الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / الشهيد عبدالستار أحمد العبيدي – 129 أبوصالح

الشهيد عبدالستار أحمد العبيدي – 129 أبوصالح

نفوس أبت الضيم، ورقاب رفضت الركوع، رجال استعدوا أن يدفعوا الثمن مهما كان باهظا، حتى لو كلف فقد الأحبة وبذل المهج، لأن في ذلك سلامة الدين، ورضى الباري عزّوجل، ومن أولئك الرجال الحاج عبدالستار الذي ولد في مدينة بغداد، الكرادة الشرقية، البوشجاع، عام 1949م، وسط أسرة مؤمنة فنشأ متدينًا غيورًا على إسلامه منذ نعومة أظفاره، يعلّم أقرانه الصلاة وفعل الخير.
عرف ملازمًا للمساجد والحسينيات، وهو من تلامذة ومقربي الشهيد الكبير الشيخ عارف البصري( )، حيث انتهل من فكره وجهاده الكثير.
انتمى إلى حزب الدعوة الإسلامية في أواخر الستينات من القرن الماضي، وكان متميزًا بالنشاط والحيوية، كثيرًا ما وقف ندًّا عنيدًا لأعداء الإسلام من شيوعيين وبعثيين، في محلته وأثناء دراسته المتوسطة والثانوية وفي كلية أصول الدين ببغداد الذي حاز فيها على شهادة الليسانس في عام 1979م ثم عمل موظفا في إحدى الدوائر الحكومية.
تشرف بحج بيت الله الحرام، وهناك قام بتكليف من حزب الدعوة الإسلامية بتوزيع المنشورات التي تدين نظام الجريمة في بغداد بما تقترفه من جرائم ضد المؤمنين من أبناء الشعب العراقي، وتؤيد ثورة الإمام الخميني قدس‌سره، ولكن اكتشف أمره من قبل أزلام المخابرات الصدامية فألقي عليه القبض فور وصوله بغداد…
شاء الله أن يحفظه من كيد أعدائه، فهاجر بعد مطاردة مستمرة من قبل المخابرات العراقية إلى سوريا، حيث تعرف هناك على الحاج أبي‌إبراهيم النعماني( ) الذي يقول عنه «كان من المؤمنين الرساليين العاملين، وقد تعرفت عليه وعلى سلوكه عندما عشنا معا في منزل واحد في سوريا بعدما عبرت الحدود مع أحد المؤمنين عن طريق حصيبة السورية وسجنا في دير الزور، بسبب عبورنا غير القانوني، فقد اتصل الحاج عبدالستار وسعى في إخراجنا من السجن بما يملك من علاقات واسعة، ثم سكنا معه في شقة كان قد استأجرها في الشام، ولم يكن معنا إلا قليلا من المال، ولذلك تكفل كل مصاريفنا، لكنه لم يستيقظ في أحد الأيام كعادته لشراء الفطور، فعلمنا أن أمواله قد نفدت عندما قال اليوم أنتم تشترون الفطور؟!.
وعن أخلاقه وعبادته يتحدث الحاج أبو إبراهيم النعماني فيقول «لقد اكتسب من الأئمة الكثير، فقد امتاز بخلق رفيع وكان صدوقا لا يعرف الكذب حتى في مواطن المزاح، كان ملتزما بنافلة الليل وكأنها واجبة عليه وملتزما بقراءة القرآن والأدعية المأثورة عن الأئمة الأطهار عليهم السلام وكان يسعى دائما لقضاء حوائج إخوته المؤمنين.
لم يكن هدف الحاج عبدالستار العيش بمكان آمن خال من أجهزة النظام الصدامي فقط، بل كان هدفه أكبر وأسمى من ذلك كما قال الحاج أبو إبراهيم النعماني «كان يعارض من يحاول الذهاب إلى الغرب قائلا من الواجب علينا حمل السلاح والسعي إلى مقاومة نظام الرذيلة في بغداد، عملا بفتوى الشهيد محمدباقر الصدر قدس‌سره( )، لهذا قررنا الهجرة إلى الجمهورية الإسلامية في إيران.
عن عبادته وتقواه، تقول زوجته « كنت أستيقظ من النوم على بكائه أثناء تأديته لنافلة الليل. كان دائما على وضوء. وكان على خلق رفيع فكان يشكرني على أبسط واجب أقدمه له بكلمات طيبة مثل أجملت وأكملت وبوركت وجزاك الله خير الجزاء.
التحق بقوات الشهيد الصدر( ) في أوائل تأسيسها ثم عمل في جريدة الجهاد التي تصدر عن الدائرة الإعلامية لحزب الدعوة الإسلامية.
كان من الأوائل الذين شكلوا النواة الأولى لقوات بدر، فقد التحق بدورتها الأولى — دورة المرجع الشهيد محمدباقر الصدر — بتاريخ 20/02/1983م، وشارك معها القوات في عدة واجبات جهادية، ثم اختير مرشدًا وأستاذًا ومربيًّا في معاونية التعليم العقائدي، فكان ناجحًا في إيصال الأفكار الأصيلة إلى مخاطبيه وتلامذته فخرّج جيلًا واعيًا، وكان هدوءه وسكينته وتقواه وسلوكه العملي أشد تأثيرًا في روحية الشباب وسلوكهم.
كلف بواجب مع أخوته من مجاهدي بدر في هور الحويزة، وكان ضمن فوج الشهيد الصدر، فشارك معهم في عدة مأموريات وواجبات جهادية.
وعن تلك الأيام يقول الحاج أبوإبراهيم النعماني «عمل الحاج أبوصالح في جريدة الجهاد، وعندما زاره المجاهدون قال لهم أنا مستوحش هنا وسألتحق بكم عما قريب، فالتحق بهم في هور الحويزة.
استقر مع أحد الفصائل في منطقة أبوصخير( )، ثم أراد الفوج الاستقرار في مناطق سيسون( ) وسبل الكسر( ) وشط الدوب، فأرسل مجموعة استطلاعية من وحدة الاستخبارات لاستطلاع تلك المناطق، فاكتشف أن المنطقة خالية من تواجد البعثيين، فتم الاتصال بفوج الشهيد الصدر، فتحرك الحاج أبوصالح برفقة مجموعة من المجاهدين، يتبعهم زورق آخر، يحملون قطع الفلين، لعمل قواعد ومقرات في تلك المناطق، لكنهم فوجئوا بإطلاق نار من قبل كمين نصبه المجرمون مما يسمون بفرسان الهور( )، فاستشهد بتاريخ 18/03/1985م ورجعت روحه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية.
شيع على أكتاف إخوته المجاهدين في مدينة قم المقدسة، ودفن في مقبرة الشهداء( )
من وصيته رحمه‌الله إلى زوجته: زوجتي العزيزة أوصيك ببعض الوصايا لعلها تنفعك في الدنيا والآخرة، أوصيك أولًا بتقوى الله، عزيزتي، إن سمعتي نبأ استشهادي فأرجو منك أن لا تحزني لأني سوف أشفع لك يوم القيامة، إن رزقني الله ووفقني للشفاعة إن شاء الله.
عزيزتي، أرجو أن تهتمي بتربية الطفلتين العزيزتين تقى وزينب تربية إسلامية، وأن تغذيهما حب النبي صلّى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة الأطهار عليهم‌السلام، وأن تتولي أنت بنفسك تربيتهما، كذلك أرجو منك يا عزيزتي، إذا رجعت إلى العراق إن شاء الله أن تزوري والدتي في الكرادة الشرقية البوشجاع، لعلها تتسلى بطفلتي تقى وزينب، وأن تزوريها دائمًا مع الطفلتين العزيزتين… سلامي إلى جميع الأهل والأقرباء في العراق.

000
سلام عليك أنت أيها الراحل الكبير وسلام على جميع شهداء الإسلام.

شاهد أيضاً

قصيدة تلقى قبل أذان الصبح في حضرة الإمام الحسين عليه السلام في شهر رمضان المبارك

  أشرب الماءَ وعجّل قبل َأن يأتي الصباح  أشربَ الماءَ هنيئا أنهُ ماءٌ مباح أشربَ ...