الرئيسية / من / طرائف الحكم / وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – ما الَّذِي مقته الله في المؤمنين؟

وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – ما الَّذِي مقته الله في المؤمنين؟

عرفنا أَنَّ سبب النزول كان يرتبط بالجهاد في سبيل الله، وفرار كثيرٍ من المؤمنين في غزوة أُحد، حيث لم يلتزموا بما التزموا به على أنفسهم، إِلَّا أَنَّ الآية المباركة يستفاد منها أَنَّها بصدد التوبيخ على أيّ تخلُّفٍ في الفعل عن القول، الأمر الَّذِي يعني: ضرورة أنْ يكون قولُ المؤمن توأمَ عمله، فيبقى ثابتاً في مواقفه، لا يتزلزل أو يحيد عمّا قاله والتزم به، ولا يُخلف وعده، أو ينقض بعهده، أو يتثاقل عن الخروج إِلَى ساحات الوغى نصرةً لدينه وإعزازاً لشريعته، وما إِلَى ذلك من أشباه هذه الالتزامات .

فكم وكم مراراً ضربنا على صدورنا، وأخذنا على عاتقنا في مجالس السّهر والسّمر، ولّبَّيْنا بالقول: لبَّيْك لبَّيْك، ولكن ما إنْ تحِنْ ساعةُ الجدّ حتى ترى كُعُوبَنا تضربُ برؤوسنا لسرعة الفرار من الواجب.

وما أبْعَدَ ما بين هؤلاء وبين سبعةٍ من فقراء الأنصار جاؤوا إِلَى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطلبوا منه أنْ يزوّدهم بما يمكّنهم من الاشتراك في الجهاد، فاعتذر منهم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعدم وجدانه ما يطلبون، فتوَلَّوا وأعينهم تفيضُ من الدمع، فعُرفوا بالبكائين، ونزل فيهم قوله تعالى: ﴿وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ﴾ .

فهؤلاء يحزنون ويتحسّرون ويتأسّفون على ما امتنع في حقّهم ولم يقدّم إليهم، والحال أَنَّ رغبتهم الحثيثة كانت على المضي إِلَى الجهاد وساحات الوغى، وهذا آية الإيمان، وعلامة الشوق إِلَى الخير، وإلى الله سبحانه وتعالى، وإلى إطاعة أوامره والاجتناب عن نواهيه. ويسبّب هذا الحزنُ دفعَ الإنسان ـ دائماً ـ إِلَى جهة الكمال .

شاهد أيضاً

وَزِدْنَاهُمْ هُدًى – الرفق في القرآن الكريم

نصُّ الموعظة القرآنية: خاطب الله سبحانه نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم قائلاً: ﴿فَبِمَا ...