الرئيسية / اخبار العلماء / آية الله عيسى قاسم : قرار غلق «المجلس العلمائي» قديم اختارت السلطة توقيته لقطع الطريق على الحوار

آية الله عيسى قاسم : قرار غلق «المجلس العلمائي» قديم اختارت السلطة توقيته لقطع الطريق على الحوار

اعتبر الزعيم الديني في البحرين سماحة آية الله الشيخ عيسى قاسم  الجمعة ان الهدف من إغلاق “المجلس العلمائي” هو تعطيل حركة الدين على الأرض في البحرين و قال : إنه “لك أن تضحك لو كان الهدف من الحكم المتخذ من السلطة في حق المجلس الإسلامي العلمائي هو مصادرة النشاط الديني وتعطيل حركة الدين على الأرض في البحرين توصلاً للقضاء عليه ، فإن هذا ضربٌ من ضروب الخيال وتفكيرٌ من تفكير الأطفال أو المجانين”.

و اضاف آیة الله قاسم فی خطبة صلاة الجمعة التی اقیمت فی جامع “الإمام الصادق (ع)” بمنطقة “الدراز” ، إن الدین “أسقط کل محاولات الجبابرة وسلطات الجور فی الأرض من شرقٍ وغرب، دون أن تقضی علیه أو توقف عملیة تبلیغه والدعوة إلیه. وأبى علماء الأمة الأمناء على الدین الحق أن یلینوا لشیء من هذه المحاولات الیائسة العابثة وأستخفوّا بأهلها ووقفوا لها بالمرصاد مواصلین عملهم الرسالی فی أمانة واصرارٍ وقوة وإندفاع” . و أکد آیة الله قاسم انه “لک أن تبکی للسیاسة التی انطلق منها الحکم بإلغاء المجلس العلمائی لما هی علیه من واقع العبثیة الصارخة فی بلد الإسلام والإیمان والصلابة الإیمانیة، عبثیةٌ طالت کل المقدسات ونالت بسخفها کل حرمة، طالت الأموال والدماء والأعراض والقرآن والمسجد والحسینیة والموقع الرئیس لتبلیغ دین الله سبحانه فی هذا الوطن، ولم ترعَ حقاً ولم تعرض قیمة لأی مقدس” .

 

وفیما یلی نص الخطبة الثانیة لسماحته :
لک أن تضحک.. لک أن تبکی :
لک أن تضحک لو کان الهدف من الحکم المتخذ من السلطة فی حق المجلس الإسلامی العلمائی هو مصادرة النشاط الدینی وتعطیل حرکة الدین على الأرض فی البحرین توصلاً للقضاء علیه، فإن هذا ضربٌ من ضروب الخیال وتفکیرٌ من تفکیر الأطفال أو المجانین . وهنا هتف جموع المصلین : الله أکبر.. النصر للإسلام.. معکم معکم یا علماء .

 
أسقط الدین کل محاولات الجبابرة وسلطات الجور فی الأرض من شرقٍ وغرب، دون أن تقضی علیه أو توقف عملیة تبلیغه والدعوة إلیه. وأبى علماء الأمة الأمناء على الدین الحق أن یلینوا لشیء من هذه المحاولات الیائسة العابثة وأستخفوّا بأهلها ووقفوا لها بالمرصاد مواصلین عملهم الرسالی فی أمانة واصرارٍ وقوة وإندفاع.

 
ولک أن تبکی للسیاسة التی انطلق منها الحکم بإلغاء المجلس العلمائی لما هی علیه من واقع العبثیة الصارخة فی بلد الإسلام والإیمان والصلابة الإیمانیة، عبثیةٌ طالت کل المقدسات ونالت بسخفها کل حرمة، طالت الأموال والدماء والأعراض والقرآن والمسجد والحسینیة والموقع الرئیس لتبلیغ دین الله سبحانه فی هذا الوطن، ولم ترعَ حقاً ولم تعرض قیمة لأی مقدس . وأقول لکم، إن غلق المجلس العلمائی قرارٌ قدیم، ومنذ أن فرض على الأرض ولادته على خلاف ارادة السلطة التی أیقنت من وعیه وإیمانه وصدقه وإخلاصه لإسلامه ووطنه أنه لا یوافق سیاستها . هذا القرار قدیم، وقد اُختیر لإعلانه هذا التوقیت الخاص محاولة لقطع الطریق على دعوة حوارٍ قد تفضی بمقتضى نوع الظروف القائمة إلى إصلاح مطلوبٍ لسلامة الوطن .

 

وطال التشبث فی محاولة إیجاد مخرجٍ شکلی لحل المجلس بعدم شرعیته القانونیة لعدم استناده لإجازة من الجهة الرسمیة، ونحن لا نناقش هذا التشبث بما یقرره الدستور المعتمد من قبل السلطة نفسها من حق الحریة الدینیة وشعائر الدین، لأننا سواءٌ قرر الدستور ذلک أو لم یقرره فلا تنازل منّا أبداً عن دیننا الحق –أفرض أن الدستور یمنع تبلیغ الدین، هل سنمتثل؟ طبیعی لا..-، ولا توقف لنا عن الأخذ به على أذنه. لا ننتظر أذنه ولا نمتنع لمنعه.
ولا شأن لنا بتجویز دساتیر الأرض کل الأرض ومنعها لدین الله بعد تلّقی الأمر الإلهی به وما یدفع إلى امتثاله من منطق العقل وهدى الفطرة، ومتى احتاج دین الله إلى أذن أو إجازة من سلطات الأرض حتى تحتاج ذلک شرعیة مؤسسة من مؤسساته وعملیة تبلیغه والدعوة إلیه والتبصیر بمفاهیمه ورؤاه ومقتضیاته والتربیة للمجتمعات على أحکامه وأخلاقه والدفع فی اتجاه التمسک به؟ کما أن الدین لا یحتاج إلى أذن فکل ما فیه خدمة الدین وکل ما یوجبه الدین لا یمکن أن یتوقف عند المسلم الحق على أذن أهل الأرض . وهنا هتف جموع المصلین : لن نرکع إلا الله.
ومتى أعتمدت الشعائر والواجبات الدینیة فی هذا البلد على الضوء الأخضر من السلطة؟ وانتظرت اذنها؟ أو توقفت لمنعها؟.. منعت فی یومٍ من الأیام کل مظاهر المذهب، وبقی المذهب واستمر برغم کل الظروف حتى فرضت هذه الشعائر نفسها. ومتى اعتمدت الشعائر والواجبات الدینیة فی هذا البلد على الضوء الأخضر من السلطة وانتظرت إذنها أو توقفت لمنعها حتى تأتی المحاولة بعد المحاولة لفرض الهیمنة على الدین وتبعیته للقرار السیاسی وهوى السیاسة؟

 
وإنه للأمر الذی یأباه الوعی الدینی لهذا الشعب وتمسکه بالعروة الوثقى لدینه.. ویکفینا دین الله حجة ومرجعاً ومستنداً ولن نحتاج للاحتجاج بقانونٍ ولا دستور وإن کان الدستور مع الحریة الدینیة وحق التعبیر عن الدین وممارسة شعائره . فلیس بعد دین الله من یُستفتى أو ما یستفتى فیما یجب أو یحرم، وما یجوز وما لا یجوز من کل أمور الحیاة وشؤون الأفراد والمجتمعات، ودین الله مع المجلس العلمائی والمؤسسات المماثلة ومع وجوبها فی الحالات التی لا یتم القیام بعملیة التبلیغ وبیان أحکام الشریعة وإیضاح العقیدة إلا بها . و واضحٌ کل الوضوح أن قضیة المجلس العلمائی قضیة دینٍ وشعب، والنیل منه نیلٌ من حقهما وحرمتهما وأن الحکم المتخذ ضده حکمٌ سیاسی طائفیٌ عدائیٌ بغیضٌ ترتکبه السلطة فی سیاق محاولات لا تنقطع لإحداث شرخٍ طائفی خطیر فی بناء هذا الشعب الکریم، ولإمتحان غیرة المؤمنین وإفساد أی محاولة فیها شمّة الاقتراب الأولی من قضیة الإصلاح. إنّ تغییب المجلس الإسلامی العلمائی الذی لن یغیب دوره، وستبقى عودته مطلباً ملّحاً ودائماً إلى نشاطه العلنی بإسمه الصریح، ولن ینساه الشعب والعلماء، إنما هو جزئیة من وضعٍ سیاسی فاسدٍ محتاجٍ بالضرورة للإصلاح . أما التعلّل فی غلق المجلس الإسلامی العلمائی والحکم الصادر بهذا الشأن بأن المجلس یشجع على العنف والإرهاب فذلک لشیءٍ واحد: منطلق ذلک أن السلطة ترى أن المطالبة السلمیة بالحقوق إرهابٌ وتعاقب علیه.
البحرین الأولى، البحرین الأخیرة:
تستطیع أن تقول بأن البحرین هی الأولى من بین ما أطلق علیه دول الربیع العربی، من حیث السبق الزمنی حراکاً سیاسیاً، وذلک بلِحاظ أنه بعد الدستور الجدید غیر المتوافق علیه والذی لم یؤخذ فیه رأی الشعب بدأت المطالبة بدستورٍ نابع من ارادة الشعب وموافقته ولم تعد حالة الهدوء الذی سبقته على حالها، وبدأ التحرک قبل العام الحادی عشر بعد الألفین بالتقویم المیلادی وهو عام الثورات العربیة والحراک العربی.

 
وبینما یمکن عدّ البحرین هی الأولى حراکاً سیاسیاً ومطالبةً عملیة من قبل الشعب بردّ الحقوق التی سلبتها السلطة فهی الأخیرة والتی لا زالت تمتنع من تقدیم أی استجابة فی الاصلاح من بین الدول الأخرى والتی أعطت السلطات فیها ما کان من تلک السلطات ما سقط وما جاء مکانه مباشرة وما زال على مکانه الأول لوناً وآخر من الاستجابة لعملیة التغییر، إلا أن البعض وهی السلطات التی أقبرت قد تأخرت بإستجابتها التی تبقیها لو جاءت مبکراً فی وقتها المناسب إلى ما بعد فوات الأوان.
حسنی مبارک أعطى تنازلات لکن بعد فوات الأوان.. زین العابدین بن علی أعطى تنازلات ولکن بعد فوات الأوان.. قذافی لیبیا بدأ یعطی لیناً إلا أنه بعد فوات الأوان..
لو استعرضنا بشکل سریع دول الربیع العربی کما یعبر عنها، وتونس شهدت ما شهدت من تغییرات متدرجة، أضطر فی آخرها الطرف الذی انتخبته الأکثریة برغم انتخاب الأکثریة له أن یعطی تنازلاً للطرف الآخر رضوخاً للغة الواقع.

لیبیا أسقطت نظام القذافی وصار شیئاً مما کان وانتهى، ولا زالت تعیش مخاضات صعبة إلى أن تنتهی إلى النتیجة التی تستقر عندها..

 
الیمن -ولن تستقر إلا بتوافق القوى الفاعلة القادرة کانت على حق أو على باطل- وصلت إلى صورة من التغییر الذی بعدُ لم یستقر بعدما سقط حکم علی صالح المستبد الذی ضاقت به أکثریة الشعب..
مصر سقط فیها حکم حسنی مبارک، وجاء سقوط آخر بحکم مرسی، وبعدُ لم تستقر فیها الحال..
المغرب بادرت السلطة فیها بصورة سبقت تصاعد الأحداث إلى صورة من التفاهم والاصلاح الذی هدّأ من زوبعة جارفة خافت منها السلطة السقوط.. الأردن تستبدل حکومة بعد حکومة، محاولةً لتهدئة الأوضاع وتحاول أن تتحاشى استعمال القوة الباطشة فی مواجهة الشعب حذراً من ثورةً عارمة جارفة..
البحرین وحدها هی التی لا زالت السلطة فیها تراهن على استعمال القوة لإسکات صوت الشعب، وتواصل الإفراط فی استعمالها وتمتنع من الإصلاح، وتعتمد لغة القمع والشدة، وهل تمتاز السلطة فی البحرین عن کل السلطات الأخرى وتمتلک ما لا یمتلکه غیرها مما یسمح لها أن تشذّ فی مسارها عن الجمیع وتتنکر لقضیة الإصلاح والتغییر ما شاءت وزیّن لها المزیّنون.. لا یظن أحدٌ ذلک، وکل ما لدى السلطة هنا من وسائل القمع والتنکیل والتعذیب موجود عند السلطات الأخرى التی أجبرتها الأوضاع على ما أجبرتها وفرضت علیها ما لا ترید.

 
واذا سجلت آلة القمع فشلها الواضح أمام إرادة الجماهیر وأسقط الإفراط فی استعمالها عدداً من الأنظمة فیما سمی بالربیع العربی فهل سیثبت فی البحرین -أی استعمال القوة القامعة- وحدها نجاحه؟ ویحول دون إصلاحٍ أو تعدیل؟.. هذا لو کان فإما لخصوصیة فی السلطة وقوتها ولا خصوصیة تمتاز فی ذاتٍ ولا قوة، وإما لخصوصیة نقصٍ فی الشعب والشعبُ هنا من أوعى الشعوب وأصبر الشعوب على المقاومة ومن أسخاها بذلاً وتضحیة فی سبیل حقه وعزّه وحریته وکرامته . و هنا هتف جموع المصلین: هیهات منا الذلة.
واذا کان من تصوّرٍ لأحدٍ بأن استمرار أزمة الوطن ینفعه أو لا یضرّه الیوم ولا غدا، وأن ضررها إنما هو على غیره، وأن من مصلحته هو أن یعرقل أی محاولة لإصلاح فهو غارق فی الوهم جداً، وکذلک من یتصوّر أنه یمکن له أی یُنهی الأزمة وقد بلغت هذا الحد بمعالجة سطحیة مازحة وشبه اصلاحٍ کاذب، الواقع الذی لا شک فیه أن الکل متضررٌ من استمرار الأزمة، وکلٌ نصیبه منها أثر، ومن لم یرَ هذا الیوم لابد أن یراه مع استمرارها وتفاقمها، وأن السلطة مثل غیرها تعانی وتخسر وتفقد من مصلحتها الکثیر کلما طال أمد الأزمة.

 
وداعاً أیها المظلومون:
ودعتک یا فاضل قلوبُ أبناء الشعب مفجوعةً بک، کما ودعت مفجوعةً قبلک الکثیر من شباب هذا الوطن من شباب هذا الوطن وشیبه ورجاله ونسائه، فی مغادرتکم لهذه الحیاة على طریق العزة والکرامة والمطالبة بالحق والعدل، ولتکونوا مشاعل على طریق الحریة والانعتاق والاستمساک بالدین.
وداعاً یا فاضل إلى رحمة من الله الکریم وجنة ورضوان بمنه العظیم، وداعاً یا شهداء هذه الأرض الطیبة جمیعاً، والشعبُ لا ینساکم ولا ینسى أن یواصل الجهاد فی سبیل دینه الذی لا عزّ ولا کرامة، أؤکد.. لا ینسى أن یواصل الجهاد فی سبیله دینه الذی لا عزّ ولا کرامة ولا شیء من نصرٍ بحقٍ بدونه.. ولا غیاب لشیءٍ من خیرٍ اذا انتصر..
وداعاً أیها المظلومون ولکم الجنة إن شاء الله، والنار لمن ظلم.. وهنا هتف جموع المصلین: بالروح بالدم نفدیک یا شهید.

شاهد أيضاً

عظمة الشعائر الإلهية في شهر محرم من عظمة الإمام الحسين (عليه السلام)

 في الأهواز اشار سماحة آية الله السيد محمد علي موسوي جزائري، إمام الجمعة في محافظة ...