؤمنين عليه السلام في حديثه، فأهل البيت عليهم السلام فيهم كرائم القرآن، يعني هم خير القرآن وبركة القرآن ورحمة القرآن وفضل القرآن، كلّ ذلك فيهم وبهم ويجري على أيديهم سلام الله عليهم، وما ذلك على الله عزّ وجلّ بعزيز فهم كنوز رحمته في عباده، وحجّته عليهم، وبركته فيهم، وبدونهم لا يُعرف الإسلام ولا يُعرف القرآن.

وفي الزيارة الجامعة، نقرأ:

“أنتم الصراط الأقوم ، وشهداء دار الفناء ، وشفعاء دار البقاء ، والرحمة الموصولة ، والأمانة المحفوظة ، والباب المبتلى به الناس ، من أتاكم نجى ، ومن لم يأتكم هلك، إلى الله تدعون، وعليه تدلّون، وبه تؤمنون، وله تُسلمون، وبأمره تعملون، وإلى سبيله ترشدون، وبقوله تحكمون”.

نحن في صلواتنا اليوميّة نقرأ عشر مرّات ﴿اهدِنــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ﴾ فهل هذا الصراط غير صراط محمّد وآل محمّد؟ صراط الله والأنبياء والصادقين

________________________________________
2- نهج البلاغة، ج2، ص44.

والمخلصين.. وبالتالي فمن دلّ على الله وأرشد إلى سبيله، دلّ على القرآن وأرشد إلى هديه.

فأهل البيت عليهم السلام كرائم القرآن وكنوز الرحمن، هم عدل القرآن، حيث إنّ القرآن فيه محكم ومتشابه، فلا بُدَّ من عالم فيه؛ يبيّن محكمه ومتشابهه، يقول تعالى:﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ﴾3.

ثمّ إنّه تعالى قال: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ 4 وقد عُلم أنّ أهل البيت هم من المطهّرين الّذين أذهب الله عنهم الرجس يقول عزّ وجلّ:﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾5.

فإن كان أحد من الخلق قد أُعطي المعرفة بالقرآن، فأهل البيت عليهم السلام أوّلهم , بتطهير الله لهم وكرامتهم عنده، على أنّ هذا العلم علم إلهيّ يجوز أن يُخفيه الله ويُظهره أنّا شاء.

عن بريد بن معاوية6 ، عن أحدهما عليهما السلام في قوله الله عزّ وجلّ: ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾7 “فرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الراسخين في العلم، قد علّمه الله عزّ وجلّ جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه، والّذين لا يعلمون تأويله(أي المؤمنون) إذا قال العالم فيهم بعلم،
________________________________________
3- سورة آل عمران، الآية: 7.
4- سورة الواقعة، الآيات: 77-79.
5- سورة الأحزاب الآية: 33.
6- وهو من حواريّي الإمامين الصادق والباقر عليهما السلام.
7- سورة آل عمران، الآية: 7.

فأجابهم الله بقوله ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾8 والقرآن خاصّ وعامّ ومحكم ومتشابه، وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه”9.

على أنّ الأحاديث في ذلك كثيرة فليراجع الجزء الثاني من كتاب الكافي للشيخ الكلينيّ (رض) لمزيد من الاطّلاع.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...