الرئيسية / الاسلام والحياة / في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

09

فصل آخر في السؤال والبيان
إن سألك سائل فقال : ما أول نعمة الله تعالى عليك ؟
فقل : خلقه إياي حيا لينفعني .
فأن قال : ولم زعمت أن خلقه إياكُ حياً أول النعم ؟
فقل : لأنه خلقني لينفعني ، ولا طريق إلى نيل النفع إلا بالحياة التي يصح معها الإدراك .
فإن قال : ما النعمة؟
فقل : هي المنفعة إذا كان فاعلها قاصداً لها.
فإن قال : فما المنفعة؟
قل : هي اللذة الحسنة، أو ما يؤدي إليها.
فإن قال : لم اشترطت أن تكون اللذة حسنة به (1)؟
فقل : لأن من اللذات ما يكون قاتلاً، فلايكون حسنا.
فإن قال : لم قلت : أو ما يؤدي إليها؟
فقل : لأن كثيراً من المنافع لايتوصل إليها إلاّ بالمشاق ، كشرب الدواء الكريه ، والفصد، ونحوذلك من الاُمور المؤدية إلى السلامة واللذات ، فتكون . هذه المشاق منافع لما تؤدي إليه في عاقبة الحال .
ولذلك قلنا: إن التكليف نعمة حسنة، لأن به ينال مستحق النعيم الدائم واللذات .
فإن قال : فما كمال نعم اللّه تعالى؟
فقل : إن نعمه تتجدد علينا في كل حال ، ولايستطاع لها الإحصاء.
فإن قال : فما تقولون في شكر المنعم ؟
فقل : هو واجب .
فإن قال : فمن أين عرفت وجوبه ؟
____________
1- ليست في المصدر، والظاهر أنها زائدة.

 

** فقل : من العقل وشهادته ، وأوضخ (1) حجته ودلالته ، ووجوب شكر المنعم على نعمته ، مما تتفق العقول عليه ولا تختلف فيه .
فإن قال : فما الشكر اللازم على النعمة؟
فقل : هو الاعتراف بها، مع تعظيم منعمها.
فإن قال : فهل أحد من الخلق يكافىء نعم اللّه تعالى بشكر، أو يوفي حقها بعمل ؟
فقل :لايستطيع ذلك أحد من العباد، من قبل أن الشيء إنما يكون كفواً لغيره ، إذا سد مسده ، وناب منابه ، وقابله في قدره ، وماثله في وزنه .
وقد علمنا أنه ليس من أفعال الخلق ما يسد مسد نعم اللّه عليهم ، لاستحالة الوصف للّه تعالى بالإنتفاع ، أو تعلق الحوائج به إلى المجازاة .
وفساد مقال من زعم أن الخلق يحيطون علماً بغاية الانعام من اللّه تعالى عليهم والافضال ، فيتمكنون من مقابلتها بالشكرعلى الاستيفاء للواجب والاتمام .
فنعلم بهذا تقصير العباد عن مكافاة نعم اللّه تعالى عليهم ، ولوبذلوا في الشكر والطاعات غاية المستطاع ، وحصل ثوابهم في الاخرة تفضلاً من اللّه تعالى عليهم وإحساناً إليهم ، وإنما سميناه استحقاقاً في بعض الكلام ، لأنه وعد به على الطاعات ، وهو الموجب له على نفسه بصادق وعده ، وإن لم يتنأول شرط الاستحقاق على الأعمال ، وهذا خلاف ماذهبت إليه المعتزلة، إلاّ أبوالقاسم البلخي فإنه يوافق في هذا المقال ، وقد تناصرت به مع قيام الأدلة العقلية عليه الأخبار.
روى أبرعبيدة الحذاء عن أبي جعفرعليه السلام قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله : «قال الله تعالى: لايتكل العاملون على أعمالهم التي يعطونها لثوابي ، فإنهم لو اجتهدوا واتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي ، كانوا مقصرين غير بالغين [في عبادتهم كنه عبادتي ، فيما يطلبون ](2) من كرامتي ، والنعيم في جناتي ، و(3) رفيع الدرجات العلى في جواري ، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا فإن
____________
1 – في الكنز: وواضح .
2 – ما بين المعقوفبن أثتناه من الكنز.
3 – في الأصل: من ، وما أثبتناه من الكنز.

 

 

شاهد أيضاً

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

21 تفسير سورة الإخلاص (قل هواللّه أحد) معناه أنه غيرمبعض ، ولا مُجَزّأ، ولا موهم ...