الرئيسية / تقاريـــر / من المتوكل الى السيسي.. والله لا تمحو ذكرنا – مروة أبومحمد

من المتوكل الى السيسي.. والله لا تمحو ذكرنا – مروة أبومحمد

  يقول الطبري في تاريخه (9/185) في خبر هدم قبر الحسين بن علي (عليه السلام): “وفيها (236هـ) أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي وهدم ما حوله من المنازل والدور، وان يحرث ويبذر ويسقى موضع قبره، وان يمنع الناس من اتيانه… ونادى في الناحية: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة، بعثنا به الى المطبق (وهو سجن مظلم تحت الارض)”.

أجل.. اغلاق مسجد الامام الحسين (ع) في القاهرة ليس بدعة من نظام السيسي وموظفيه في وزارة الاوقاف او في الازهر “الشريف” الذي انما تشرف بالزهراء (صلوات الله عليها) ام الحسين (عليه السلام) صاحب المسجد الذي اغلقه نظام السيسي.. بل هو سنة أموية متوكلية، تابعها آل سعود وشياطينهم من الوهابية والانظمة التي على شاكلتهم في اتباع ابن تيمية وابن عبد الوهاب وابن جورج بوش الأب!

في عراق الدكتاتور صدام حسين، كان مجرد حيازة شريط مراثي حسينية (يا حسين بضمايرنا) يكفي لان يبقيك 6 شهور في زنزانات المخابرات بتهمة العمالة لاهل البيت! والقضية يعرفها العراقيون.. فما بالك اذا خرجت زرافات الى كربلاء وهتفت “هيهات منا الذلة”!

ما هي المشكلة؟..

هؤلاء جميعهم من المتوكل الى آل سعود يخافون على عروشهم من ذكرى عاشوراء وذكر الحسين (عليه السلام) وقيم ثورته.. أما قضية “الاباطيل” التي يتشدق بها الازهري أحمد كريمة والمعلومات عن توجه سلفيين من الاسكندرية للاشتباك مع “الشيعة” ، فالحقيقة العذر اقبح من الذنب.. فكيف يعاقب اناس على “جرم” لم يرتكبوه، ولماذا يمنع الشيعة عن “اباطيلهم” ولا تمنع باقی الطوائف عن رقصاتهم ودفوفهم وطقوسهم الغريبة.. لماذا لا يمنع الرقص الشرقي الذي تفتخر مصر بانها تتربع على عرشه عالميا.. وهل عجز النظام المصري عن حفظ أمن بضعة نفر من الزائرين والمصلين.. فماذا تفعل كل هذه الاجهزة الامنية اذا عجزت عن ضمان أمن المواطن؟!

للاسف الشديد كان يكفي علماء الازهر ان لا يؤيدوا القرار الذي اصدرته الاوقاف ليحفظوا ماء وجههم ووجه مؤسستهم، اما ان ينسلخوا من جلدتهم ويصبحوا سندا للفكر الوهابي فهذه هي الطامة الكبرى.. ولا ادري لماذا ينفعل الشيخ احمد كريمة في كل قضية تخص الشيعة وايران.. هل يريد ان يحصل على وثيقة براءة من التهم الوهابية التي وجهت اليه؟!

اننا في الوقت الذي ندين به هذه الاصوات مدفوعة الثمن والتي تشكل تشويها لصورة مصر الاعتدال والوسطية التي نعتز بها.. نثمن الاقلام والمواقف الشريفة التي دافعت عن حق المواطنة وحرية العبادة وعن تاريخ مصر الذي ينضح بحب اهل البيت (ع) وخاصة الامام الحسين والسيدة زينب ..

ان التخبط الذي يعيشه اليوم النظام في مصر، مصدره هذه الازدواجية بين دعوى محاربة الارهاب بالقوة الامنية والعسكرية من جهة، وتبني الفكر الوهابي وانماطه السياسية المتمثلة بالمواقف السعودية، فضلا عن التصاق اشخاص في راس وقمة المؤسسة الدينية بمصر بالمراكز السلفية والتكفيرية والوهابية في السعودية وغيرها من الدول الخليجية من جهة اخرى، وطبيعي ان يكون مستقبل النظام غامضا ما لم يحسم أمره سريعا ويفك ارتباطه بمصادر الشر التكفيري في السعودية، وان يبتعد عن جنون المال الذي اصاب هذه النظم البدوية المتخلفة، والَا.. “على نفسها جنت براقش”!

ان سلوك النظام المصري في اغلاق مسجد الامام الحسين (عليه السلام) هو في الحقيقة دعوى لعزل المسجد والايحاء للمصريين بان هذا الموقع وصاحبه (الامام الحسين) خاص بالشيعة.. واذا ما تعمم الأمر وامتد للسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيد العجمي (مالك الاشتر).. سيتحول الى تهديد لبنية وتركيبة المجتمع المصري تاريخيا، وخطوة باتجاه تشظيته.. وهو ما يطمح اليه اعداء مصر والاسلام من الصهاينة والوهابية.. الذين انتقموا من العراق وسوريا ولم يبق امامهم سوى مصر والجزائر، باعتبار ان هذه الدول تشكل الثقل العربي.. وليخلو الجو لأنظمة سايكس بيكو ومشايخ الانسحاب البريطاني من شرق السويس.. “فبيضي وأصفري!”.

أما الطبالون لقرارات “ولي الامر” و”الحاكم بامر الله” فنقول لهم.. بئسا لكم، وعلم “اسرائيل” يرفرف في عاصمتكم (وسنبقى نعيركم بها حتى قيام الساعة ما لم تغسلوا هذه العار عن جباهكم).. تبا لكم، يغلق مسجد الامام الحسين وابواب سفارة الصهاينة مشرعة في بلادكم.. هذا قدركم وهذه حقيقتكم، تشغلون الناس بـ”التمدد” و”الخطر” الشيعي، وأهلكم وناسكم “السنة” يقتلون ويحرقون في فلسطين كل يوم بدم بارد وانتم تتفرجون وتشاركون في حصارهم وقتلهم…

ومثل هذه الانظمة لا يليق بها الا هذه الافعال المشينة من حصار غزة والتطبيع مع الصهاينة واغلاق مسجد الامام الحسين والمشاركة في قتل اطفال اليمن وتجويع وارهاب أهله “وكل اناء ينضح بما فيه”.. و”من شب على شيء شاب عليه”.

واذا كان البعض يتصور ان قتل الشيخ حسن شحاتة وقصف اطفال اليمن والتآمر على المقاومة الاسلامية في لبنان والنيل من الحشد الشعبي في العراق والخوف من العلاقات الدبلوماسية مع ايران ومنع العلماء والمثقفين والفنانين من زيارة العراق وايران واغلاق مسجد الامام الحسين (ع)… يحدَ من انتشار “خطر” التشيع ومحاصرة الحب لاهل البيت (ع) فعليه ان يراجع دلالات الحديث النبوي الشريف: “اني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله وعترتي، وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض”.. فالله عز وجل اودع محبة اهل البيت في قلوب المؤمنين كما التزم بحفظ كتابه العزيز.. وله ان يراجع تجارب الماضين من اسلافه، ويعيد قراءة خطبة السيدة زينب (سلام الله عليها) عقيلة الهاشميين وبطلة كربلاء في مواجهة يزيد بن معاوية وهي تخاطبه بشجاعة وبلاغة وفصاحة ابيها أمير المؤمنين علي (عليه السلام):

” فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك الا فند وأيامك الا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين”.