الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / الشهيد‌ عبد المحسن عبدالمجيد محسن العيداني – 128 أبومحمد البصري

الشهيد‌ عبد المحسن عبدالمجيد محسن العيداني – 128 أبومحمد البصري

في مدينة التضحية والفداء، مدينة الدم والشهداء، البصرة الفيحاء كان مولده عام 1949م في محلة الطويسة لأسرة مؤمنة ملتزمة بتعاليم الدين غذته على حب النبي وآله الأطهار.
لم يكن له حظ في الدراسة إلا الابتدائية واتجه بعدها للعمل شعورًا منه بوجوب مساعدة والده لتهيئة العيش الكريم لأسرته فعمل نجارًا في شركة الموانئ العراقية، وامتاز بعلاقاته الطيبة مع الموظفين والعمال وكانت له علاقات خاصة بالمؤمنين في الشركة وخارجها.
لنشاطانه في توعية الشباب وتوزيع الكتب الاسلامية والمنشورات لفضح شعارات حزب البعث، أخذت الأجهزة القمعية الصدامية بمتابعته وإلقاء القبض عليه فبقي ثلاثة أشهر رهن الإعتقال لاقى خلاله شتى صنوف التعذيب النفسي والجسدي ثم أنجاه الله.
زج في الحرب الخاسرة التي شنها صدام المقبور على الجمهورية الإسلامية بتاريخ 15/06/1983م فكان يتحين الفرص للخلاص منها، وحانت لحظة اتخاذ القرار الحاسم بترك جبهة الباطل المعتدية والخلاص من مآسي الحرب وتبعاتها وإثمها، تلك اللحظة التي لايوفق لها إلا القلة من الرجال أصحاب المواقف وكان ذلك في 15/08/1983م عندما ترك الخطوط الأمامية عابرًا حقول الألغام والأسلاك الشائكة، ليصل بعد ساعات إلى قوات الجمهورية الإسلامية، فنقل من هناك إلى مدينة كرج الواقعة غرب العاصمة طهران حيث محل إسكان اللاجئين العراقيين.
لم يكن هدفه الراحة والدعة، وهو الذي ترك عشرات الآلاف من أبناء شعبه يرزحون تحت سياط التعذيب البعثية في زنزانات مظلمة، وقد كان بإمكانه اللجوء إلى الدول الغربية أو العيش في طهران والمدن الإيرانية بهدوء بعيدًا عن طريق المخاطر والصعاب كما فعل الكثير، لكنه اتخذ قرار الجهاد.
التحق بمجاهدي بدر بتاريخ 25/12/1983م ضمن الدورة الخامسة لتلك القوات — دورة الشهيد أبي‌علي الأمير، بعد انتهاء الدورة شارك في واجب جهادي على أطراف الأهوار ثم نسب إلى فوج الشهيد الصدر واشترك مع مجاهدي ذلك الفوج للاندفاع داخل هور الحويزة والسيطرة على العديد من المناطق والممرات المائية؛ منها ممر باب الهوى( ) وبرگة سيد نور( ) وممر البرمائية( ) وسبل الكسر( ) وكل تلك المناطق والممرات في الجانب العراقي لهور الحويزة.
اتخذ المجاهدون نقاطًا لهم في مفارق الطرق والنقاط المهمة وسيطروا على حركة العدو في تلك المنطقة.
امتاز أبومحمد البصري بإخلاصه وتفانيه وأخلاقه العالية وتواضعه لإخوانه المجاهدين، لهذا أحبوه كثيرًا وكان يحظى بمكانة خاصة بينهم.
كان يتذكر أحبته وأهله في العراق ويقول «كان يعز عليّ تركهم وخصوصًا أبنائي الصغار، في وقت هم أحوج ما يكون لأب يرعاهم، ولكن الواجب حتم عليّ ذلك، فالدين والواجب الشرعي أعز على الإنسان من كل شيء خصوصًا إذا ابتلي بما ابتلى به أهل العراق من حاكم ظالم معتد…( ).
بعد سنة وأشهر قضاها أبومحمد في هور الحويزة اشترك مع سرية من فوج الشهيد الصدر بعملية نوعية هدفها تحرير مخفر الترابة المهم الذي كان يشرف على كل المناطق والممرات المائية لهور الحويزة فكان يعرقل ويزعج حركة المجاهدين. كان على البصري ومجموعة الغواصين معه البدء بالهجوم والصولة على مواقع العدو، فبعملية نوعية من حيث الدقة وسرعة العمل استطاعوا تدمير تلك القوات والسيطرة على النقاط التي تهاوت مع صيحات الله أكبر التي انطلقت من حناجرهم، وفي تلك الأثناء أصيب أبومحمد بإطلاقة في كتفه، فخرّ شهيدًا بعد أن أبلى بلاءًا حسنًا بتاريخ 11/03/1985م، وعرجت روحه إلى بارئها، لترافق أرواح النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
شيع على أكتاف الآلاف إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء في مدينة قم المقدسة( ).
من وصيته رحمه‌الله: بسم الله الرحمن الرحيم
﴿﴾ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ﴿﴾( ) .
الحمد لله الذي وعدنا بأن يستخلف الأرض لعباده الصالحين. اللهم صل على محمد وآل محمد الذين أرسلوا رحمة للعالمين. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين عليه‌السلام.
السلام على الإمام الهمام القائد المقدام الحجة بن الحسن عجل‌الله‌فرجه وسهل مخرجه.
السلام على السيد الخميني حفظه الله وأمد في عمره.
أوصيكم إخواني المجاهدين يا أنصار أبي‌عبدالله الحسين، أوصيكم بتقوى الله وطاعة ولاة الأمر والمسؤولين أيدهم الله ونصرهم. وأوصيكم بأن لاتنسوا إخوانكم الذين يعيشون في ظلمات السجون وأخواتكم اللواتي تسلط عليهن أخبث خلق الله وأسوؤهم أخلاقًا ومعاملة.
إن الإنسان الشريف لايسمح لنفسه بأن يسمع إذاعة المفسدين، فكيف بكم يا أهل الشيم والأخلاق وأعراضكم وشرفكم يدوس عليه أفسد الخلق وأقبحهم فعلًا وقولًا.
وأخيرًا، أتمنى أن يسود الإسلام كل بقاع الأرض ويظهر المهدي الموعود فيملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن ملأت ظلمًا وجورًا… والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سلام منا عليك ياأبامحمد يا من حملت الإسلام شعارًا وجسدته عملًا بإيمانك وأخلاقك وجهادك وسلام عليك يوم استشهدت ويوم تبعث حيًّا

شاهد أيضاً

قيادي بـ”أنصار الله” يكشف حقيقة المفاوضات السرية مع السعودية

شهدت الأسابيع الماضية تحليلات وتوقعات باقتراب الحرب في اليمن من نهايتها، وأن أطراف الأزمة ينتظرون ...