الرئيسية / الاسلام والحياة / في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

12

لكل عاقل ، والثاني لكل ناظر، ووجوب اصطلاح المريد من غيره ما يعلم أويظن كونه مؤثراً في اختياره ، ولوجوب تمكينه .
وعلمنا بأنّه تعالى لايخل بواجب في حكمته ، وظهور الغرض الحكمي في أكثرها أوجده سبحانه على جهة التفضل ، وثبوت ذلك على الجملة فيما لايظهر لنا تفصيل المراد به كأفعال سائرالحكماء .
وحسن التكليف لكونه تعريضا لما لايوصل إليه إلا به من الثواب .
وكون التعريض للشيء في حكم ايصاله من حسن وقبح ، لأنه لاحسبة له بحسن التكليف غيره ، وعلمه سبحانه بكفر المكلف أو فسقه لا يقتضي قبح تكليفه ، لكونه تعالى مزيحاً لعلته ومحسنا إليه كإحسانه إلى من علم من حاله انه يؤمن ، اُتي من قبل نفسه فالتبعة عليه دون مكلفه سبحانه .
وحسن جميع ما فعله تعالى من الالام أو فعل بأمره أو إباحته ، لما فيه من الاعتبار المخرج له من العيب ، والعوض الزائد المخرج له عن قبيل الظلم والاساءة، إلى حيز العدل والاحسان .
ووجوب الانتصاف للمظلوم من الظالم ، لوقوع الظلم عن تمكينه تعالى، وان كان كارها له تعالى .
** ووجوب الرئاسة، لكون المكلف عندها أقرب من الصلاح ، وأبعد من الفساد .
ووجوب ماله هذه الصفة لكونه لطفاً، ووقوف هذا اللطف على رئيس لا رئيس له ، لفساد القول بوجود ما لا نهاية له من الرؤساء، ومنع الواجب في حكمته تعالى .
ولا يكون كذلك إلاّ بكونه معصوما، كون الرئيس أفضل الرعية وأعلمها لكونه إماما لها في ذلك ، وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هوأفضل منه فيه .
ووجوب نصبه بالمعجزات والنص المشير.(1) إليه ، لوجوب كونه على صفات لا سبيل إليها إلاّ ببيان علام الغيوب سبحانه .
وهذه الرئاسة قد تكون نبوة، وقد تكون إمامة ليست بنبوة .
فالنبي هو المؤدي عن اللّه سبحانه بغير واسطة من البشر، والغرض في تعينه بيان
____________
1ـ كذا، والظاهر أن الصواب : المشير.
===============
المصالح من المفاسد.
** والدلالة على حسن البعثة لذلك قيام البرهان على وجوب بيان المصالح والمفاسد للمكلّف في حق المكلّف ، فلا بد متى علم سبحانه ماله هذه الصفة من بعثه مبيناً له ، ولابد من الموت (1) المبعوث معصوماً فيما يرد به من حيث كان الغرض في تعينه ليعلم المكلف المصالح والمفاسد من جهته ، فلوجازعليه الخطأ فيما يؤديه لارتفعت الثقة بادائه ، وقبح العمل بأوامره واجتناب نواهيه.
ولابد من كونه معصوماً من القبائح ، لوجوب تعظيمه على الإطلاق وقبح ذمه ، والحكم بكفر المستخف خيط به مع وجوب ذم فاعل القبيح .
ولا يعلم صدقه إلا بالعجز، ويفتقرإلى شروط ثلا ثة :
أولها : أن يكون خارقاً للعادة، لأنه إن كان معتاداً- وإن تعذر جنسه – كخلق الولد عند الوطء ، وطلوع الشمس من المشرق ، والمطرفي زمان مخصوص ، لم يقف على مدع من مدع .
وطريق العلم بكونه خارقاً للعادة، اعتبار حكمها وما يقع فيها ويميزه من ذلك على وجه لا لبس فيه ، أو بحصول تحد وتوفر دواعي المتحدي وخلوصا(2) وتعذر معارضته .
وثانيها: أن يكون من فعله تعالى، لأن من عداه سبحانه يصح منه ايثارالقبيح فلا يؤمن منه تصديق الكذاب ، وطريق العلم بكونه من فعله تعالى، أن يكون متعدد الجنس كالجواهر والحياة وغيرهما من الأجناس الخارجة من مقدور المحدثين ، أو يقع بعض الاجناس المختصة بالعباد على وجه لايمكن إضافته إلا إليه سبحانه .
ثالثها: أن يكون مطابقاً للدعوى، لأنه إن كان منفصلاً عنها لم يكن مدع أولى به من مدع ، وطريق ذلك المشاهدة أو خبرالصادق .
فتمى تكاملت هذه الشروط ثبت كونه معجزا، إذ (لاصدق من)(3) اقترن ظهوره بدعواه لأنه جارمجرى قوله تعالى : صدق هذا عليَّ فيما يؤديه عني ، وهوتعالى لايصدق الكذابين .
____________
1 – كذا ، والظاهر أن الصواب : كون .
2 – كذا، ولعل الصواب : وخلوصه .
3 – كذا، ولعل الصواب : لا أصدَقَ ممّن

شاهد أيضاً

في صفات المؤمنين – الحسن بن ابي الحسن الديلمي

21 تفسير سورة الإخلاص (قل هواللّه أحد) معناه أنه غيرمبعض ، ولا مُجَزّأ، ولا موهم ...