الرئيسية / تقاريـــر / السعودية تفقد موقعها بسرعة في حاضر المنطقة ومستقبلها – عقيل الشيخ حسين

السعودية تفقد موقعها بسرعة في حاضر المنطقة ومستقبلها – عقيل الشيخ حسين

سبق أكثر من مرة أن صدرت عن مسؤولين سعوديين تصريحات تلمح إلى عزم روسيا التخلي عن دعم الرئيس الأسد. وتجددت مثل هذه التلميحات بعد زيارة وزير الخارجية السعودي إلى روسيا. لكن كل ذلك لم يكن غير أمنيات تبخرت أمام ثبات الموقف الروسي إزاء سوريا وسائر ملفات المنطقة.

في ظل إحساسهم الشديد بالخيبة بسبب صمود سوريا في وجه واحدة من أعتى حروب التاريخ، وبعد أن كان مصنعو سياسات العدوان على سوريا وغيرها يتوقعون سقوطها في غضون أسابيع أو أشهر قليلة، من المؤكد أن يفسر هولاء هذه الظاهرة غير العادية بالدعم الذي تقدمه روسيا إلى النظام السوري.

من هنا، يسعى معسكر الهيمنة إلى منع روسيا من تقديم هذا الدعم على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحقيق أهداف العدوان على سوريا. فمن جهة، فتح حلف الناتو حرباً مباشرة على روسيا في أوكرانيا، في حين أوكلت إلى بلدان الخليج والمملكة السعودية بوجه خاص مهمة الضغط على روسيا بوسائل أخرى.

عروض مالية سخية

وقد تراواحت هذه الوسائل بين الترغيب والترهيب المشتمل على تنفيذ أعمال عدوانية تهدف إلى زعزعة الاستقرار في روسيا عن طريق الإرهاب التكفيري الذي ترعاه السعودية في منطقة القفقاس وآسيا الوسطى، وصولاً إلى أوكرانيا ذاتها حيث تساهم الجماعات التكفيرية في دعم نازيي كييف الجدد.

الملك السعودي

الملك السعودي

فعلى مستوى الترغيب، سبق وحدث أن قدم السعوديون عروضاً مالية سخية إلى روسيا إيماناً منهم بأن وضع أكوام من الأوراق النقدية أمام الرئيس بوتين يحدث فيه أثراً مشابهاً لذاك الذي يحدثه عند العملاء من سماسرة الرقيق الأبيض والوسطاء في ما لا يحصى من عمليات هدر المال في أنواع “التوظيفات” البائسة التي تستهوي الخليجيين بوجه عام.

وتدخل في هذا الإطار الزيارة التي قام بها إلى روسيا في أواسط حزيران / يونيو الماضي وزير الدفاع السعودي، محمد بن سلمان، الذي أشاد بالدور الذي يمكن أن تلعبه روسيا في المنطقة والعالم. كما وقع على عدة عقود اشتملت على قيام روسيا ببناء مفاعلات للاستخدام السلمي للطاقة النووية لحساب السعودية، وعلى التعاون الروسي-السعودي في أبحاث الفضاء الخارجي، وكذلك على بناء طرق حديدية وأنفاق مترو وصولاً إلى الكلام عن استعداد الرياض لشراء قنبلة نووية (!).

ثبات الموقف الروسي المؤيد لسوريا

كل هذه العروض المغرية أضاف إليها وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال زيارته الأخيرة لروسيا، تصريحاً حول سعي بلاده إلى شراء أفضل نماذج الأسلحة في العالم، ومنها أسلحة روسية وصواريخ إسكندر، على وجه التحديد.

وبعد كل هذه العروض، سمح الوزير السعودي لنفسه بإطلاق إيحاءات من نوع إمكانية تخلي روسيا عن الأسد، وذلك تفسيراً منه على الأرجح للتصريحات التي أشارت إلى وجود توافق بالنسبة لبعض جوانب الأزمة السورية.

ورداً على هذه الإيحاءات، شدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، بعد لقائه مؤخراً وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على ثبات الموقف الروسي تجاه سوريا ورئيسها “الشرعي” بشار الأسد. وفي الوقت نفسه سلمت موسكو إلى دمشق أسلحة متطورة بينها طائرات “ميغ 31” وصواريخ “كورنيت”

على ذلك، من الواضح أن العروض المالية السخية قد فشلت في تغيير الموقف الروسي. ويأتي هذا الفشل كمكمل للفشل في تغيير هذا الموقف عن طريق الترهيب والعنف.

تهديدات سعودية لروسيا

وفي هذا السياق، كتبت صحيفة التلغراف اللندنية خلال فترة التهديد الأميركي بضرب سوريا في آب/ أغسطس 2013، أن السعودية قد طلبت من روسيا أن تتخلى عن الرئيس الأسد وأن تحصل على تنفيعات هامة في سوق النفط، وإلا فإن السعودية ستكلف جماعات تكفيرية بضرب منتجع سوتشي الذي كانت روسيا تقوم بإعداده لاستقبال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.

كما تناقلت أخبار بهذا المعنى عن تهديدات أطلقها بندر بن سلطان، المسؤول يومها عن جهاز الاستخبارات السعودي، في لقاء له مع الرئيس بوتين. وهذه التهديدات هي ما دفع بوتين إلى وصف السعودية بأنها دولة إرهابية، خصوصاً وأن عشرات التفجيرات، ومنها تفجيرات فولغوغراد، كانت قد ضربت العديد من المدن الروسية قبل ذلك بأسابيع قليلة.

والمعروف أن الدورة الأولمبية في سوتشي قد حققت نجاحاً باهراً، فانتقلت السعودية إلى السقوط في شراك فشل جديد : كسر أسعار النفط بقصد الإضرار بروسيا وإيران، وهو الأمر الذي أدى إلى نتيجة معاكسة تماماً حيث تعاني السعودية وبلدان الخليج الأخرى، بعد أقل من عام على هذا الإجراء، من نقص حاد في احتياطاتها النقدية.

إذن، أحد أهم الأبواب التي يمكن الولوج منها نحو وضع لا يكون فيه للرئيس الأسد مكان في مستقبل سوريا مقفل تماماً بسبب ثبات الموقف الروسي.وعلى هذا، فإن حالة الإحباط التي يعاني منها أعداء سوريا، والسعودية بوجه خاص، تكون على أشدها في وقت تدل فيه جميع المؤشرات، من الموقع الإقليمي والدولي الهام الذي اكتسبته إيران على مستوى الملف النووي إلى الحرب السعودية الفاشلة على اليمن، بعد المرور بحالة القلق التي يعيشها الداخل السعودي، على أن السعودية تفقد بسرعة موقعها في حاضر المنطقة ومستقبلها.

 

المصدر – موقع العهد