الرئيسية / الشهداء صناع الحياة / كان ويبقى رمزاً للعطاء والتضحية والوفاء..الشهيد علي الكرعاوي

كان ويبقى رمزاً للعطاء والتضحية والوفاء..الشهيد علي الكرعاوي

إنه الشهيد علي معيبد الكرعاوي، القائد الفذ لجموع الشباب المؤمن المجاهد، الذي نذر نفسه للدفاع مستميتاً عن الأرض والعِرض والمال، أرض وطننا العزيز، وعرضنا الذي انتهكه الدواعش منذ الساعات الأولى لدخولهم أراضينا واحتلالهم عدداً من مدننا بمساعدة البعض ممن باعوا ضمائرهم للأجنبي وخانوا الأمانة التي حمَّلها لهم العراقيّون حيث اختاروهم لتمثيلهم وتحمُّل المسؤولية التي خانوها ولم يخلصوا في أدائها.

010

ولولا فتوى المرجعية الرشيدة التي تداركت الموقف في الوقت المناسب، ودعوتها إلى الجهاد الكفائي، فتدافع النشامى ملبين الدعوة دون تردد أو تأخير، حاملين أرواحهم على كفوفهم، مذكرين الجميع بما فعله أنصار الحسين (عليه السلام) حين لبّوا دعوته الكريمة وقاتلوا الخارجين على دين الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلَّم) واستشهدوا بين يديه الطاهرتين فداء له ولقضيته المباركة العادلة، فانتصرت الدماء الزكية الطاهرة على السيوف الآثمة الظّالمة. فكان علي معيبد الكرعاوي واحداً من تلك الرموز النقية الطاهرة التقية الذي ضحى بكل شيء، حتى جاد بنفسه الطاهرة قرباناً زكياً وصار مصداقاً لقول الشاعر “والجودُ بالنفس أقصى غاية الجود”.

رحل مطمئن النفس راضياً مرضياً، بعد أن ترك مآثر كثيرة كانت ولا تزال حديث كلِّ من عرفه ومن سمع به. فهنيئاً له ما حازه من كرامة الشهادة وآثار طيبة وصدقة جارية من خلال مشروعه الإنساني المتمثل بالمؤسسة الخيرية التي أسس لها قبل استشهاده وأوصى صديقه بالقيام عليه من بعده.

شجاع من الطراز الأول

أبو جعفر هو أحد اقارب الشهيد تحدث عنه وقال: الشهيد علي معيبد الكرعاوي كان ملتزما دينيا ومعروفا بمواقفه من مساعدته للأيتام والفقراء والمساكين وعمل في مؤسسات عدة وبرغم اتجاهه للعمل الجهادي إلا أنه بقي يعمل في خدمة الناس وكان مرتكزا للناس في منطقته اضافة الى ذلك كان صاحب موكب حسيني لخدمة زوار أبي عبد الله (ع) في زيارة الاربعين، وهو من المجاهدين القدماء في كتائب حزب الله وكان شجاعا من الطراز الاول فكلما كنا نتناقش معه حول تواجده في الصفوف الاولى كان يرد قائلا بأن أمير المؤمنين وأولاده كانوا يقاتلون في الصفوف الاولى، لذلك كان يتقدم، وقد كان مجازا ولكنه قطع أجازته عندما سمع بأن هنالك تعرّضاً على بعض المناطق برغم أنه كانت هنالك مناسبة زواج أبن أخيه فترك هذه المناسبة والتحق لتأدية العمل الجهادي حال سماعه بالتعرّض على القاطع، فكان من أول المتقدمين لتطهير وتحرير تلك المناطق وكان رحمه الله ذا مواقف كثيرة مع المقاتلين الذين عايشوه خلال مدة الجهاد فتأثر الكثيرون بأخلاقه ودينه وتواضعه وكان يجلس في كل ليلة مع مجموعة من الشباب المجاهد في حديث ديني عن الشجاعة وأخلاق أهل البيت (ع) فجميع الاخوان من حوله كانوا ذائبين في أخلاقه وشجاعته وكان يساعد في حل مشكلة السكن والبناء للعوائل المتعففة حيث ساهم في بناء منازل عدة وكانت له مساهمة في زواج بعض الشباب وبعد أن هُجر عدد من العوائل بعد أحداث الموصل وما أن رجع من جبهة القتال حتى قال ان علينا واجب رعاية العوائل النازحة لان هؤلاء أهلنا ويجب أن لا يسكنوا في العراء فبدأ بدعم العوائل النازحة من المؤسسة التي كان يرعاها فكان يقضي أجازته مع العوائل النازحة ويجمع المساعدات والمواد الغذائية والمنزلية فيذهب الى كربلاء والمحافظات التي فيها تلك العوائل، وكان داره ملتقى للأهل والأصدقاء والجيران فيستشيرونه في أصغر الامور فكان له ثقل كبير بين الناس، وخلال شهر رمضان كان يقيم مجالس دينية ومحاضرات للتوعية بالدين وخصوصا للشباب فتأثر به الكثيرون وبعضهم أنخرط في العمل الجهادي بفضل (أبو إيمان) وتأثرهم بأخلاقه وشجاعته.

أب وصديق

صفاء الدين أبن الشهيد تحدث عن ذكرياته مع والده فقال: كان والدي معروفا بأخلاقه والتزامه وقد أختار طريق الشهادة، فقد تعرض للاعتقال ثلاث مرات من قبل الاميركان، وقد ساهم في دعم العوائل النازحة من خلال الموكب ومع أصدقائه، وكان صاحب مشروع مؤسسة انسانية ولم يستطع اكماله وبعد استشهاده أكمل أصدقاؤه هذا المشروع وأسموه باسمه وساروا على طريق الشهيد الذي كان يرغب بمد يد العون للآخرين ، وكان ذا أخلاق عالية فلم يتعامل معنا كأبناء بل عاملنا كأصدقاء فلم نر منه أية قسوة برغم حزمه فكان أشبه بصديق لنا، وكانت وصيته لنا بأن نسير على خطى أمير المؤمنين والحفاظ على المذهب والاستمرار على النهج نفسه والمحافظة على الاخلاق وبر الوالدة وبقية الاهل والالتفاف حول الولاية.

ساعد الجميع

010

وتحدث أبو القاسم احد أصدقاء المقربين من الشهيد وقال: دامت صداقتي مع الشهيد لأكثر من 35 عاما لم نفترق خلالها الا في فترات قليلة حتى أصبحت كأني جزءا من عائلته والأمر كذلك بالنسبة له، وكانت علاقتنا به بسيطة في أول الامر لكن أخلاق الشهيد علي اجبرتني على أن اعزز علاقتي به وذلك لصدقه وشفافيته وحبه للآخرين حيث كان دائما ما يقصر في حق نفسه من أجل إسعاد الاخرين وكان طبيعيا جدا في تصرفاته وفي حياته فلم يكن يهتم أن كان الطرف الاخر سوف يحمل هذا الفضل له ام لا فقد كان عمله لله سبحانه وتعالى لذلك كنت أقول له في كثير من المواقف بأني أو عائلتك نحتاج الى هذه الخدمة أكثر من هذا الشخص الذي قدمتها له والذي ربما كان لا يستحقها فكان يبتسم ويرد عليّ بأن عملنا يجب ان يكون مع الله سبحانه وتعالى وان لا ننظر الى الاشخاص، وقد شهدت الكثير من الاشخاص ممن قدم لهم خدمات كبيرة جدا ومع ذلك لم يذكروها له وكنت ألومه لذلك ولكنه كان يستقبل ملامتي بوجه باسم ويقول يكفيني بأن الله سبحانه وتعالى يعلم بذلك، فالشهيد وصل الى مرحلة عالية جدا في التسليم لأمر الله ولم يطرق بابه شخص محتاج للمساعدة الا وساعده حتى وإن لم يكن باستطاعته ذلك ففي بعض الاحيان كان يقترض أموالا لكي يعطيها للآخرين، فشخصية الشهيد علي من الصعب أن تتكرر في ظل الظروف والأوضاع التي عشناها، فعمله كان خالصا لله لا ينتظر جزاء ولا شكورا، وكان يتألم عندما يرى فقيرا أو امرأة ثكلى أو طفل لا يملك ما يأكله وكان الشهيد معطاء فكان يقطع اللقمة عن افواه اولاده وأهله ويعطيها للفقراء فبدأت فكرة إيجاد حل لهذه الشريحة تؤرق منامه فطرح الفكرة ان تكون مؤسسة تبدأ بالتبرع من الاخوة والأصدقاء وتكون رأس مال يدار بالعمل لكي يستمر العطاء، وكانت البركة بيده فكان سخاؤه غير محدود وكان الله ينمي الاموال التي بين يديه بشكل كبير فطرح الفكرة، وقد أرق الشهيد دخول داعش ارض الوطن فقال سأطرح عليك نقاط المشروع كاملة وأحملك المسؤولية وأنا ذاهب للجهاد وسأعينك في أوقات أجازتي، ولكنه رحل ولم يعد فنال الشهادة وكان مثمراً دائما وعملياً ولا يضيع دقيقة واحدة من وقته، وبحمد الله ووفاء للشهيد أكملنا نحن أصدقاؤه المشروع ولدينا الان مؤسسة عملها واضح لمساعدة العوائل الفقيرة.

المراقب العراقي