الرئيسية / بحوث اسلامية / الاسئلة و الأجوبة » الإسراء والمعراج » يوم الإسراء والمعراج

الاسئلة و الأجوبة » الإسراء والمعراج » يوم الإسراء والمعراج

ام عباس / الكويتالسؤال: يوم الإسراء والمعراج

متى حدثت رحلة الإسراء والمعراج؟ حيث أنّ المشهور كونها في رجب، لكنّ ذلك التاريخ هو يوم المبعث؟
وقرأت في بعض الروايات: أنّ الإمام عليّ(عليه السلام) عندما سأل الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن تلك الرحلة؟ أجابه: يا عليّ! لمَ تسأل ألم تكن معي؟!
فهل كُشف للإمام عليّ(عليه السلام) فكان يرى كلّ ما يراه الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟
الجواب:
الأخت ام عباس المحترمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في (موسوعة التاريخ الإسلامي) لمحمّد هادي اليوسفي، قال:
تاريخ المعراج والإسراء: وفي تاريخ الإسراء: روى القطب الراوندي في (الخرائج والجرائح) عن عليّ(عليه السلام) أنّه: (لمّا كان بعد ثلاث سنين من مبعثه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أُسري به إلى بيت المقدس وعُرج به منه إلى السماء ليلة المعراج, فلمّا أصبح من ليلته حدّث قريشاً بخبر معراجه).
ومجموع ما نقله المجلسي في باب المعراج في تأريخه، كما يلي: ذكر خبر (الخرائج) ونقل عن (المناقب) عن ابن عبّاس أنّه: كان في شهر ربيع الأوّل بعد النبوّة بسنتين.
وفيه عن الواقدي والسدّي أنّه: كان قبل الهجرة بستّة أشهر، في السابع عشر من شهر رمضان.
وعن الواقدي أيضاً في (المنتقى) للكازروني قال: كان المسرى في ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان في السنة الثانية عشرة من النبوّة قبل الهجرة بثمانية عشر شهراً.
وفيه قيل: ليلة سبع عشرة من ربيع الأوّل قبل الهجرة بسنة, من شعب أبي طالب إلى بيت المقدس.
وقيل: ليلة سبع وعشرين من رجب.
وقيل: كان الإسراء قبل الهجرة بسنة وشهرين، وذلك سنة ثلاث وخمسين من عام الفيل.
وعن (العدد القوّية) قال: في ليلة إحدى وعشرين من رمضان قبل الهجرة بستّة أشهر كان الإسراء برسول الله.
وقيل: في السابع عشر من شهر رمضان ليلة السبت.
وقيل: ليلة الاثنين من شهر ربيع الأوّل بعد النبوّة بسنتين.
وفيه عن كتاب (التذكرة): في ليلة السابع والعشرين من رجب السنة الثانية من الهجرة كان الإسراء.

فالاختلاف من سنة بعد البعثة إلى سنتين بعد الهجرة! ويبدو أنّ الراجح من هذه الأقوال والروايات هو رواية الراوندي عن عليّ(عليه السلام), فلننظر في سائر المرجّحات:
أمّا سورة النجم فإنّها نزلت بعد اثنتين أو ثلاث وعشرين سورة, وقد نزل بعدها أربع وستّون سورة في مكّة، فالطبيعي أن تكون قد نزلت في ما بين الثُلثين الأوّل والثاني من العشر سنين مدّة التنزيل بمكّة قبل الهجرة, أي في نهاية السنة الثالثة، أو بدايات العام الرابع من تلك المدّة.
إلاّ أنّه يمكن القول بأنّ السور الأوائل من القصار المفصّلات, بينما ما يليها من المئين والمثاني المطوّلات, فمن المحتمل أن تكون السور العشرون الأوائل نازلة في السنة الأولى من تلك المدّة, والسور الستّون البواقي نازلة في السنين التسع البواقي, وعليه فيكون المعراج ونزول سورته في أواخر السنة الأولى من تلك المدّة.
وقد مرّ في خبر القمّي في تفسيره: أنّ إسماعيل الملك سأل جبرئيل: من هذا معك؟ فقال: محمّد. قال: أوَ قد بُعث؟
قال: نعم، أو: أوَ قد أُرسل إليه؟
وإنّما يتناسب هذا التساؤل مع أوائل البعثة بالنبوّة، أو الرسالة والتنزيل عليه, لا بعد ذلك بكثير, فضلاً عمّا بعد الهجرة.

ومع الالتفات إلى التفريق بين البعثة بالنبوّة والرسالة ينتفي الخلاف بين عمدة الأقوال: السنة الثانية والخامسة, فالثانية من الرسالة والتنزيل هي الخامسة من البعثة بالنبوّة, لا سيّما وأنّ رواية السنة الثانية تنتهي إلى ابن عبّاس، وهو المعروف بالقول بنزول القرآن في عشر سنين, فكأنّه لا يحسب الثلاث سنوات الأولى؛ لاعتبار أنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّما أُمر بالإنذار بعدها.
وابن عبّاس أدرك مدّة قصيرة من حياة الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولم يكن معه حين معراجه حتّى يكون شاهداً بتأريخه, فلا بدّ أنّه نقله من شخص آخر لم يذكره, فهو نقل تأريخي لم يذكر المصدر فيه؛ فلا قيمة له عند التحقيق, لولا أنّا نعلم أنّ أكثر علم ابن عبّاس هو من علم عليّ(عليه السلام), فيبدو أنّه ينقله عنه(عليه السلام), إلاّ أنّ النقل اختلف عنهما بين الاثنين والثلاث.. ولعلّ الذين أرّخوا المعراج بعام ونصف، أو بخمسة عشر شهراً بعد مبعثه، أو بعد البعثة بستّة عشر شهراً أخذوا السنتين عن ابن عبّاس واجتهدوا فيها بالمداقّة في شهورها مختلفين.

ولعلّ من أقوى ما يدلّ على تاريخ المعراج بأوائل السنة الخامسة: ما مرّ من إثبات ميلاد فاطمة الزهراء(عليها السلام) في السنة الخامسة من النبوّة, بالإضافة إلى ما روى عن الإمام الصادق(عليه السلام) وابن عبّاس، وسعد بن مالك، وسعد بن أبي وقّاص، وعائشة: أنّها إذ عاتبته على كثرة تقبيله لا بنته الزهراء قال لها: (يا عائشة! لمّا أُسري بي إلى السماء أدخلني جبرئيل الجنّة, فناولني منها تفّاحة, فأكلتها, فصارت نطفة في صلبي, ففاطمة من تلك النطفة, ففاطمة حوراء إنسية, وكلّما اشتقت إلى الجنّة قبّلتها).
وقد علم ممّا مرّ أنّ فاطمة ولدت بعد البعثة بخمس سنين، أي في السنة الثانية من الرسالة والتنزيل – وهو محمل قول الشيخ المفيد ومن قال بولادتها في السنة الثانية – وإذا كان ظهور نطفة فاطمة واستقرارها في موضعها طبيعياً اقتضى أن يكون المعراج قبل ذلك بأكثر من تسعة أشهر ولا أقلّ منها, ولكن لا يدرى هل هي من المعراج الأوّل أو الثاني؟ فلو كانت من الأوّل اقتضى ذلك ترجيح القول الأوّل بأنّ المعراج كان بعد سنة من الرسالة, ليكون ميلاد الصدّيقة في السنة الثانية.
وبما أنّ التاريخ بسنة البعثة بالنبوّة لا السنة العربية بدءاً بمحرّم, فالحساب من شهر شعبان – بعد البعثة في أواخر شهر رجب – وعليه فيترجّح القول بكون المعراج الأوّل في شهر رمضان، ولعلّه في إحدى ليالي القدر: التاسع عشر أو الحادي والعشرين، كما مرّ عن (العدد القوّية)، وكما مرّ عن (المنتقى) عن الواقدي, وعن (المناقب) عن الواقدي والسدّي.
وبعد تسعة أشهر من شهر رمضان يكون شهر جمادى الثانية ميلاد الصدّيقة(عليها السلام). وفي شهر رجب بعد الجمادى الثانية تنتهي السنة الثانية للرسالة والخامسة للنبوّة.
وعليه فيكون ما في (الخرائج) عن عليّ(عليه السلام) من تاريخ المعراج بالسنة الثالثة تاريخاً للإسراء والمعراج الثاني, فإمّا كذلك في شهر رمضان أيضاً، أو في شهر ربيع الأوّل في ليلة السابع عشر منه، أي ميلاد الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كما عن (الإقبال)، ومرّ عن (العدد القوّية) و(المنتقى)، وعن (المناقب) عن ابن عبّاس.

أمّا إذا افترضنا ميلاد الزهراء(عليها السلام) بعد الإسراء والمعراج الثاني, وافترضنا ما في (الخرائج) عن عليّ(عليه السلام) تاريخاً له – أي للثاني – فإنّ ميلاد الزهراء سيكون في السنة الثالثة من الرسالة والسادسة من النبوّة, ممّا لا يتّفق مع القول المعوّل عليه والروايات المعتمدة.
وكذلك أيضاً إذا افترضنا السنة الثالثة تأريخاً للمعراج الأوّل.
اللّهمّ إلاّ أن نقول بتأخير الولادة عن الإسراء والمعراج إلى السنة الخامسة من الرسالة, أي بعد سنتين من المعراج في السنة الثالثة.. ولكنّه خلاف ظاهر الأخبار.
نعم، إلاّ أن نقول بأنّ الإسراء والمعراج الثاني كان في السنة الخامسة من الرسالة، والولادة بعدها فيها كذلك.. ولكن هذا يقتضي أن يكون عمر الصدّيقة حين الهجرة خمس سنين وحين الزواج ستّ سنين! ممّا لم يقل به أحد، ولا يعقل.
فنرجع إلى ترجيح كونها من المعراج الأوّل وميلادها بعده، كما مرّ, وبما أنّ ذلك لم يتّفق ذلك مع كون المعراج الأوّل في السنة الثالثة من الرسالة، كما مرّ آنفاً, فليكن ذلك تأريخاً للإسراء والمعراج الثاني.

ويبقى أنّنا لو رجّحنا أن تكون السنة الثالثة – في ما رواه (الخرائج) عن عليّ(عليه السلام)- تأريخاً للإسراء والمعراج الثاني, فهنا إشكالان:
الأوّل: أنّ الخبر بصدد بيان ما يتعلّق بالمعراج بالتفصيل, فلماذا لم يبيّن بل لم يشر إلى المعراج الأوّل السابق – أو الآخر اللاحق – لا من قريب ولا من بعيد؟ وكذلك أكثر أخبار الإسراء والمعراج.

الثاني: أنّنا لو رجّحنا القول بكون الإسراء والمعراج الثاني في السنة الخامسة من الرسالة كان ذلك منسجماً مع كون سورة الإسراء السورة الخمسين في ترتيب النزول, ونزل في الخمس سنين بعدها زهاء ثلاثين سورة من المئين أو المثاني المطوّلات نسبياً، بينما لو رجّحنا السنة الثالثة تأريخاً للإسراء والمعراج الثاني، استلزم أن يكون النازل في مدّة هذه السنين الثلاثة خمسين سورة, بينما النازل في السبع سنين البواقي ثلاثين سورة. اللّهمّ إلاّ أن يُلتزم بذلك بحجّة أنّ السور الأوائل قصار مفصّلات والبواقي مئين أو مثان مطوّلات نسبياً.
ولعلّ ممّا يؤيّد هذا: ما رواه السيوطي في (الدرّ المنثور) بإسناده عن عبد الله بن مسعود، قال عن سورة الإسراء ومريم والكهف: إنّهنّ من العتاق الأوّل، هذا وهو من المهاجرين إلى الحبشة, وهي كانت في السنة الخامسة.

والظاهر أنّ المقصود بالخامسة هي: الخامسة من النبوّة، لا الرسالة والتنزيل, أي: بعد الرسالة والتنزيل بعامين, ولكن حتّى لو كانت الخامسة من الرسالة، فإنّ ظاهر الخبر: أنّ سورة الإسراء كانت قد نزلت قبل الهجرة إلى الحبشة بمدّة ليست بقصيرة بل طويلة(1).
ثمّ إنّ هناك أقوالاً تشير إلى أنّ الإمام عليّ(عليه السلام) كان يرى كلّ ما يراه رسول الله في المعراج، لم تتأكّد لنا صحّتها.
ودمتم في رعاية الله

(1) موسوعة التاريخ الإسلامي 1: 533 – 539.

شاهد أيضاً

الرئيس بري: العدو “الإسرائيلي” لا يفهم سوى لغة المقاومة

أكّد رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّه “ليس هناك من لغة يفهمها العدو “الإسرائيلي” إلّا ...