الرئيسية / من / طرائف الحكم / السجود على التربة الحسينية – الشيخ عبد الحسين الأميني

السجود على التربة الحسينية – الشيخ عبد الحسين الأميني

02  وأورد أيضا قال ( حدثني
مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن أبا ذر كان يقول مسح الحصباء مسحة واحدة
وتركها خير من حمر النعم ) ( 2 ) . والملاحظ في هذين الحديثين الالتزام بالسجود
على الأرض وأورد أيضا الحافظ عبد العظيم
المنذري في كتابه الترغيب والترهيب من الحديث الشريف في السجود على الحصى
وكراهة نفخ موضع السجود نورد بعضا منها .
1 – قال ( عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام
أحدكم في الصلاة فإن الرحمة تواجهه فلا تحركوا الحصى رووه كلهم من رواية أبي
الأحوص عنه ) .
2 – وعن معيقب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لا تمسح الحصى وأنت
تصلي فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة ( تسوية الحصى ) رواه البخاري ومسلم
والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة ) .
3 – وعن جابر رضي الله عنه قال سألت النبي عن مسح الحصى في الصلاة
فقال : واحدة ولئن تمسك خير لك من مئة ناقة كلها سود الحدق رواه ابن خزيمة
في صحيحه ) .
4 – وعن أبي صالح مولى طلحة رضي الله عنه قال كنت عند أم سلمة زوج
النبي فأتى ذو قرابتها شاب ذو حجة فقام يصلي فلما أراد أن يسجد نفخ فقالت لا
تفعل فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان يقول لغلام لنا أسود يا رباح ترب وجهك رواه ابن حيان في صحيحه ( 1 ) .
ومن مجموعة روايات كراهة النفخ وما أكثرها جاء ذكر السجود على الأرض
فيها في حين كان السجود بأماكن خاصة وأماكن عامة فمثلا هذا الشاب قرابة أم
سلمة الذي جاء ضيفا إلى بيت رسول الله وعادة كما قيل ولكل قادم كرامة فلم لم
تفرش له أم سلمة أجود بساط عندها ؟ ولا أعتقد أن أم سلمة تفتقد وجود بساط
في بيتها ولو كانت صلاته بالمسجد لقلنا إن المسجد فرش بالحصى وكل المسلمين
يسجدون عليه أما والشاب يصلي في بيت أم سلمة فلا يمكن أن يأتي هذا الافتراض
ومع هذا تنهاه أم سلمة عن نفخ موضع سجوده وتريده أن يضع جبهته على
الحصى ومع غباره والذي يقال في المقام إن الذين وفقهم الله لاستقصاء أحاديث
السجود الواردة في مظانها وسبر المسانيد والموسوعات الفقهية لم يوافونا ولا بحديث
واحد صريح في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
أو أحد أصحابه المكرمين سجد على بساط من القطن أو الصوف . . إذن والحالة
هذه يتبين لنا أنه لا يجوز السجود .
على الصوف ولا على القطن ولا على أي شئ سوى الأرض وما أنبتت ما لم
يؤكل أو يلبس وعلى القرطاس دون غيرها والعبادات ( قارئي الكريم ) توقيفية
يقتصر على فيها مورد النص وفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله هو سنة
بمثابة نص قرآني نعم قد يستفاد من بعض الأحاديث أن بعض الصحابة سجد على
ثياب وقد تقدم أنه يجوز ذلك عند الضرورة والضرورات تبيح المحظورات ، كما
وقد أورد عمدة القارئ شرح صحيح البخاري للشيخ بدر الدين العيني تعليقا على
حديث الخمرة قال ( الرابع جواز الصلاة على الحمرة من غير كراهة ) وعن ابن
المسيب ( الصلاة على الخمرة سنة ) وقد فعل ذلك جابر وأبو ذر وزيد بن ثابت
وابن عمر رضي الله عنهم ( 1 ) . . . وكانت سيرة الشيعة الإمامية العمل بالأفضل
لذا يسجدون على تربة تصنع من أرض طابت وطهرت والأرض تشقى وتسعد
يأخذونها من أرض كربلاء لما ورد
عنه صلى الله عليه وسلم ( حسين مني وأنا من حسين ) و ( الحسن والحسين سيدا
شباب أهل الجنة ) ( 1 ) وقد قضى الحسين مجاهدا عندما رأى أن الرذيلة استولت
على الفضيلة والمادية على الروحية والعدالة ذبيحة والحق صريع وقد طغى على
العالم الإسلامي استبداد أموي فنهض هو وأهل بيته وصحبه الغر الميامين لتصحيح
المسار والعودة بالإسلام إلى منابعه الأصيلة حتى تساقطوا صرعى في هذه البقعة
الشريفة التي منها يأخذ الشيعة التربة فهي إذن توحي للمسلم الجهاد في سبيل الله
والدفاع عن حياض العقيدة والجهاد باب من أبواب الجنة والجنة تحت ظلال
الأسنة .
وورد في تفسير الآية الكريمة ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه ) ( 2 )
( آية 26 من سورة النور ) عن الجلال السيوطي في الدر المنثور في تفسير هذه الآية
قال ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بيت النبي وبيوت أهل بيته من
أفاضلها وأعلاها ) فاكتسبت الأرض شرافة بالأجسام الطاهرة الثاوية في رحابها
والمكان بالمكين كما قيل وقد ورد في الذخائر القدسية في زيارة خير البرية أن
المسلمين كانوا يستشفون بتربة حمزة بن عبد المطلب وتربة صهيب الرومي قال ما
نصه ( 1 ) ( من ذلك الاستشفاء بتربة حمزة وتربة صهيب اللذين استثنيا من حرمة
نقل تراب الحرم المدني إلى غيره فيجوز نقلها كما سننبه على ذلك . . . أما الأول
فهو مجرب للصداع وأما الثاني فقد جربه العلماء للشفاء من الحمى شربا وغسلا
لكن الشرب هو الوارد في حديث ابن النجار وغيره لما أصابت بني الحرث قال لهم
النبي صلى الله عليه وسلم أين أنتم من تراب صهيب قالوا وما نصنع به قال تجعلونه
في الماء إلى آخر الحديث ) ومن المعلوم أن مقام الحسين عليه السلام أجل وأسمى من
مقام الحمزة وصهيب رضوان الله عليهما عند الله وعند رسوله للأحاديث الواردة
فيه من الرسول العظيم والتي تشيد بذكره وعلو مكانته . ولقائل أن يقول لماذا لم
يحمل
معهم الصحابة والسلف الصالح تربة من أرض الحرمين الشريفين في سفرهم و
حضرهم نقول في جواب ذلك بما ذكره صاحب الذخائر القدسية من حرمة نقل
تراب الحرم المدني وطبعا الحرم المكي بطريق أولى فقد أورد رضوان الله عليه ( 1 )
( أن لا ينقل معه شيئا من حجارة حرم المدينة وترابها فإن ذلك حرام عند أئمتنا ولو
إلى مكة وإن نوى رده إليه كما في التحفة نعم استثنوا من ذلك نقل تراب احتيج
إليه للدواء كتراب مصرع حمزة رضي الله عنه للصداع وتربة صهيب رضي الله عنه
كما مر التنبيه عليه لإطباق السلف والخلف على نقل ذلك ومنه يعلم حرمة نقل
الآجر والأكر والأواني المعمولة من تراب المدينة إلا إن اضطر إلى آنية لنحو ماء بأن
لا يجد غيرها حسا وشرعا وإلا وجب عليه ردها وإن انكسرت الآنية كما
استظهره في التحفة وإلا كان آثما ولا ينقطع دوام عصيانه إلا بردها ما دام قادرا
عليه ) وإجماع الفقهاء على المنع كما ذكره صاحب الذخائر القدسية عاق سكان
الحرمين عن حمل تربة من هذه الديار المقدسة ، ولو رجعنا إلى
مذهب أهل البيت ورد فيهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( أني تارك فيكم
الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي لن تضلوا ما أن تمسكتم بهما ولن يفترقا حتى
يردا علي الحوض ( 1 ) لرأينا فيضا من نصوص حديثية وردت عنهم عليهم السلام
صريحة في أن ما يسجد عليه هو الأرض أو نباتها أو القرطاس ( الورق ) وغير ذلك لا
يجوز السجود عليه كصحيح هشام بن الحكم أنه قال للإمام جعفر الصادق عليه
السلام أخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز ؟ قال عليه السلام لا يجوز
السجود إلا على الأرض أو على ما انبت الأرض إلا ما أكل أو لبس فقال له عليه
السلام جعلت فداك ما العلة في
ذلك ؟ قال عليه السلام لأن السجود خضوع لله عز وجل فلا ينبغي أن يكون على
ما يؤكل ويلبس لأن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في
عبادة الله عز وجل فلا ينبغي أن يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا
الذين اغتروا بغرورها ( 1 ) . والحقيقة أن الصلاة مظهر عبودي لله ، علينا لأن نكون
مخلصين له الدين ولا نشرك بعبادة ربنا أحدا ولذا قال الفقهاء ببطلان الصلاة مع
الرياء لأن نية القربة بدأت تتأرجح والمردد لا يقع فكذلك السجود على الملبوس
والمأكول له انعكاسات على نية التقرب يمكن أن تأتي بمردود غير مستحسن
تتساقط أمامه نية التقرب إلى الله .
والخلاصة يصح للمسلم أن يسجد على ما يطلق عليه أرضا سواء أكان ترابا
أو صخرا أو رملا أو طينا أو على الرخام ( الحجر الطبيعي ) لأن كل ذلك يسمى
أرضا وعلى كل نبات بشرط أن لا يكون مأكولا كسائر الفواكه والبقول التي
اعتاد الناس أكلها كالتمر والتفاح والبصل والبطاطا ، أما النوى والقشور وورق
الأشجار وأخشابها
وسعف النخل فلا مانع من السجود عليها كما لا يجوز السجود على ما يلبس
كالقطن والكتان والقنب والمنسوج منهما ، كما ويجوز السجود على القرطاس
( الورق ) فقد سأل داود ابن فرقد أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس والكواغد
المكتوب عليها هل يجوز السجود عليها أم لا ؟ فكتب عليه السلام يجوز ( 1 ) .

 

000

شاهد أيضاً

السجود على التربة الحسينية – الشيخ عبد الحسين الأميني

08  أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع : 9 / 191 رجاله ثقات . هي ...