الرئيسية / تقاريـــر / الكواتم “الكردستانية”.. من هدف رصاصاتها؟!- علاء الرضائي

الكواتم “الكردستانية”.. من هدف رصاصاتها؟!- علاء الرضائي

“طائرتا شحن من نوع C160 قادمتان من ألمانيا، حيث القواعد العسكرية الأميركية، إحداهما كندية والأخرى سويدية، في الأولى أموال بملايين الدولارات واليورو ومجموعة من متدربي البيشمركة، في الثانية أسلحة “كاتمة”!.. تمر الطائرتان بالعاصمة الأردنية عمان وتحطان في بغداد في صمت ودون ضجيج كصفة أساسية لمثل هذه الرحلات والصفقات، على أمل أن تتوجهان إلى أربيل!”

هذا ما قالته النائبة المستقلة في مجلس النواب العراقي، حنان الفتلاوي، والتي أضافت أن اللجوء للإعلام سببه عدم جدوى السؤال البرلماني والمطالبة بالتحقيق والاستجواب (حسب تصريحها وبالمضمون القريب من النص).. هذه التساؤلات وغيرها رددها أيضاً عضو التيار الصدري، حاكم الزاملي رئيس اللجنة الأمنية في مجلس النواب(البرلمان) والذي يعتبر تياره على علاقة جيدة برئاسة الإقليم الكردي.

ولا أدري.. يظهر أن هناك من يحاول تعكير الأجواء بين وزارة النقل والقائد العام للقوات المسلحة ووزارة الدفاع من جهة، والإقليم شبه المستقل من جهة أخرى، فـ”يندس” بالخبر إلى المخابرات والأمن الوطني اللذان بلغا من القوة بحيث أنهما كانا قد حذرا فرنسا من الأعمال الارهابية الأخيرة حسب تصريح وزير الخارجية إبراهيم الجعفري.

تقوم عناصر المخابرات والأمن الوطني (التي يسيطر عليهما أتباع المالكي إلى الآن) وفي غفلة من وزارة النقل (التي يحمل حقيبتها باقر جبر صولاغ الزبيدي ـ المجلس الأعلى) بتفتيش الطائرتين، ويكشفان “سرّ” الحمولة، فينالون التوبيخ من رئيس الوزراء، لأن الأسلحة هذه لابد أن تبقى في السر لسبب بسيط: وهو أنها “كاتمة”!

ومع عشرات علامات الاستفهام التي يمكن أن تثار حول سبب اختيار هذه الأوقات بالذات لإرسال مثل هذه المحمولات، حيث هناك توتر بين الحكومة المركزية والإقليم الكردي على خلفية احتلال سنجار والاعتداء على أهالي طوزخورماتو ورفض الإقليم تسليم النفط المهرب من أراضيه إلى الحكومة المركزية حسب اتفاق عبد المهدي ـ بارزاني.. فإن الطائرتين المثيرتين للجدل ليستا اليتيمتين اللاتي يصلن على هذا النحو.. فبين الحين والآخر يعلن عن “شئ” قريب من هذا المضمون، ثم ما يلبث أن يتم نسيانه أو تناسيه، والجميع يتذكر قصة الطائرة الروسية المستأجرة التي دخلت على أنها تحمل “سجائر” وتبين أن حمولتها أسلحة!

وأيضاً الطائرة الأوكرانية.. وهذه الطائرات كشفت جميعها في فترة رئاسة السيد حيدر العبادي للوزراء وتولي حقيبة النقل السيد باقر جبر الزبيدي!

ومع ان وجود المتدربين الأكراد يكشف عن وجهة الأموال (5 مليون دولار و1.25 مليون يورو) والأسلحة.. لكن السؤال الكبير الذي أدهش حتى بعض حلفاء رئاسة الإقليم داخل البرلمان العراقي وكثيرين داخل العراق وخارجه: ماذا تفعل سلطة الإقليم بطائرة من الأسلحة الكاتمة.. هل يريد رئيس الإقليم ان يحارب “الجن!”.. إن كان قتال الجن يستدعي امتلاك أسلحة كاتمة؟!

فأصوات الطائرات والصواريخ والراجمات وقذائف المدفعية والدبابات ملأ أفق العراق بكردستانه ومناطقه الغربية وما يجاورها من الأراضي السورية وجميعها تدعي حرب “الإرهاب” و”داعش”.. والأكراد يصرخون بذلك من على قنواتهم الإعلامية والدعائية وبكل اللهجات من الكرمانجي والباديناني إلى السوراني والهورامي، بمقدار معرفتي باللهجات الكردية!

نتفهم أن الإقليم ـ وإن كان بصعوبة ـ ومن أجل محاربة “داعش” كما يدعي الجميع اليوم، بحاجة إلى دبابات ومدرعات ومدافع وهاونات وناقلات بيشمركة (جند) وصواريخ مضادة للدبابات وراجمات ورشاشات ثقيلة ومتوسطة وخفيفة وبنادق ومسدسات وقناصات وستر واقية وخوذ ونواظير، وحتى امتلاك طائرات بدون طيار… لكننا لا نفهم حمولة طائرة من الأسلحة الكاتمة.. لا يمكننا هضمه بأي نحو.

فهل يريد السيد مسعود بارزاني تشكيل فيلق اغتيالات من “الباراستن” ـ جهاز المخابرات التابع “للبارتي” والذي يعود تأسيسه إلى ستينيات القرن الماضي وقد تدرب بعض عناصره في الكيان الصهيوني، بتوثيق الأكراد والصهاينة؟!

وهنا من حق العراقيين أن يعلموا نطاق أنشطة “الباراستن” وطبيعتها، لأن أموال الباراستن مصدرها الـ17% العراقية.. وهل أن نشاطاته تتعارض أو تتداخل مع نشاط المخابرات العراقية.. ومن هي الجهات الدولية التي يتعاون معها؟

نعود إلى “الكواتم” التي يحمل العراقيون خاصة خواطر سيئة عنها.. ونتسائل: من هو المستهدف بها؟

هل هم أعداء العراق؟.. وهذه يستبعدها الجميع حتى الأغبياء فضلاً عن العقلاء!

هل هم أعداء “كردستان” ومن هؤلاء.. الحكومة المركزية في بغداد؟ أو بعض الشخصيات والاتجاهات السياسية التي تختلف مع الأداء والخطاب الكردي؟

أو أعداء زعيم “البارتي” الكردستاني، السيد مسعود بارزاني ومن يعارضون استمرار ولايته الممتدة منذ 2003 إلى اليوم؟

ومن حقنا أن تأخذنا هواجسنا أبعد من ذلك.. فقد تكون أربيل مجرد محطة مؤقتة وممراً لهذه الأموال و”الكواتم”.. قد تكون الوجهة إيران أو روسيا أو لبنان حتى؟ فكل الاحتمالات تبقى مفتوحة في عالم السياسة والأمن والسلوك المخابراتي.. لأن تنويع ممرات ومصادر السلاح للإرهابيين يعتبر مسألة مهمة وحيوية وأسلوب قديم في عالم الجريمة.

ولماذا لا تكون هذه الأسلحة ـ أيضاً ـ للجهات الارهابية المتعاونة مع “داعش” والتي يتخذ بعضها من أربيل مقراً له بعد فض خيام الخيانة في الرمادي وصلاح الدين، هؤلاء الذين هددوا شركاء الوطن وفي أكثر من مرة وموقع بقطع الرقاب وإسالة الدماء والذين كانوا يريدون احتلال بغداد إلى ماقبل عام وقبل أن ينفضهم وأوكارهم الخيانية والإرهابية الحشد الشعبي المبارك من العاصمة وأطرافها.

بالمناسبة قد يكون قادة الحشد الشعبي هم المستهدفون؟ فهؤلاء يصرون مع قوى أخرى مقاتلة للإرهاب في جميع المكونات على وحدة العراق وعدم تجزئته بينما يصر الأميركيون وحلفاؤهم داخل العراق وفي المنطقة على ذلك.

أيّا كان هدف هذه “الكواتم”.. كردستان، عموم العراق أو بلدان المنطقة، فإنها جزء من صفقة تآمرية غربية لبث الفوضى المسلحة ونشر الدمار وانعدام الأمن.. مؤامرة هدفها الشعوب والمقاومة ومواجهة كل مشروع تحرري مناهض للهيمنة الغربية.

ومما يؤسف له أن الحكومة العراقية غائبة (أو متغيبة) عن ما يدور، فبدل أن تقوم باحتجاز الطائرات هذه وحمولاتها والتحقق منها كفعل “مثير” ينتهك السيادة العراقية ويبعث على الاستغراب، قامت بإعادة إحدى الطائرتين إلى المصدر وأبقت على الأخرى إلى حين ـ بالتأكيد.. ولولا بعض الأصوات التي تعالت من البرلمان والإعلاميين العراقيين رغم الاستقطاب السياسي القائم في الساحة الإعلامية العراقية وقلة الأصوات المستقلة، لمرت هذه الكواتم وهذه الأسلحة أيضاً كالتي سبقتها.

هذا في حين أن أعداد المغدورين في بغداد (حسب المواقع الإخبارية العراقية) تزداد يوماً بعد يوم والقضية دائماً مسجلة على ذمة مجهول.. كما هي الأسلحة التي تصل على ذمة مجهول!