الرئيسية / تقاريـــر / أهداف إعلان البنتاغون عن تكلفة الحرب والنتائج المرتقبة

أهداف إعلان البنتاغون عن تكلفة الحرب والنتائج المرتقبة

حمل إعلان البنتاغون عن تكلفة الحرب التي يشنّها التحالف الدولي بقيادة واشنطن على تنظيم داعش الإرهابي دلالات عدّة، اذ لم يكن الإعلان الأمريكي عن “تكلفة الحرب” عرض أرقام فقط، بل هناك أسباب مختلفة دفعت بوزارة الدفاع الأمريكية للإعلان عن هذا الموضوع، فما هي أهداف إعلان البنتاغون عن التكلفة التفصيلية للحرب في هذا الوقت تحديداً؟ وما هي النتائج المرتقبة؟

أشار إعلان البنتاغون الذي نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، الجمعة، إلى أن “الولايات المتحدة أنفقت أكثر من ٢.٧ مليار دولار في الحرب على تنظيم داعش في العراق وسوريا، منذ العام الماضي”، موضحةً أن “متوسط الكلفة اليومية بلغ تسعة ملايين دولار”. إلا أن وزارة الدفاع الأمريكية لم تكتف هذه المرّة بالكشف عن التكلفة الإجمالية للحرب فحسب، بل نشرت تفاصيل التكلفة، مشيرةً إلى أن “التفاصيل أظهرت أن القوة الجوية أخذت ثلثي مجموع الإنفاقات، أو ما يعادل ١.٨ مليار دولار، فيما كلفت المعارك اليومية، وعمليات الاستطلاع والمهمات الأخرى خمسة ملايين دولار يومياً من التكلفة اليومية”.

أهداف

لطالما كان الإعلان الأمريكي عن تكلفة الحرب على تنظيم “داعش” بمثابة جرعة مؤقتة، تهدف لرفع سلسلة من الإتهامات لواشنطن بالتواطئ مع التنظيم الإرهابي، إلا أن الإعلان الحالي والذي تضمّن التفاصيل أيضا تقف خلفه أهداف عدّة أبرزها:

أولاً تسعى أمريكا من خلال هذا الإعلان لإستعادة الثقة التي تهاوت بشدّة من قبل المسؤولين والشعب العراقي في آن واحد، خاصةً أن العديد من الكتائب التي تحارب تنظيم داعش الإرهابي أعلنت تواطؤ واشنطن مع التنظيم الإرهابي، ورفضت حتى المشاركة في العمليات التي تشترك بها واشنطن.

ثانياً لا يمكن فصل هذا الإعلان عن تصريحات رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال مارتن ديمبسي أن “الولايات المتحدة تبحث تكرار تجربة قاعدة الأنبار الجديدة في محافظات عراقية أخرى”، الأمر الذي لاقى إعتراضاً عراقياً.

ثالثاً يعتبر الإعلان الأمريكي عن تكلفة الحرب في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي رسالة مباشرة للدولة العراقية، اذ ترى واشنطن أنه من واجب العراق أن يتحمّل تكلفة هذه الحرب التي تجري على أرضه، وبالتالي لا بد من إعطاء إمتيازات للأمريكيين إزاء “دعمهم” للعراق في وجه الجماعات التكفيرية.

رابعاً لأنه لا يمكن تجاهل هذه الأرقام الضخمة التي تضمّنتها تقارير البنتاغون في مرحلة الإنتصار على تنظيم داعش الإرهابي، تحاول أمريكا من خلال هذا الإعلان إبراز نفسها كمنقذ للعراق يقدّم “ميزانيات دول” خدمةً للعراق، وبالتالي تريد خطف أي نصر على التنظيم الإرهابي حتى لو سطّرته قوات الحشد الشعبي.

النتائج المرتقبة

لم يكن مؤتمر باريس الأخير حول تنظيم داعش الإرهابي عن المخطط الأمريكي ببعيد، بل تشكّل المحاور أو النتائج التي كانت تتوخاها واشنطن، ورفضها العبادي، العمود الفقري للمخطط الأمريكي الجديد. ويبدو واضحاً من خلال الأسباب المذكورة أعلاه أن المخطط الامريكي الحالي في العراق يتلخّص بعودة الجنود الامريكيين إلى العراق مجدّداً، أي “إحتلال ناعم”، وهذا ما ستسعى إليه واشنطن مستفيدةً من بعض الفرص المتاحة حالياً والتي أبرزها:

أولاً ضعف الحكومة العراقية الحالية بسبب الإنقسامات السياسية الموجودة، حيث ستسعى واشنطن للإستفادة من بعض الأدوات الداخلية العراقية التي تملك حظاً في التمثيل السياسي.

ثانياً مشروع تقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم (شيعي – سني – كردي)، الذي تقدّم به الكونغرس الأمريكي، و”أجّله أوباما” سيكون ورقة ضغط على الحكومة العراقية الحالية، في حال رفضت أي “إحتلال ناعم” للعراق.

ثالثاً دعم تنظيم داعش الإرهابي من تحت الطاولة كونه يتيح لواشنطن العودة إلى المنطقة من بابها الواسع وتحت شعار “المنقذ”، خاصةً أن داعش الإرهابي يعتبر الورقة الأقوى حالياً في وجه الحكومة العراقية نظراً لسيطرته على مساحات واسعة في البلاد.

رغم إمتلاك واشنطن- التي نهبت عشرات بل مئات أضعاف القيمة المعلنة حالياً-  للعديد من “أوراق القوّة”، إلا أن هناك العديد من نقاط الضعف أو التحديات التي تقف أمام تنفيذ مشروع “الإحتلال الناعم” أبرزها:

أولاً لم تكن تجربة الشعب العراقي على مختلف طوائفه “جيّدة” مع قوات الإحتلال الأمريكي، بل أدّت هذه التجربة المريرة إلى قتل عشرات الآلاف بعد تدمير العراق ونهب ثرواته.

ثانياً لن تقبل قوات الحشد الشعبي المسلحة، والتي تتألف من أكثر من مليوني مواطن عراقي، بإعادة إحتلال العراق من الأمريكيين، خاصةً أنها تتألف من العديد من التنظيمات التي حاربت القوات الأمريكية أثناء الإحتلال، إلا أنها إكتسبت اليوم مزيداً من الخبرات العديدة والعتاد في محاربة تنظيم داعش الإرهابي.

ثالثاً تشكّل الإنتصارات التي حقّقتها قوات الحشد الشعبي من ناحية، والدعم الإيراني الذي تكلّل بتحرير مختلف المناطق (جرف الصخر، آمرلي، الأنبار)، تشكّل عقبة أساسية أمام خطف الأمريكيين للنصر العراقي على التنظيم الإرهابي، وبالتالي يصعب إستثمار هذه النقطة في أي مرحلة مقبلة.

في الخلاصة، يتضح أن الهدف الرئيسي من الإعلان الامريكي الحالي عن التكلفة التفصيلية للحرب على تنظيم داعش الإرهابي هو “الإحتلال الناعم”، إلا أنه رغم وجود العديد من الفرص أمام هذا المشروع، تقف أمامه العديد من العقبات التي تعيق تنفيذه، لذلك يتوجّب على الشعب العراقي حالياً الوقوف بوجه مشاريع التقسيم التي ستكون بديلة لـ”الإحتلال الناعم”.

شاهد أيضاً

البنتاغون يعترف بإرسال قوات خاصة أمريكية إلى اليمن

أعلن البنتاغون،  الجمعة، عن وجود “عدد قليل” من عسكرييه في اليمن، تم إرسالهم إلى هناك ...