الرئيسية / من / طرائف الحكم / انّي معذّب من قومك مأة ألف – الشيخ عباس المعتقدي

انّي معذّب من قومك مأة ألف – الشيخ عباس المعتقدي

 قال الباقر (عليه السلام ) :أوحی الله عزّ وجلّ الی شعيب النّبی  ، انّی معذّب من قومک مأة ألف ، أربعين ألفاً من شرارهم و ستّين ألفاً من خيارهم ، فقال (عليه السلام ) يا ربّ هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار ؟ فأوحی الله عزأ وجلّ اليه : داهنو أهل المعاصی و لم يغضبوا لغضبی .(فروع الکافی ج۱ ص ۳۴۳ )

إن هذا الحدیث یدل علی وجوب الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر لأن التسامح و التساهل و المداهنة تجاه اهل المعاصی و اهل المنکر من اسباب غضب الله و سخطه و بالتالی نزول عذابه تبارک و تعالی علیهم. لأن المداهنة و التسامح بالنسبة الی اصحاب الجرائم و الفسق و الفجور فی المجتمعات البشریة و عدم المبالات بالنسبة الیهم فی حد نفسه هو ذنب کبیر و ورد فی حدیث عن امیر المؤمنین علی ابن ابی طالب (علیه السلام )

ما هو نصه :  (الراضی بفعل قوم کالداخل فیهم و لکل داخل فی الباطل  إثمان ، إثم العمل به و إثم الرضا به ) ففی القرآن الکریم و الأحادیث و صفحات التاریخ قد ورد قصص من الأقوام السابقین و ذلک فی عهد الأنبیاء العظام کقوم نوح ، قوم لوط ، قوم ثمود ( صالح ) ، قوم عاد ( هود ) ، قوم شعیب و أقوام أخری الذین أنزل علیهم العذاب المهین و الألیم لأجل عدم ایمانهم الی الله و الإستمرار بما کانوا علیه من الشرک و الضلالة و الطغیان و الفساد و الإستهزاء للأنبیاء و الرسل ، إن من دواعی ارسال الرسل هو الامر بالمعروف و النهی عن المنکر و ارشاد الناس الی ما هو مقصود من الخلقة من الهدایة و الایمان و التقرب  الی الله و الابتعاد عن الشیطان و التخلق بأخلاق الله و الأخلاق الحمیدة و ترک الأخلاق السیئة .فإذا ترک الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر کفریضة اجتماعیة و لا یبالی الناس بما یقوم به الآخرون فالمجرم لا یری أمامه مانعا و یشعر بنوع من الحریة المطلقة و یتجرء فی مواصلة الجریمة و الذنب .

أما اذا أمر بالمعروف و ینهی عن المنکر یومیا عدة مرات من قبل الآخرین فلا یری لنفسه أمانا حتی یواصل المنکر و یترک المعروف . ففی حدیث عن الامام محمد ابن علی الباقر ( علیه السلام )  یقول الامام : « إن الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر سبیل الأنبیاء و منهاج الصلحاء فریضة عظیمة تقام بها الفرائض و تؤمن المذاهب و تحل المکاسب و ترد المظالم و تعمر الأرض و ینتصف من الأعداء و یستقیم الأمر . » إضافة الی أن الله تبارک و تعالی قد أمرنا فی القرآن الکریم بالأمر بالمعروف و النهی عن المنکرفی بعض آیاته الشریفة .

إن فلسفة قیام الامام الحسین ابن علی (علیه السلام ) فی عام 61 من الهجرة و استشهاده و إستشهاد 72 من اصحابه و اهل بیته  هی القیام بهذه الفریضة الشرعیة و اصلاح أمة جده کما یشیر الیها فی بعض کلماته الشریفة قبیل خروجه عن المدینة المنورة و هو یقول ( … اللهم إنی أحب المعروف و أنکرالمنکر …)   و یقول فی وصیته الی أخیه محمد الحنفیة (… و أنی لم أخرج أشرا ولا بطرا و لا مفسدا و لا ظالما و إنما خرجت لطلب الإصلاح فی أمة جدی أرید أن آمر بالمعروف  أنهی عن المنکر  و أسیر بسیرة جدی و أبی علی ابن ابی طالب … ) و نشیر الی تکریم أیام ذکری استشهاد الامام الحسین ابن علی (ع ) بأنه قد أعلن فی ایران الاسلامیة فی خلال ایام تاسوعا و عاشورا أسبوع الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر و بعض المراکز و من جملتها القوة الإنتظامیة و الشرطة یقیمون بعض المراسیم و البرامج و لکنه علی رغم تأثیره فی المجتمع الایرانی لا بد لنا أن نقول بأن هذه الکمیة من الاهتمام بفریضة هامة کالامر بالمعروف و النهی عن المنکر لا یکفی و یجب أن یکون کل العام عام الأمر بالمعروف و النهی عن المنکر و یجب ایضا اعلان الوفاق العام فی المجتمع حتی یری

کل مسلم فی المجتمع من واجبه أن یامر بالمعروف و ینهی عن المنکر دون الإتکاء علی الحکومة و یجب علی قواة الشرطة و سلطة القضاء الحمایة عن الذین یقومون بواجبهم الاجتماعی ان شاء الله .أما  للأمر بالمعروف و النهی عن المنکر شروط و مراحل و یجب مراعتها عند الأمر و النهی ومن جملة شروطها التزام نفس الآمر بالمعروف و الناهی عن المنکر  بالعمل بالمعروف و ترک المنکر و الذی لا یلتزم نفسه بالمعروف و لا یبالی عن المنکر فلا أثر لأمره و لا لنهیه و قد ورد فی حدیث عن المعصوم : « کونوا دعاة للناس بغیر ألسنتکم » فالأنبیاء و الأولیا هم الذین یلتزمون بما یقولونه للناس قبله و لا یقولون ما لا یفعلون و قد نهی الله تبارک و تعالی فی القرآن الکریم عن القول بلا عمل و یقول تبارک و تعالی : « یا أیها الذین آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون کبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون » و فی حدیث عن الإمام أمیر المؤمنین علی ابن أبی طالب (علیه السلام ) یقول فی نهج البلاغة : « ألداعی بلا عمل کالرامِی بلا وتر »

شاهد أيضاً

طرائف الحكم ونوادر الاثار – اية الله السيد محمد الحيدري

09 طرائف الحكم ونوادر الاثار – اية الله السيد محمد الحيدري