الرئيسية / الاسلام والحياة / في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

07

فصل من السؤال والبيان (1)
إن سألك سائل عن أول ما فرض عليك؟
فقل: النظر المؤدي إلى معرفة الله.
فإن قال :لم زعمت ذلك ؟
فقل : لأنه – سبحانه – أوجب معرفته ، ولا سبيل إلى معرفته إلاّ بالنظر في الأدلة المؤدية إليها .
فإن قال : فإذا كانت المعرفة باللّه – جل وعز- لاتدرك إلا بالنظر، فقد حصل (2) المقلد غير عارف باللّه .
فقل : هو كذاك .
فإن قال : فيجب أن يكون جميع المقلدين في النار.
فقل : إن العاقل المستطيع إذا أهمل النظر والإعتبار ، واقتصر على تقليد الناس ، فقد خالف اللّه تعالى وانصرف عن (3) أمره ومراده ، ولم يكفه تقليده في أداء فرضه ، واستحق العقاب على مخالفته وتفريطه .
غير انّا نرجو العفو عمّن قلد المحق والتفضل عليه ، ولا نرجوه لمن قلد المبطل ولانعتقده فيه .
وكلّ مكلف يلزمه من النظر بحسب طاقته ونهاية إدراكه وفطنته ، وأما المقصّرالضعيف الذي ليس له استنباط صحيح ، فإنه يجزيه التمسك – في الجملة- بظاهر ما عليه المسلمون .
فإن قال : كيف يكون التقليد قبيحاً من العقلاء المميزين ، وقد قلد الناس رسول الله صلّى اللّه عليه وآله فيما أخبر به عن رب العالمين ، ورضي بذلك عنهم ، ولم يكلفهم ما تدعون ؟
____________
1 – أورد الكراجكي في كنزالفوائد : 98 – 101 ، هذا الفصل إلى بداية كتاب «البرهان على ثبوت الإيمان» الآتي .
2 – حصل : ِصار .
3 – في الأصل : على ، ما أثبتناه من الكنز.

فقل: معاذ اللّه أن نقول ذلك أونذهب إليه ، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لم يرض من الناس التقليد دون الاعتبار، وما دعاهم إلا إلى اللّه بالاستدلال ، ونبههم عليه بآيات ألقرآن من قوله سبحانه : ( أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق اللّه من شيء )(1).
وقوله : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لأوُلي الألباب )(2) .
وقوله 🙁 وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون )(3) .
وقوله : ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ) (4).
ونحن نعلم أنه مما أراد بذلك إلا نظر الاعتبار.
فلو كان عليه السلام إنما دعا الناس إلى التقليد، ولم يرد (منهم الاستدلال)(5)،
لم يكن معنى لنزول هذه الآيات .
ولو كان أراد أن يصدقوه ويقبلوا قوله تقليداً بغيرتأمل واعتبار، لم يحتج إلى أن يكون على يده ما ظهرمن الايات والمعجزات .
فأما قبول قوله صلى اللّه عليه وآله بعد قيام الدلالة على صدقه ، فهو تسليم وليس بتقليد.
وكذلك قبولنا لما أتت به أئمتنا عليهم السلام ، ورجوعنا إلى فتأويهم في [شريعة ](6) الاسلام .
فإن قال قائل : فأبن لنا ما التقليد في الحقيقة، وما التسليم ؟ ليقع الفرق .
فقل : التقليد: قبول [قول ] (7) من لم يثبت صدقه ، ومأخوذ من القلادة .
والتسليم : هو قبول من ثبت صدقه ، وهذا لايكون إلا ببينة وحجة، والحمد للّه .
____________
1 – الاعراف 7 : 185
2 -آل عمران 3 : 190
3 – الذاريات 51: 20 ، 21
4 ـ الغاشية 88 : 17 .
5 ـ في الأصل: الإستدلال عنهم، وما أثبتناه من كنز الفوائد.
6 ـ أثبتناه من الكنز.

شاهد أيضاً

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

21 تفسير سورة الإخلاص (قل هواللّه أحد) معناه أنه غيرمبعض ، ولا مُجَزّأ، ولا موهم ...