الرئيسية / الاسلام والحياة / في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

10

رحمتي عند ذلك تدركهم ، وبمنّي ابلغهم رضوان [ومغفرتي وألبسهم عفوي ](1) » وبعفوي اُدخلهم جنتي ، فإني أنا اللّه الرحمن الرحيم ، بذلك تسميت».
** وعن عطا بن يسار، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : «يوقف العبد ، بين يدي اللّه ، فيقول لملائكته : قيسوا بين نعمي عليه وبين عمله . فتستغرق النعم العمل ، فيقول : هبوا له النعم ، وقيسوا بين الخير والشرمنه ، فإن استوى العملان أذهب اللّه الشر بالخير وأدخله الجنة، وإن كان له فضل أعطاه اللّه بفضله ، وإن كان عليه فضل – وهو من أهل التقوى، ولم يشرك باللّه تعالى- فهو من أهل المغفرة، يغفراللّه له برحمته إن (2) شاء ويتفضل عليه بعفوه ».
وعن سعد(3) بن خلف ، عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال له : «عليك بالجد والاجتهاد في طاعة اللّه ، ولا تخرج نفسك من حد التقصيرفي عبادة اللّه وطاعته ، فإن الله تعالى لايعبد حق عبادته».
* * *

____________
1 – أثبثناه من الكنز.
2 ـ في الاصل : لمن وما اثبتناه من الكنز.
3 – في الاصل : سعيد، وما أثبتناه من الكنز ومعاجم الرجال هو الصواب ، فقد عده الشيخ في رجاله من أصحاب الكاظم عليه السلام، وقال : واقفي ، أُنظر «رجال الشيخ : 350 رقم 2 ، تنقيح المقال 2: 12، معجم رجال الحديث 8 :5025/58».

 

كتاب
(البرهان على ثبوت الايمان)
لأبي الصلاح التقي بن نجم بن عبيدالله الحلبي
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين ، وصلواته على خيرة النبيين محمد وآله الطاهرين وسلم وكرم.
أول فعل مقصود يجب على العاقل، مما لايخلومنه عنك (1) كمال عقله ، من وجوب النظر المؤدي إلى المعرفة، لأن الحي عند كمال عقله يجد عليه آثارَ نفع ، من كونه حياً سميعاً بصيراً عاقلا مميزاً قادراً متمكناً، مدركاً للمدركات منتفعاً بها، ويجوزأن يكون ذلك نعمة لمنعم .
ويعلم أنها إن كانت كذلك ، فهي أعظم نعمة لانغماركل نعمة في جنبها ، ويجد في عقله وجوب شكر المنعم ، واستحقاق المدح على فعل الواجب والذم على الإخلال به ، ويجوز أن يستحق من موجده والمنعم عليه مع المدح ثواباَ ومع الذم عقاباً، ويجد في عقله وجوب التحرزمن الضرراليسيروتحصيل النفع العظيم .
فتجب عليه معرفة من خلقه والنفع له ، ليعلم قصده فيشكره ان كان منعماً، ولا سبيل إلى معرفته إلا بالنظرفي آثارصنعته لوقوعها بحسبها، ولوكانت لها سبب غيره ، لجاز حصول جميعها لمن لم ينظر وانتفاؤها عن الناظر، فوجب فعله لوجوب مالايتم الواجب إلا به .
والواجب من المعرفة شيئان : توحيد وعدل ، وللتوحيد إثبات ونفي .
فالا ثبات : اثبات صانع للعالم – سبحانه – قادر، عالم ، حي ، قديم ، مدرك ، مريد .
____________
1ـ كذا، والظاهر أن الصواب : عند.
===============
** والنفي: نفي صفة زائدة على هذه الصفات ، ونفي التشبيه ، ونفي ألادراك عنه – تعالى – بشيء من الحواس ، ونفي الحاجة، ونفي قديم ثان شارك في استحقاق هذه الصفات.
والعدل : تنزيه أفعاله عن القبيح ، والحكم لها بالحسن .
* * *
===============
فصل
«في الكلام في التوحيد»

طريق العلم باثبات الصانع- سبحانه – أن يعلم الناظر: أن هاهنا حوادث يستحيل حدوثها عن غير محدث .
وجهة ذلك : أن يعلم نفسه وغيره من الأجسام ، متحركاً ساكناً، ثم مجتمعاً مفترقآَ، أو ضحه ذلك .
فيعلم بتغايرهذه الصفات على الأجسام، أنها أعيان لها، لأنها لوكانت صفات لذواتها ، لم يجزتغيرها .
ويعلم بتجددها عن عدم ، وبطلانها عن وجود، أنها محدثة، لاستحالة الإنتقال عليها، من حيث لم تقم بأنفسها، والكمون المعقول راجع به إلى الانتقال .
فإذا علم استحالة ذلك على هذه الصفات ، علم أن المتجدد منها إنما يجدد عن عدم ، وهذه حقيقة المحدث والمنتفي ، وأن ما انتفى عن الوجود والعدم يستحيل على القديم لوجوب وجوده ، وما ليس بقديم محدث .
فإذا علم حدوث هذه المعاني المغايرة للجسم ، وعلم أنه لابد في الوجود من مكان يختصه مجأوراً لغيره أو مبايناً ، وقتا واحداً أو وقتين ، لابثا فيه أو منتقلاً عنه – وقد تقدم له العلم : انه إنما كان كذلك لمعان غيره محدثة علم أنه محدث ، لأنه لو كان قديماً لوجب أن يكون سابقا للحوادث بما لانهاية له .
فإذا علم أنه لاينفك من الحوادث ، علم كونه محدثا، لعلمه ضرورة بحدوث مالم يسبق المحدث ، ولأنه إذا فكرفي نفسه – وغيرها – فوجدها كانت نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظماً، ثم جنيناً، ثم حيا، ثم طفلاً، ثم يافعا، ثم صبيا، ثم غلاما، ثم بالغاً، ثم شاباً قوياً، ثم شيخاً ضعيفاً، ثم ميتاَ.
وأنه لم يكن كذلك إلا بتجدد معان فيه : حرارات ، وبرودات ، ورطوبات ، ويبوسا ت ،وطعوم ، وألوان ، وأراييح مخصوصة ، وقدر، وعلوم ، وحيا ة .
وعلم بطلان كل صفة من هذه الاغيار بعد وجود، وتجددها عن عدم ، والجواهر التي تركب منها الجسم باقية، علم أنها صفات مغايرة لها وأنها محدثه ، لاستحالة الكون
===============
والانتقال عليها بما قدمناه .
وإذا علم حدوث جواهره – وغيره من الجواهر- بالاعتبار الأول ، وصفاته بهذه وصفات غيره بالاعتبار الثاني ، ولأنها لا تنفك من المحل المحدث .
وعلم أن في الشاهد حوادث – كالبناء والكتابة- وأن لها كاتباً وبانياً، هو من وقعت منه بحسب غيرها، وانما ذلك مختص بما يجوزحصوله وانتفاؤه ، فلا يحصل إلا بمقتض .
فأما ما وجب فمستغن بوجوبه عن مؤثر منفصل عن الذات ، كتحيز الجوهر ، وحكم السواد .
ولا يجوز خروجه تعالى عن هذه الصفات ، لوجوب الوجود له تعالى في حق كونه قديماً لنفسه ، يجب له وجوده تعالى في كل حال ، وكونها صفات نفسه يجب ثبوتها للموصوف ويستحيل خروجه عنها كل ما وجد، لكون المقتضي ثانيا(1) وهو النفس ، واستحالة حصول المقتضي وانتفاء مقتضاه .
وبعلمه سبحانه مدركاً إذا وجدت المدركات ، لكونه تعالى يستحيل فيه الآفات والموانع ، بدليل حصول هذا الحكم لكل حي لاآفة به متى وجد المدرك ، وارتفعت الموانع .
وبعلمه سبحانه مريداً لوقوع أفعاله على وجه دون وجه وفي حال دون اخرى، وذلك مفتقرإلى أمر زائد على كون الحي قادراً عالما، لكونه صفة للفعل زائدة على مجرد الحدوث والاحكام ، وارادته فعله إذ كونه مريداً لنفسه ، أو معنى قديم يقتضي قدم المرادات ، أو كونه عازما، وكلا الأمرين مستحيل فيه سبحانه .
والمحدَث لا يقدرعلى فعل الإرادة في غيره ، وقديم ثان نرد(2) برهان نفيه ، فثبت سبحانه مريداً بإرادة يفعلها إلا(3) في محل لاستحالة حلولها فيه أو في غيره ، ولا صفة له سبحانه زائدة على ما علمناه ، لأنه لاحكم لهما ولا برهان بثبوتهما، واثبات مالا حكم له ولا برهان عليه مفض إلى الجهالات .
وبعلمه سبحانه لايشبه شيئاَ من الأجسام والاعراض ، لقدمه تعالى وحدوث
____________
1 – كذا، والظاهر أن الصواب : ثابتاً .
2 – كذا، ولعل الصواب : مرّ.
3 – كذا، والظاهر أن الصواب : لا.

شاهد أيضاً

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

21 تفسير سورة الإخلاص (قل هواللّه أحد) معناه أنه غيرمبعض ، ولا مُجَزّأ، ولا موهم ...