الرئيسية / أخبار وتقارير / والله إنكم خاسرون .. آل سعود وعملاء أمريكا و إسرائيل

والله إنكم خاسرون .. آل سعود وعملاء أمريكا و إسرائيل

اشار زعيم الحراك الشعبي المقاوم في اليمن السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي اليوم الاثنين إلى أن الذكرى السنوية للشهيد هي إحياء للروحية المعطاءة و الصامدة للشهداء، و تأكيدا على مواصلة السير في درب الشهداء، و احتفاء و تقديرا لأسر الشهداء و تذكيرا بمسؤولية الأمة تجاههم ، مؤكدا إن إجرام العدوان الغاشم يدل على مدى الإفلاس الأخلاقي لدى قوى الظلم التي تستبيح حياة الإنسان الذي كرمه الله و أراد الله له أن يعيش كريماً .

و افادت وکالة تسنیم بأن السید الحوثی اضاف فی کلمته عصر الیوم خلال فعالیة أقیمت بمناسبة الذکرى السنویة للشهید فی العاصمة صنعاء تحت شعار ”الشهید یوحد الوطن” ، قائلا : ان الذکرى السنویة للشهید تأتی هذا العام و نحن نمر بمرحلة صعبة و البلد یقدم المئات من الشهداء .

وأردف السید الحوثی قائلا : ”تأتی هذه المناسبة مناسبة ذکرى الشهید فی ظل عدوان اجرامی و شعبنا الیمنی العظیم یواصل تقدیم الشهداء تلو الشهداء فی میادین الجهاد والدفاع عن الدین والوطن ، وفی هذه الأیام أیضا یقتل العدوان الآلاف فی منازلهم ومدنهم وقراهم شهداء مظلومین فی ظل عدوان ارعن مجرم غاشم” .
وتابع السید الحوثی ”إننا فی الذکرى السنویة للشهید هذه المحطة المهمة التی نستذکر فیها الشهداء و نستذکر ماآثرهم ونستذکر منهم ما یزید فی عزمنا وفی ثباتنا وفی صمودنا لنکون أقدر فی مواجهة التحدیات والاخطار التی لا تنفک عاماً بعد عام” .
واوضح السید الحوثی “ان هذه المناسبة تعبر عن مظلومیة المظلومین ، فالجمیع یقتلون بغیر حق و یستهدفون فی حیاتهم وهو اشد انواع الظلم .. و الشهداء فی میدان القتال وهم یواجهون المعتدین وشهداء المظلومیة فی المناطق والقرى الجمیع یقتلون بغیر حق وهذا من أشد أنواع الظلم حین یعمد المعتدون من بنی الانسان على تعمد إبادة الناس المظلومین المبغی علیهم ویدلل ذلک على مدى الإفلاس لدى قوى الشر التی تصل إلى هذا المستوى الذی تستبح به حیاة الإنسان ، ذلک الإنسان الذی یرید ان یحیا آمنا مطمئنا” .
وأکد قائد الثورة القرانیة فی الیمن المقاوم أن الشهادة بقدر ما تعبر عن المظلومیة هی أیضا تعبر عن الوفاء والقیم الإنسانیة العالیة .

وأوضح السید عبد الملک الحوثی ان ”الشهداء وهو یقتلون بمظلومیتهم التی نشاهدها عندما تعرض شاشة التلفاز تلک الجرائم البشعة هی لعنة على الظالمین اللذین سودوا وجه الحیاة ، و حولوا واقع الحیاة إلى واقع بئیس ملیىء بالظلم ، لافتا إلى أن الشهادة أجلى تعبیر عن الظلم ، وأن الشهداء یقفون فی وجه الظلم وفی وجه المستبدین وقدموا حیاتهم وهم یدرکون مسؤولیتهم تجاه الآخرین منطلقین من قیم عالیة سامیة حین تألموا بمشاهدة الظلم والطغیان، ورفضوا أن یقفوا مکتوفی الأیدی ویشاهدون الطغاة وهم یرتکبون أبشع الجرائم.
وأکد السید الحوثی أن الشهداء لدیهم حس المسؤولیة أمام الظلم وأمام هذا الدین الذی یفرض على متنسبیه أن یکونوا خصما للمتجبرین وعونا للمستضعفین.. کل هذه القیم اختزلها الشهداء .
و قال السید الحوثی ان الطغاة و الجائرین و المفسدین فی الأرض بنزعتهم الشریرة بحقدهم بطغیانهم بسلوکهم الإجرامی یرتکبون الظلم والسطوة محاولة فی ترکیع وإذلال الناس فیما یحقق مصالحهم غیر المشروعة، ویحاولون أن یکبلوا المجتمع بقیود الإذلال لیخضع لهم لینحنی لهم .
وأضاف الحوثی ان ”شعبنا الیوم وهو یواجه قوى الشر المتکالبة علیه وعلى رأسها أمریکا و«اسرائیل» ومن یدور فی فلکهم من الأعراب وعلى رأسهم النظام السعودی الذی جعل من نفسه یدا بید أعداء الأمة، یحتاج لثقافة الدفاع والجهاد والاستشهاد” .
وتابع السید الحوثی ان ”الصراع بین الخیر والشر یتجسد مابین من ینتمی للخیر وبین من ینتمی للشر و الله سبحانه وتعالى وثقها منذ بدایة خلقه للبشر ووضح للإنسان السبل التی تتجه به للشر و السبل التی توجهه للخیر یقول الله تعالى فألهمها فجورها وتقواها ، منذ الأزل والله سبحانه وتعالى یحکی لنا کیف هذه المواجهة بین الخیر والشر وماهی بواعث نزعة الشر” .
و استحضر السید نماذج من واقع البشریة من بینها قصة ابنی النبی آدم علیه السلام کما وردت فی سیاق القرآن الکریم وفی توجیهات الخالق عز وجل التی بینت فداحة التعدی وجریمة القتل واستباحة النفس المحرمة مستشهدا بآی من القرآن الکریم من بنیها قوله تعالى مِنْ( أَجْلِ ذَٰلِکَ کَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعًا وَمَنْ أَحْیَاهَا فَکَأَنَّمَا أَحْیَا النَّاسَ جَمِیعًا ۚ ) .
وبیّن السید الحوثی أن “النظام السعودی الجائر الذی جعل من نفسه أداة بید قوى الشر تحارب به المنطقة و مصالح شعوبنا ، نحن نحتاج إلى ثقافة الشهادة لأنها الثقافة التی تعتز بها الأمة و تصمد بها الأمة، و محنة الأمة هی محنة کبیرة هی نتاج هیمنة قوى الشر وعلى رأسها أمریکا، وهذا الواقع هو نتاج قصور لسنوات طویلة، وهو ما جعل قوى الشر تعیث فی الارض فسادا”.
ولفت السید الحوثی بالقول : ”هناک من الناس من مهما کنت منصفا وودیا و محسنا وناصحا وعادلا ، إنما یزداد قسوة على استهدافک، تقول له أنا أخوک فی الإسلام و شریکک فی الإنسانیة تعال نتحاور و نتفاهم، یجیبک بأعتى أنواع الأسلحة لیقتل الأطفال والنساء، وهذا الإجرام لا یمکن أن یواجه سوى بلغة التصدی و المواجهة” .

وفیما یلی نص الکلمة:

أعوذُ باللهِ من الشیطانِ الرجیمِ

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحیمِ، الحمدُ للهِ رَبِّ العالمین، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ الملکُ الحَقُّ المُبینُ، وأشهَدُ أن مُحَمَّـداً عبدُه ورسولُه خاتمُ النبیین.

اللَّهُمَّ صلِّ على مُحَمَّـداً وعلى آل مُحَمَّـد وبارِکْ على مُحَمَّـد وعلى آل مُحَمَّـد، کما صلیتَ وبارکتَ على إبْرَاهِیْم وعلى آل إبْرَاهِیْم إنک حمیدٌ مجیدٌ.. وارضَ اللَّهُمَّ برضاک عن صَحْبِهِ المنتجبین وعن سائر عبادِک الصالحین، وارضَ اللَّهُمَّ عن الشُّـهَدَاء الذین منحتَهم شرَفَ الشِّهَـادَة فی سبیلک ابتغاءَ مرضاتک ونُصرةً للمستضعفین من عبادک، ومنحتهم من فضلِک وکرمک ومجدِک ما أعلمتنا به فی کتابک الکریم، حیثُ قلت وقولک الحقُّ “وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِینَ قُتِلُواْ فِی سَبِیلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْیَاء عِندَ رَبِّهِمْ یُرْزَقُونَ فَرِحِینَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَیَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِینَ لَمْ یَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَیْهِمْ وَلاَ هُمْ یَحْزَنُونَ یَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ یُضِیعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِینَ”.

أیها الإخْوَةُ والأخواتُ شعبَنا الـیَـمَـنی المسلم العزیز السَّلَامُ عَلَیْکُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَکَاتُهُ، والسلامُ مع کُلّ الإعزاز والتقدیرِ لکلِّ أسر الشُّـهَدَاء وذویهم.

تَأتی هذه المناسبةُ السنویةُ العزیزة الذِّکْـرَى السنویةُ للشَّهِیْـد فی هذا العام فی ظِـلِّ مرحلةٍ مُهِمَّـة وحسّاسة على مستوى المنطقة وعلى مستوى واقع شعبنا الـیَـمَـنی العزیز الذی یُـقَـدِّمُ کُلّ یومٍ قوافلَ جدیدةً من الشُّـهَدَاء من الرجال والنساء، من الکبار والصغار، من الأَطْفَـال والنساء ومن الشباب، یُـقَـدِّمُ الشُّـهَدَاءَ فی میادینِ القتال، فی میادین الشرف، فی میادین البطولة، وهو یواجهُ العُـدْوَان الإجْــرَامی یواجِهُ الغُـزَاة المعتدین والمجرمین الظالمین المستکبرین، ویُـقَـدِّمُ الشُّـهَدَاءَ من الأَطْفَـال والنساءِ وسائرِ الناس فی المُدُنِ والقُرى، الذین یقتلهم المعتدون البُغاة الجائرون المستکبرون عبثاً بغیر حَقٍّ ظلماً وعُـدْوَاناً وتجبُّراً واستکباراً فی الأَرْض.

إننا فی الذِّکْـرَى السنویةِ للشَّهِیْـد هذه المحطة المُهِمَّـة التی نَسْتَذْکِرُ فیها الشُّـهَدَاءَ ونَسْتَذْکِر مآثرَهم، ونَسْتَذْکِرُ منهم ما یزیدُنا فی عزمنا وفی ثباتنا وفی صُمُـوْدنا لنکونَ أقدرَ على مواجَهة التحدیات والأخطار التی لا تنفکُّ عاماً إثر عامٍ فی ظِـلِّ الواقع المؤسف لأُمَّتنا وفی بلدنا على وجه الخصوص فی الذِّکْـرَى السنویة للشَّهِیْـد هذه الذِّکْـرَى المُهِمَّـة التی هی تمجیدٌ لعطاء الشُّـهَدَاء الذی هو أرقى عطاءً وأسمى ما یجودُ به الإنْسَـان وثمرته لِلأُمَّـةِ للعز والنصر والحُـرِّیَّة، هذه الذِّکْـرَى هی أَیْضاً إحیاءٌ للروحیة المعطاءة الصامدة للشُّـهَدَاء فی وجدان الأُمَّــة هی أَیْضاً تَأکیدٌ على مواصَلة السیر فی درْبِ الشُّـهَدَاء طریقِ الحُـرِّیَّة والکرامة والعزة والاستقلال، هی أَیْضاً احتفاءٌ وتقدیرٌ لأسر الشُّـهَدَاء وتذکیرٌ لِلأُمَّـةِ بمسئولیتها تجاهَهم.

فلهذا المناسبة کُلُّ هذه الأَهَمیَّة خُصُوْصاً فی الظرف الذی نعیشه، والشِّهَـادَةُ لها دلالاتٌ واسعةٌ، الشُّـهَدَاء بشهادتهم یُـقَـدِّمون دلالةً مُهِمَّـةً تُعَبِّرُ بجَلاءٍ ما یمکن أن یعبّرَ به عن المظلومیة عن مظلومیة المظلومیة، عن مظلومیة هؤلاء المستضعفین، فالشُّـهَدَاءُ فی میدان القتال وهم یواجهون المعتدین وشُـهَدَاءُ المظلومیة فی المناطق والقُرَى من الأَطْفَـال والنساء وسائر المستضعفین، الجمیع یُقتلون بغیرِ حق وینالهم هذا الظلمُ الذی یصلُ إِلَـى حدِّ الاستهدافِ لحیاتهم، هذا هو من أشد أَنْوَاع الظلم من أقسى أَنْوَاع الظلم حینما یعمدُ الأَشْرَارُ والطُّـغَـاة والمجرمون والمستکبرون من بنی الإنْسَـان على إزْهَـاق أَرْوَاح الآخرین وسفک دمائهم واستباحة حیاتِهم والعمل على إبادتهم، هذا یُعَبّرُ عن مظلومیةٍ کبیرةٍ فی المستضعفین المستهدفین المظلومین المبغی علیهم، وهو فی نفس الوقت یدلِّلُ على مدى الإجْــرَام مدى السوء مدى الطغیان مدى الإفلاس الأَخْـلَاقی والإنْسَـانی لدى قوى الشر والإجْــرَام التی تصل فی وحشیتها إِلَـى هذا المستوى من العُـدْوَانیة والطغیان، فتستبیح حیاةَ بنی الإنْسَـان التی جعلها اللهُ غالیةً، هذا الإنْسَـان الذی کرّمه اللهُ وأراد اللهُ له أن یعیشَ کریماً عزیزاً فی هذه الحیاة وأن یسموَ فی هذه الحیاة، یظلم إِلَـى هذا المستوى من الظلم فیستهدف فی حیاته، فالشُّـهَدَاءُ وهم یُقتلون بمظلومیتهم التی نشاهدها حینما تعرض شاشة التلفاز تلک المشاهدَ المأساویة والألیمةَ للشُّـهَدَاء هی لعنة على الظالمین على المجرمین الذین سوّدوا وجهَ الحیاة الذین ملأوا الحیاة بؤساً وحوّلوا واقعَ البشریة إِلَـى واقعٍ بئیسٍ ملؤه المعاناة ملؤه الاحساس بالظلم.

والشِّهَـادَةُ بقدر ما تعبّرُ عن المظلومیة هی أَیْضاً أجلى تعبیرٍ عن القیم وعن الأَخْـلَاق، فشهداءُ الموقف الحَقّ الذین یقفون فی وجه الطغیان فی وجه الظلم فی وجه المجرمین الذین یسعون لإقَـامَة الحَـقّ ولإقامة العدل الذین یدافعون عن المستضعفین، هؤلاء الشُّـهَدَاءُ إنما قدّموا حیاتَهم وهم منشَدُّون نحوَ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أولاً، وهم یُدرِکون مسئولیتَهم تجاهَ الآخرین، وثانیاً إنما انطلقوا بقیم عظیمةٍ وعزیزة إنْسَـانیة عالیة لدیهم من المشاعر الإنْسَـانیة والأحاسیس الإنْسَـانیة ما جعلتهم یتألمون حینما یرَون الظلمَ حینما یشاهدون الطغیانَ فلا یقفون مکتوفی الأیدی یتفرَّجون على الواقع من حولهم فیشاهدون الظلمَ ویشاهدون الجریمة ویشاهدون الاستباحة لحیاة الناس ویشاهدون الطُّـغَـاةَ والمجرمین والظالمین والمفسدین یرتکبون أبشعَ الجرائم، لا، وهم ذوو عز، ذوو إباء، ذوو شهامة، وهم فی نفس الوقت لدیهم حس المسئولیة الدینیة ما بینهم وبین الله بحکم انتمائهم إِلَـى هذا الدین الإسْـلَامی العظیم الذی یفرِضُ على منتسبیه والمنتمین إلیه أن یکونوا قوّامین بالقسط، أن یکونوا عوناً للمظلومین، وأن یقفوا خصوماً للظالمین والمستکبرین.

روحُ العطاء والإیثار والتضحیة والصُّمُـوْد والشجاعة والثبات، کُلّ هذه المعانی والقیم اختزنها الشُّـهَدَاءُ وتَـحَـرّکوا وهم یحملونها وعبّروا عنها من خلال مواقفهم وثباتهم وصُمُـوْدهم وفی النهایة شهادتهم، عبّروا بذلک کله عن هذه القیم وجسّدوها فی أرض الواقع موقفاً وعملاً وتضحیةً وعطاءً لا یساویه عطاءٌ فی واقع الإنْسَـان.

والشِّهَـادَةُ هی عبارة عن استعداد عالٍ للتضحیة یُتوّجُ فعلاً بتلک التضحیة، هذا الجانبُ له أهمیته القصوى فی واقع المستضعفین، خُصُوْصاً والطُّـغَـاةُ والجائرون والمستکبرون والظالمون والمفسدون فی الأَرْض بنزعتهم العُـدْوَانیة والشریرة بحقدهم بکبرهم بطغیانهم بسلوکهم الإجْــرَامی یمارسون بحق الناس السطوةَ والجبروت والظلم؛ محاولةً لاستعباد الناس وترکیع الناس وإذْلَال الناس والتحکم بالناس فی ما یحقّقُ مصالحهم الجائرة ولیس المصالح المشروعة، إنَّمَـا المصالحُ الجائرة فیما یلبی رغباتِهم الشریرةَ ونزعاتهم الطغیانیة والاستعلائیة، ویحاولون أن یکبّلوا المجتمع بقیود وأغلال الخوف والترهیب لیرکعَ لهم، لیستسلمَ لهم، لیخضع لهم، لینحنیَ لهم فیحققون ما یشاؤون ویریدون لکن حینما یکونُ مجتمعاً حراً، مجتمعاً عزیزاً، مجتمعاً لا یزال یتشبّثُ بإنْسَـانیته وکرامته التی أرادها اللهُ له، مجتمعاً یعیش الإیْمَـان بالله والإیْمَـان بالیوم الآخر والإیْمَـان بالحق والإیْمَـان بالعدل یمقت الظلم یمقت الظالمین یمقت الفساد لا یقبل بالباطل، مجتمعاً کهذا یعیشُ الاستعدادَ العالی للتضحیة فی مقابل أن یعیشَ کریماً حراً عزیزاً لا یستعبدُهُ أحدٌ من دون الله ولا یُعَبِّدُ نفسَه إلّا لله ربِّ العالمین.. هذا المجتمع الذی یعیش هذا المستوى العالی من الاستعداد للتضحیة هو الذی یتمکن بتوفیق الله تعالى وبهذه الروحیة العالیة، یتمکّنُ من کسر جبروت الطُّـغَـاة والظالمین والمفسدین، فیکون فعلاً جدیراً بأن یعیشَ حراً وأن تتحققَ له الحُـرِّیَّةُ وأنْ لا یستعبدَه أحدٌ من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإذن هذا المستوى العالی من الاستعداد للتضحیة هو الذی یؤهل الأُمَّــةَ للثبات فی مواجَهة التحدیات والأخطار مهما کانت، مهما عظمت، مهما تکالبت قوى الشر والطغیان بکل إجْــرَامها ووحشیتها، وبکل ما تملکه من وسائل القتل والتدمیر لا تستطیع أبداً أن تستبعد وتقهر وتذل وتتغلب على مجتمع یحمل هذا الإیْمَـان وهذه الروحیة وهذا التوجه وهذا الوعی.

إن ذلک یمنح المجتمعَ المؤمنَ صلابةً وثباتاً وتحمُّلا ً عالیاً فی مواجَهة التحدیات، فیحظى حینَئذٍ بمعونةٍ من الله وتوفیقٍ من الله ونصرٍ من الله، وشعبُنا الیوم وهو یواجه ما یواجهُه من طغیان واستکبار وإجْــرَام من قوى الشر المتکالبة علیه وعلى رأسها أَمریکا و«إسْرَائیْل» ومن یلف لفها ویدور فی فلکها من الأعراب وعلى رأسهم النظامُ السعودی العمیل الجائر الذی جعل من نفسه أداة بید قوى الشر العالمیة تضرب به شعوبَ المنطقة وتخرّبُ به أمن واستقرار المنطقة.

شعبنا یحتاجُ إِلَـى ترسیخ هذه الثقافة، إِلَـى ترسیخ ثقافة الشِّهَـادَة والاستعداد العالی للتضحیة؛ لأنها فی نهایة المطاف هی ثقافة البقاء، هی الثقافة التی تحمی الأُمَّــةَ التی تعتزُّ بها الأُمَّــةُ التی تصمُدُ بها الأُمَّــةُ.. ومحنة الأُمَّــة والبشریة فی هذا العصر بشکل عام هی محنة کبیرة وهی نتاجُ هیمنة قوى الشر والطغیان وعلى رأسها أَمریکا الشیطان الأَکْبَر، نتاجُ الهیمنة والقوة والتمکُّن لقوى الشر إنَّمَـا نتاجُ تقصیر على مدى قرون من الزمن انتج فی الواقع العالمی، انتج هذا الواقع المؤسف، انتج قوى شر تتحکم فی واقع البشریة، تطغى وتستکبر وتظلم وتمارس الجبروت بحق البشر، وتفسد فی الأَرْض، تعیثُ فی الأَرْض فساداً والله لا یحب المفسدین.

المؤسِفُ فی واقع البشریة أن حالةَ الصراع بین الخیر والشر هی حالةٌ واقعیةٌ فی واقع البشر استمرت منذ وقت مبکر، ولیست بحالة جدیدة وإن کانت تتعاظَمُ من حین لآخر نتیجةَ هیمنة قوى الشر والاستکبار والظالمین، والصراع بین الخیر والشر یتجسدُ فی الصراع ما بین من ینتمی للخیر وما بین من ینتمی للشر، وهذه حالة مبکرة فی واقع البشر، الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وثّقها لنا فی القُـرْآن الکریم منذ المرحلة المبکرة والأوْلَى للوجود البشری على الأَرْض، اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هیأ الإنسان ومنحه من القابلیات والعناصر والإمْکَانیات والقدرات ما یمکن أن یستفیدَ به فی الحَـقّ والخیر ویتَـحَـرّک به فی الحَـقّ والخیر وما یمکن أن یحَـرّکه فی اتجاه الشر ولدیه القابلیة لأن یتجه اتجاه الخیر أَوْ یتجه اتجاه الشر، ولذلک قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا”، هذا الإنْسَـان ملهمٌ للفجور وملهم التقوى “وَهَدَیْنَاهُ النَّجْدَیْنِ”، ألهمه اللهُ وعرّفه فی وجدانه وضمیره الفجور والتقوى یمیز ویدرک ولدیه القابلیة لأن یتجه هذا الاتجاه أَوْ ذاک الاتجاه ثم فی واقع الحیاة هیَّأ له ما فی السماوات والأَرْض، سخّر له ما فی السموات والأَرْض حَمَّله مسئولیةً کبیرةً فی واقع الحیاة، وقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَکَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا”.

منذُ الوجود البشری الأول والقُـرْآن الکریم یحکی لنا بدایةَ هذا الصراع وبواعث هذا الصراع، وکیف أن نزعة الشر ونزعة الطغیان ونزعة الفجور کانت سبباً کبیراً للمشاکل فی واقع الحیاة، فقال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى “وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَیْ آدَمَ بِالْحَقِّ”، لاحظوا منذ بدایة الوجود البشری بدأت هذه المشاکلُ فی واقع البشر، “وَاتْلُ عَلَیْهِمْ نَبَأَ ابْنَیْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ یُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ”، قرَّبا قرباناً إِلَـى الله کُلٌّ منهما قرّب قرباناً، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تقبّل من أحدهما ولکنه لم یتقبّل قربان الآخر؛ لسبب من الآخر نفسه قال: لأقتلنک.. فوراً اتجه بعدائیة وبنزعة شر وبنزعة حقد وبنزعة حسد إِلَـى من؟!، إِلَـى أخیه لیوجه له هذا التهدید وهذا الوعید، قال: لأقتلنک.. هو لم یفعل به شیئاً ولم یعتدِ علیه ولم یظلمْه ولم یستفزه ولم یصدر من جانبه أیُّ شیء ضده، لکنه حمل تجاهه وهو أخوه کُلَّ هذا الحقد، وکل هذه الحالة العدائیة الشدیدة وتوجه إلَیْه بالوعید بالقتل قال: إنَّمَـا یتقبَّلُ اللهُ من المتقین. لیست مشکلتک عندی مشکلتک عند نفسک، مشکلتک خللٌ فی التقوى، أنت لستَ متقیاً لله؛ فلذلک اللهُ لن یتقبل منک قربانَک، فلست أنا مشکلتک حتى تسعى إِلَـى قتلی وإلى التخلص منی.. هذا الآخرُ الذی تقبل الله قربانَه هو من المتقین یحمل إرَادَةَ الخیر ویحمل نفسیةً زکیة سلمیةً ملؤها المحبة وملؤها الخیر “لَئِن بَسَطتَ إِلَیَّ یَدَکَ لِتَقْتُلَنِی مَا أَنَا بِبَاسِطٍ یَدِیَ إِلَیْکَ لِأَقْتُلَکَ”، أنا لا أحملُ تجاهک إرَادَةَ الشر ولا إرَادَة العداء ولا أرید أن اعتدیَ علیک فإنی أخافُ اللهَ رب العالمین، لأنه هکذا الإیْمَـانُ الحقیقی الصادق، هو یجعلُ عند الإنْسَـان حالةً من الانضباط والتقوى، فلا یحملُ الروحَ العدائیة تجاه الآخرین بغیر حق “إِنِّی أُرِیدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِی وَإِثْمِکَ فَتَکُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَٰلِکَ جَزَاءُ الظَّالِمِینَ”، لاحظوا فی کُلّ ما یحمله هذا من الخیر من إرَادَة الخیر وفی کُلّ ما یُـقَـدِّمه من الموعظة الحسنة من التذکیر لأخیه بخطورة أن یُـقَـدِّمَ على مثل هذا الفعل هو لم یستفز، فیواجه کلامَ أخیه بکلام قاسٍ ویقابله أَیْضاً بالتهدید والوعید، ویقول: کلا ما دمت وجهتَ إلیّ هذا الکلام تفضّل، فیبادر إِلَـى مهاجمته والاعتداء علیه، لا، هو قال أنا لا أحملُ تجاهَک نزعة الشر ولا العداء، ولا أرید أن اقتلک وأنا أخاف الله رب العالمین، ومشکلتک هی لدیک أنت لیست عندی أنا حتى تتخلص منی وإذا أقدمت على فعل کهذا فهو خطرٌ علیک سیضیفُ لک إثماً إِلَـى آثامک الماضیة التی حالت بینک وبین أن یتقبَّلَ اللهُ منک قربانَک إثماً إضافیة، آثام القتل والاعتداء علیّ کجُرم کبیر خطیر عاقبته النارُ.. لاحظوا موعظةٌ مُهِمَّـة بلیغةٌ نبهّه على خطورة هذا الفعل، إنه الظلم جزاؤه جهنم، جزاؤه عقابُ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فماذا کانت النتیجة “فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِیهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِینَ”، مع کُلّ ما یتسمُ به أخوه ویتصف به أخوه من إرَادَة الخیر، من طیب الکلام، من نصح القول، من التعامل الإیْجَـابی، من هذه الروحیة الإیْجَـابیة، لم ینفع ذلک فیه وما قدمه إلَیْه من التذکیر والتحذیر من عاقبة ما یمکن أن یترتب على جریمته إنْ هو قتله، مع کُلّ ذلک سهّلت ویسّرت وهوّنت له نفسُه الإقدامَ على هذه الجریمةِ فقتله فأصبح من الخاسرین، وهکذا استمر هذا المسارُ فی واقع البشر.. إن واقعَ البشر مَن یحملون هکذا نزعة عدائیة، من لدیهم کُلّ هذا الشر وکل هذا الحقد وکل هذه الأنانیة وکل هذا الاستهتار بالإقدامِ على جریمة کهذه الجریمة، على استهداف حیاة الناس والاستهتار بحیاة الناس واللامبالاة تجاه ما یفعلون بالناس، وما یُـقْدِمون علیه، مهما کان بشعاً وإجْــرَامیاً وبدون حق وبدون مبرر؛ ولذلک قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عقب ذلک مباشرة “مِنْ أَجْلِ ذَٰلِکَ کَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِی إِسْرَائِیلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعًا”، یعنی لیست مسألة سهلة، بنو إسْرَائیْل کانوا أُنموذجاً من النماذج البشریة الکثیرة فی حالة الإجْــرَام الاستهتار بحیاة الناس والاستبساط لقتل الناس وسفک دمائهم وإزْهَـاق أَرْوَاحهم، فوجّه الله لهم هذا التحذیرَ وغلّظ علیهم هذه الجریمة، فجعلها بهذا المستوى “مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَیْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِی الْأَرْضِ فَکَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِیعًا”، تصبح جریمتُه بهذا المستوى وکأنه قتل البشریة جمیعاً، وتصوّروا، یعنی عندما ننظُرُ إِلَـى قاتل إِلَـى أنه مثلاً قتل ألفَ شخص بغیر حق أَوْ قتل ألفَی شخص بغیر حق، أَوْ نقولُ مثلاً قتل عشرة آلاف امرأة وطفل، کیف ستکون نظرتُنا إلَیْه، أَوْ عشرین ألفاً أَوْ ملیون طفلٍ مثلاً، کیف ستکون نظرتنا إلَیْه، إنه غایة فی الإجْــرَام، فی الحقد، فی التوحش، فی التجرد من الإنْسَـانیة، لکن فکأنما قتل الناسَ جمیعاً، الناس بکلهم، مع التعمیم بـ”ال” الناس أضاف إلَیْه عبارة جمیعاً فکأنما قتل الناس جمیعاً ومن أحیاها فکأنما أحیا الناسَ جمیعاً، ولهذا نلحظ فی توجیهات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فی هدیه، فی کتبه، مع رسله ومع أنبیائه، هناک سعیٌ کبیرٌ فی تذکیر الإنْسَـان، فی ترشید الإنْسَـان؛ لیُدْرِکَ خطورةً جریمة القتل والاستهتار بحیاة الناس والتعدی على الناس وسوء ذلک وما یترتب على ذلک وآثار ذلک فی واقع الحیاة ومن أحیاها فکأنما أحیا الناس جمیعاً، فعلاً مساعی الحفاظ على حیاةِ الناس بشکل صحیح بحقٍّ لها هذا الفضلُ، لهذا الأجر، لهذا القدر والمستوى من القیمة، فکأنما أحیا الناسَ جمیعاً، “وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَیِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ کَثِیراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِکَ فِی الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ”، لم ینفع ذلک فی بنی إسْرَائیْل.

إذن فمع الجُهد الکبیر من تغلیظ الجریمة، من التنبیه على خطورتها، من الوعید علیها بالنار وبعذاب الله وبسخط الله وبمقت الله، ذلک لم ینفع فی کثیر من البشر، یعنی فی واقع البشر من لا ینفعُ منهم أن تتعاطى بإیْجَـابیة، ابن آدَم الذی واجه وعید أخیه وتهدید أخیه وقسوة أخیه واجهه بطیب الکلام بإیْجَـابیه التامةِ، باللطف من القول بالنصح والتذکیر ومن لا ینفع معهم الوعید الإلهی بجهنم حتى وبالنار والعذاب العظیم ومن لا ینفع معهم تغلیظُ الجریمة وتقبیحها فکأنما قتل الناس جمیعاً من لا ینفع معهم کُلُّ ذلک لا عظة لا موعظة لا أن تتعاطى بإیْجَـابیة لا أن تتوددَ لا أن تکونَ على أرقى مستوى من الانصاف والتفاهم، من لا ینفع منهم کُلُّ ذلک مهما کنتَ إیْجَـابیاً مهما کنتَ منصفاً، مهما کنت ودیاً، مهما طیباً، مهما کنتَ محسناً، مهما کنتَ ناصحاً، مهما کنتَ عادلاً، إنَّمَـا یزدادونَ قسوةً وجرأة على استهدافک.

بعد ذلک مباشرةً ماذا یقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: “إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِینَ یُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَیَسْعَوْنَ فِی الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ یُقَتَّلُوا أَوْ یُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَیْدِیهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ یُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ”، تقول له یا أخی أنا شریکُک فی الإنْسَـانیة وأنا أخوک فی الإسْـلَام، تعال لنتفاهمَ لنتحاوَرَ لنحلَّ أی مشاکل بیننا بالحوار والتفاهُم على أَسَـاس من العدل، على أَسَـاس من الانصاف، یُجیبُ علیه بأفتک أَنْوَاع الأسلحة، لیقتل قد ما استطاع من أَطْفَـال ونساء وکبار وصغار.

أی وحشیة هذه أی إجْــرَام؟!، هذه النزعة الشریرة، هذا الحقد الفظیع هذا الإجْــرَام والتوحُّش لا یمکن أبداً فی واقع البشر أن یواجَهَ إلّا بهذه اللغة، لغة التصدی، لغة المواجهة هی التی یمکن أن تحُدَّ منه، هی التی یمکنُ أن تقیَ البشریة منه قدر الإمْکَان إِلَـى حد کبیر إِلَـى حد بعید، وإلا هناک مَن لو یتاح له أن یقتُلَ بدون أن یؤاخذ، بدون أن یُمنعَ، بدون أن یحال بینه وبین ذلک لقتلَ یَومیاً بدون تردد ولقتل بدون حدود طول حیاته لبقی یقتُلُ الناسَ بکل استهتار ولا مبالات، لبقی یدوسُ على حیاة الناس ویرتکب بحقهم أبشع الجرائم دون مبالات.

هذا هو الواقعُ الذی تعیشُه البشریة، هی الحالة الواقعیة؛ ولذلک شرع الله سبحانه وتعالى الجهادَ فی سبیله وهو غنی، الجهاد فی سبیل الله لیس معناه حالة دفاع عن الله بأن هناک مَن یشکل خطورة على الله فیطلب اللهُ من عباده أن یدافعوا عنه أَوْ أن هناک مَن یشکل خطورة على ُملک الله أَوْ على سلطانه، الله لیس مستضعفاً ولیس بحاجة لأحد أن یدافع عنه، هو المحیی والممیت، وهو الخالق وهو المبدِئ وهو المعید، وهو القاهر فوق العباد، وحیاة البشر بیده وتحت سلطانه وقهره، حینما یقول هنا: “إنَّمَـا جزاءُ الذین یحاربون اللهَ ورسولَه”، ماذا یعنی؟!، نرى فی هذا دلالةً عجیبةً وعظیمة على عظیم قداسة دین الله، مدى العنایة الکبیرة بالبشر بالناس، فی الدین الإسْـلَامی مکانتهم فی الإسْـلَام أن الله یجعل العُـدْوَانَ على عباده، الظلم لعباده، التعدی على عباده، التخریب لحیاة عباده، یجعله حرباً معه؛ لیعبر بذلک عن مکانة عباده لدیه وعن خطورة التخریب فی حیاتهم، التعدی على حیاتهم، التجاوز بالحق فیهم، جعل المسألة بمثابة حرب معه، هذا عندما یکون لدیک مثلاً لدی مکانة عزیزة فأقول من حاربک فهو یحاربنی من اعتداء علیک فهو یعمل ضدی بهذه المکانة الکبیرة للبشر عند ربهم للناس لدى الله.

فحینما یأتی مَن لدیهم نزعة الشر حینما یأتی الأَشْرَارُ والطُّـغَـاة والمجرمون بما لدیهم من شر وحقد وکبر وتجبر واستهتار بحیاة الناس، یعتدون ویتجاوزون الحرمات والحقوق، یفسدون، یقتلون، یبطشون، یتجبرون، هذه الحالة یوصّفها اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأنها حرب معهم، ثم یحَـرّک الأُمَّـة لمواجهتها، ویعد من یتَـحَـرّک هذا التَـحَـرّک بالنصر، ولذلک أتى عقب ذلک مباشرةً “یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ وَجَاهِدُوا فِی سَبِیلِهِ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ”، جاهِدوا مَن؟!، جاهدوا أولئک الأَشْرَار الذین إن ترکتموهم لم یترکوکم، إن سکتم عنهم لم یسکتوا عنکم، الذین هم معتدون، معتدون حتى لو لم تتکلموا معهم، حتى لو لم تشکّلوا علیهم أیَّةَ خطورة، حتى لو لم یصدر منکم تجاههم أیُّ شر، أی خطر، أی ضر لن یترکوکم، هم خطر على الناس على أمنهم على استقرارهم، هم یسعون دَائماً إِلَـى استعباد الناس، إِلَـى التحکم فی الناس، ثم لیس للإنْسَـان فی حیاته ولا فی ممتلکاته ولا فی وجوده أیَّةُ قیمة لدیهم، بکل بساطةٍ یستهدفُ لک قریة آهلة بالسکان، فیعمل على إبادة کُلّ سکانها ولا یبالی!!، المسألة لدیه طبیعیةٌ کما تشرب أنت شربة ماء، أی حقد؟، أی إجْــرَام؟، أی طغیان؟؛ ولذلک تَأتی هذه اللهجة القویة والشدیدة فی القُـرْآن للتصدی لکل الأَشْرَار والطُّـغَـاة والفاسدین وهذه النزعة نزعة الشر العُـدْوَان الإجْــرَام لدى فریق من البشر على مر التأریخ، ولاحظوا عندما نجدُ فی القُـرْآن الکریم ونجد فی التأریخ ما یحکیه اللهُ عن معاناة الأنبیاء، الأنبیاء هم أرقى الناس أَخْـلَاقاً، أعظم الناس إیْمَـاناً وکرامة وحرصاً على مصلحة البشریة، هم أزکى الناس أهدى الناس، هم یُجَسِّدون الکمال الإنْسَـانی، هم یجسدون القیَمَ الفطریة والإلهیة فی واقع الحیاة، الأَنْبیَاء بکل عظمتهم بکل کرامتهم بکل ما هم علیه ویتصفون به من الخیر والهدى والزکاء وإرادة الخیر للناس کان لهم أَعْدَاء، وکان الکثیرُ منهم یُقتَلُ، ولذلک نجدُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فیما عابه على بنی إسْرَائیْل تجاه أنبیائهم قال عنهم، “ذَلِکَ بِأَنَّهُمْ کَانُواْ یَکْفُرُونَ بِآیَاتِ اللَّهِ وَیَقْتُلُونَ النَّبِیِّینَ بِغَیْرِ الْحَقِّ”، وفی آیة أُخْرَى “وَیَقْتُلُونَ الأَنبِیَاءَ بِغَیْرِ حَقٍّ”، یعنی هناک کثیرٌ من الأَنْبیَاء قُتلوا، هناک مَن لم یتحاشى عن قتل نبی من أَنْبیَاء الله، فما بالک أن یتحاشى عن قتل أی أحد أی آخر أی شخص أی إنْسَـان، الآن لو نهض مُحَمَّـدٌ بن عبدالله رسولُ الله وخاتمُ الأَنْبیَاء صلواتُ الله وسلامُه علیه وعلى آله إِلَـى الحیاة مجدداً وأتى إِلَـى واقعنا فی العالم الإسْـلَامی ومن داخل العالم الإسْـلَامی واللهِ لتَـحَـرّکَ الکثیرُ ممن ینتمون للإسلام لقتاله؛ خدمةً لمصالح أعدائهم وفیما یرونه مصلحة وهمیةً وزائفةً لهم؛ لأنه بالتَأکید فی منهج الحَـقّ فی الدعوة إِلَـى العدل فی السعی لإقَـامَة الحَـقّ والخیر سیرونه معارضاً لمصالحهم ومساعیهم لاستعباد الناس، یقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى “وَکَذَٰلِکَ جَعَلْنَا لِکُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِینَ وَکَفَىٰ بِرَبِّکَ هَادِیًا وَنَصِیرًا”، ویقول تعالى “وَکَذَلِکَ جَعَلْنَا لِکُلِّ نَبِیٍّ عَدُوًّا شَیَاطِینَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ”، فهکذا واقع الحیاة صراعٌ بین المنتمین للخیر وبین المنتمین للشر، حتى الأَنْبیَاء لم یسلموا کانوا فی صراع فی مشاکل، کان لهم أَعْدَاء، والکثیر من الأَنْبیَاء استشهدوا وهم فی عِدادِ الشُّـهَدَاء یقول أَیْضاً عن بنی إسْرَائیْل: “وَتَرَىٰ کَثِیرًا مِّنْهُمْ یُسَارِعُونَ فِی الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”، یقولُ عن قوى الکفر والشرک والنفاق والطغیان ممن تفرغوا من القیم الإنْسَـانیة والفطریة لا یرقُبون فی مؤمن إلّاً ولا ذمةً، لا یراعون لا عهوداً ولا مواثیقَ ولا قراباتٍ ولا أی اعتبار أبداً وَأولَئک هم المعتدون، یعنی لدیهم النزعة العُـدْوَانیة، إذا کنتَ فی واقع یسهل علیهِ أن یعتدی علیک یرى أمامه فرصة أَوْ أمل فی قهرک والتغلب علیک لن یتردد سیبادرُ بالعُـدْوَان علیک؛ ولذلک کان الحل لواقع المؤمنین ولواقع المستضعفین لواقع الأَحْـرَار أن یسعوا لأن یکونوا قوةً فی مواجَهة هذا التحدی.

وجود أَشْرَار فی واقع البشر وجود طغاة وجود مفسدین وجود مستکبرین وجود من لدیهم نزعة عدائیة وشریرة فی استعباد الناس بغیر حق وقهرهم وإذْلَالهم والاستهتار بحیاتهم وجود من لا یمتلکون الرشد فی الحیاة وخُصُوْصاً حینما یمتلکون القوةَ والإمْکَانات بدون رُشد یمثل خطورة یمثل تحدیاً یستدعی أن یکون فی مقابل هذا التحدی قوةٌ تقفُ بوجهه، ولذلک نجدُ من عجیب الحال أن قوى الشر والطغیان من المستوى العالمی، یعنی نأتی الیوم إِلَـى أَمریکا مثلاً و«إسْرَائیْل» إِلَـى أذیالها الصغیرة، یحاولون أن تنحصرَ فیهم القدرات والإمْکَانات العسکریة وأن یسلبوا المستضعفین کُلَّ مقومات وقدرات الدفاع عن النفس، الدفاع عن الحیاة، الدفاع عن الحُـرِّیَّة، الدفاع عن الکرامة، الدفاع عن الاستقلال، فیسعون لاضطهاد کُلّ الشعوب، وخُصُوْصاً حینما یشاهدونها تنشد الحُـرِّیَّة والاستقلال والعزة والکرامة.

هذه مشکلة لدیهم لا یمکن السکوت علیها ترید أن تکون حراً، هذه عندهم کارثة وأمر غیر مقبول بتاتاً، تُعتبَرُ حینئذ متمرداً ویمکن أن یسوقوا الکثیر والکثیر من الصفات والتبریرات لاستهدافک.

یحاولون أن یکونوا هم وحدهم من یمتلکون القدرات التی یتمکنون بها من الهیمنة والاستبداد والظلم والقهر والطغیان، وحینئذٍ یفعلون بالمستضعفین ما یشاؤون دونَ أن یجعل المستضعفون من أنفسهم قوةً مقتدرة تدافع عن النفس عن الحُـرِّیَّة عن الاستقلال عن الکرامة.

والمشکلة عجیبة جداً لأنهم هم قوة الشر قوى الطغیان قوى الإجْــرَام التی من الخطر أن تمتلکَ هی قدرات کبیرة تضُرُّ بالناس تؤذی البشریة، تُسبِّب فی واقع البشریة المشاکلَ الکثیرة فی أمنها واستقرارها.

هذا ما هو حاصل الیوم، هؤلاء الذین لا رشد لدیهم ولدیهم نزعة الشر والعُـدْوَان والطغیان بیدهم الآن الإمْکَانات والمقدرات نتیجة حکایة طویلة من التقصیر والتفریط عبر التأریخ أوصل الواقع إِلَـى ما أوصل إلَیْه، ولکن هؤلاء الذین لا رُشد لدیهم نرى کم جلبوا بتلک الإمْکَانیات والقدرات الشر والویلات فی واقع البشریة، کم جلبوا للبشریة من معاناة کبیرة، هل أَمریکا بکل ما لدیها من إمْکَانات وهیمنة ونفوذ ومَن معها على المستوى الدولی والإقلیمی وصولاً إِلَـى النظام السعودی بکل تلک الإمْکَانات والمقدرات الهائلة؟!.. هل کان نتاجُ نفوذهم إمْکَاناتهم هیمنتهم قدراتهم إمْکَاناتهم خیراً فی الحیاة سلامةً للبشریة استقراراً فی الواقع العالمی؟، أم أنهم إنَّمَـا جلبوا الشر والویلات والمصائب والنکد والنکبات إِلَـى واقع البشریة بشکل کبیر، حینما نشاهد مکتوباً على الدواء لاحظوا وهو دواء توجیه أَوْ تنبیه على أن یوضع الدواء بعیداً عن متناول الأَطْفَـال، دواء، علاج من الأمراض، مسکن من الآلام یُکتَبُ علیه أن یوضعَ بعیداً عن متناول الأَطْفَـال، لماذا لأن الأَطْفَـال لا یزالون ناقصی الرشد، أما حینما تجد أولَئک الذین لا رشد لدیهم ولا حکمة لدیهم ولا إنْسَـانیة ولا ضمیر یصبحون هم من لدیهم إمْکَانیات وقدرات کبیرة، حینما توظَّفُ بالغلط بالشر بالخطأ بالسوء تمثل شراً على البشریة نکبةً للبشریة معاناة للإنْسَـانیة، نجد هذه فعلاً مشکلة کبیرة، الله یقول “وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَکُمُ الَّتِی جَعَلَ اللَّهُ لَکُمْ قِیَامًا”، ما مکّنهم الله فیه فی الحیاة من إمْکَانات وأموال وثروات هو لخیرکم لمصلحتکم لاحتیاجاتکم لتبنوا بها حضارة تلبی حاجة الإنْسَـانیة وتسعد بها الإنْسَـانیة.

فالسفهاءُ هؤلاء الذین لا رُشْدَ لدیهم حینما یکونون هم من یُـقَـدِّمون أنفسهم على أنهم قادة العالم وقادة البشریة والمتحکمون فی الواقع البشری ماذا ینتج ماذا یحدث ماذا یحصل؟!!، هو کُلّ الذین نراه ونشاهده قد ملأ العالم ظلماً وجوراً وطغیاناً.

هُنا لمواجَهة واقع کهذا یأتی التوجیهُ الإلهی بالجهاد فی سبیل الله والله غنی، الجهاد فی سبیل الله لیس معناه الدفاع عن الله، إنَّمَـا قتالٌ وتَـحَـرّکٌ عام فی مواجهة أولئک الذین یمثلون شراً على الحیاة وعلى البشریة وعلى الناس، المعتدین المفسدین الأَشْرَار الطُّـغَـاة؛ لمواجهة شرهم لمواجهة طغیانهم ووفق الطریقة التی رسمها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: “وَقَاتِلُواْ فِی سَبِیلِ اللّهِ الَّذِینَ یُقَاتِلُونَکُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ یُحِبِّ الْمُعْتَدِینَ”، فهو لا یقبل بالعُـدْوَان، العُـدْوَان بغیر حق على أحد مهما کان، “فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَیْکُمْ”، “قَاتِلُوهُمْ یُعَذِّبْهُمُ اللّهُ بِأَیْدِیکُمْ وَیُخْزِهِمْ وَیَنصُرْکُمْ عَلَیْهِمْ وَیَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِینَ”، “وَمَا لَکُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِی سَبِیلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِینَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ”.

هکذا یأتی الأمر من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى للمستضعفین أن اجعلوا من أنفسکم قوةً تواجهُ هذا التحدی تواجه الشر تواجه العُـدْوَان تتصدى للظالمین والجائرین والمستکبرین، لا تقوا مکتوفی الأیدی لیقتلوکم لیذلوکم لیقهروکم لیتکبروا علیکم لیستبیحوکم ویستبیحوا حیاتکم، لا تستسلموا لهم ولا تهِنوا لهم ولا تخضعوا لهم، ولا تسمحوا لهم باستعبادکم؛ لأن الله أَرَادَ لکم الکرامة، أَرَادَ لکم العزة، أَرَادَ لکم الحُـرِّیَّة، أَرَادَ لکم أن لا تکونوا عبیداً إلّا له؛ لأنه خالقکم، هو ربکم الحقیقی، فلا تقبلوا بأحد آخر أن یجعلَ من نفسه رباً لکم وهو عَبد حقیر سیء شریر حتى لو استعبدکم إنَّمَـا یستعبدُکم بالطغیانِ والقهرِ والإذْلَال والظلم.

هکذا تَأتی التوجیهاتُ الإلهیة، ثم لیس على المستضعفین أیَّةُ لائمة حینما یقاتلون الأَشْرَار، حینما یتصدون للطغاة والمجرمین، حینما یقفون فی وجه المعتدین والجائرین والمستکبرین، لیس علیهم اللائمة، بل لهم فی ذلک الشرَفُ، لهم المجد، لهم العزة، هذه هی الکرامة لذاتها؛ ولذلک یقول الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: “وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ”، مظلومٌ ظُلم اعتدی علیه بغیر وجه حق فظلم فتَـحَـرّک منتصراً مواجهاً یواجه من ظلمه واعتدى علیه وبغى وتکبر علیه وتجبر علیه، “وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَٰئِکَ مَا عَلَیْهِم مِّن سَبِیلٍ”، ما علیهم من حُجَّة وما علیهم من لائمة وما علیهم من ذنب، هم محقون فی موقفهم ذلک، تصرفهم هو الصحیح، ولذلک قال فی آیة أُخْرَى فی وصفِ عباده المؤمنین: “وَالَّذِینَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْیُ هُمْ یَنتَصِرُونَ”، رجال أعزاء شرفاء لا یقبلون بالإذْلَال، لا یهِنون لا یجبُنون لا یرکعون ولا یستسلمون للأَشْرَار المستهترین بالحیاة والمستخفّین بالإنْسَـانیة والذین لیس للإنْسَـانیة لدیهم کرامة ولا لوجود البشر عنهم معنى، إنَّمَـا السَّبِیْلُ” اللّوْم الحُجَّة المسؤولیة اللائمة على الذین یظلمون الناس ویبغون فی الأَرْض بغیر الحَـقّ علیهم هم کامل المسؤولیة؛ لأنه لا شرعیة للظلم ولو صدر هناک أیّ عناوین لتبریره وشرعنته.. أی قرارات أی مواقف أی هیئات، أن یأتی ما یسمى مجلس أمن، هو مجلس أمن أَمریکا، مجلس أمن الدول المستکبرة والظالمة ولیس مجلس أمن المستضعفین، یأتی لیشرعن ظلماً وعُـدْوَاناً؛ لیشرعن قتل الأَطْفَال والنساء بالآلاف، یشرعن عُـدْوَاناً على شعوب وعلى دول لا یبقى لها حق الاستقلال، تضیع کُلّ العناوین الإنْسَـانیة وتضیع کُلّ القوانین الدولیة، ما دامت المسألة مصالح لأَمریکا ولأذیالها ولأیادیها تضیعُ کُلّ العناوین والاعتبارات، لا یبقى حقوق إنْسَـان ولا یبقى أَیْضاً حقُّ الحُـرِّیَّة والاستقلال للشعوب، ولا تُمنع مسألة التدخل فی شؤون الدول الأُخْرَى، کُلّ العناوین تضیع وکل الحواجز تُنتهک طالما والمسألة على ذلک.

اللائمةُ الحقیقیةُ والمسؤولیة فی الدنیا والآخرة على الذین یظلمون الناسَ ویبغونَ فی الأرض بغیرِ حق.

ثم للمقاتلین فی سبیل الله فی مواجَهة الأَشْرَار والطُّـغَـاة والجائرین والمعتدین والمستکبرین والمفسدین فی الأرض المستضعفین حینما یتَـحَـرّکون هکذا کما أَرَادَ الله لهم أن یکونوا مَن یقتل منهم فی هذا السبیل هو شهیدٌ عند الله، أکرمه الله بهذه الکرامة، والشِّهَـادَةُ فی سبیل الله لیست مُجَرَّدَ لقبٍ فخری، کُلُّ مَن أصبح لهم قتلى قالوا شهداء، یُقتل بعضُ منتسبی حزب الإصلاح ومنتمون إِلَـى الدواعش یُقتلون جنباً إِلَـى جنب مع المقاتلین من بلاک ووتر الأَمریکیة عن یمینه أَمریکی عن یساره «إسْرَائیْلی»، بجانبه الآخر أَیْضاً شخص من هنا أَوْ هناک من شذاذ الآفاق فی الموقف الخطأ والباطل تحت رایة أَمریکا فی موقف تدعَمُه «إسْرَائیْل» ثم یقولون عنه الشهید فلان بن فلان، ذاک الذی قُتل مع البلاک ووتر یُعتبَرُ بهذا الاسم الشهید فلان بن فلان، لا.. الشهید هو الذی یقفُ موقفَ الحَـقّ، له شرعیة موقف، سلامة المقصد والنیة، لیس فی موقع الظالم والمتجبر والمعتدی، هذا هو الشهید، نیته نیة سلیمة، موقفه موقف مشروع ومحق وهکذا نجد أن الشِّهَـادَة فی سبیل الله هی کرامة، لکن فی موقف الحَـقّ أنت تکون شهیداً حینما تلقى اللهَ وأنت فی هذا النهج وهذا الطریق نهجَ الخضوع لله وحدَه واستسلام لله وحدَه، أن لا یستعبدک أحدٌ من دون الله، أن تقفَ فی وجه من یریدون استعبادَک وقهرک وظُلمَک والطغیان علیک والتجبر علیک والاستکبار علیک، أنت ومَن معک من المستضعفین، هنا الشِّهَـادَة، هنا ترتقی شهیداً، لک مجد وخلودٌ وشرفٌ دائم، لک هذه المکانة العالیة عند الله، فلا یقال عنک إنک فی عدادِ الأموات؛ لأن اللهَ أَرَادَ لک الکرامةَ بأنک اخترت الکرامة هنا فی الدنیا، حینما تُقتَلُ فی خط الکرامة یأبى الله لک إلّا الکرامةَ فتنتقل إِلَـى دار الکرامة.

وهکذا نجد أیها الإخوة الأعزاء أن هذا الطریق هذا النهج والذی یحمل أمةً هو الذی یمکّنُ الأمة من التصدّی لجبروت الطُّـغَـاة والجائرین والمستکبرین والمفسدین فی الأرض، هم لا یبالون بالناس طالما أمکنهم أن یقتلوا الناسَ، سیقتلون الناسَ؛ ولذلک الخیارُ الأفضلُ فی واقع کواقعنا هو الحُـرِّیَّة هو العزة والصُّمُـوْد، هو الثبات حتى لو حظی الإنْسَـان بهذا الشرف، هل هناک شیء أَکْبَر من هذا الشرف وَأسمى، وَأخطرُ أَوْ أَکْبَرُ ما یمکنُ أن یحدُثَ فی هذا الطریق هو الشِّهَـادَة، الشِّهَـادَة شرف لیس شیئاً یمکن أن تخشاه أَوْ تتهرَّبَ منه أَوْ فی مقابل الهروب منه تخنع وترکع وتستسلم لأَشْرَار تافهین قد یقتلونک فی نهایة المطاف ذلیلاً مستعبداً ومقهوراً وخانقاً.

الواقعُ الذی نعیشُ فیه ملیءٌ بالفتن والمشاکل والأحداث، المنطقة کلها تغلی غلیان، ومهندس هذه الفتن وهذه الحروب وهذه المآسی وهذه النکبات کلها هو الشیطان الأَکْبَر أَمریکا و«إسْرَائیْل»، الآخرون کالنظام السعودی أدواتٌ أُخْرَى، وکداعش والقاعدة، کلها أدواتٌ، کلهم عبیدٌ لأَمریکا، خَدَمٌ لأَمریکا، أدوات قذرة رضوا لأنفسهم هذا الدور، الشیءُ العجیبُ أنهم یتباهون به، ما أسوء أن یکونَ الإنْسَـانُ فی مثل هذا الدور، عبداً لأَمریکا خادماً لأَمریکا، یخدم مصالح «إسْرَائیْل» ویرى نفسه وقد أعطی هذا الدور أنه تفضّل لتکونَ خداماً بید أَمریکا تخدمها فی المنطقة، یرى نفسَه کبیراً مهماً ذا دورٍ إقلیمی وأنه وأنه…، ما أحقر الإنْسَـان وما أسوأه أن یرضى لنفسه أن یکونَ بهذا المستوى؛ ولأجل ذلک یفعَلُ أی شیء، یتجرد من کُلّ إنْسَـانیته، یرتکب أبشع الجرائم، یقتل الآلاف المؤلفة من الأَطْفَال والنساء، یستهدف من ینتسب إِلَـى دینهم، یستهدف المسلمین، یستهدف الشعوب المجاورة له، یلعب دوراً شیطانیاً إجْرَامیاً بشعاً قذراً ثم یرى نفسه ضخماً عظیماً مهماً وأنه أصبح له دور، ما هو هذا الدور؟!!، دور تخریبی، دور إجْرَامی، دور سیء، دور قذر، دور مفسد، لا یشرف أیاً کان أن یجعل من نفسه خادماً لأَمریکا مشتغلاً لمصلحة «إسْرَائیْل»، لا والله ولا ذرة من الشرف فی ذلک.

فی ظل واقعٍ کهذا، هندست أَمریکا و«إسْرَائیْل» واقعَ المنطقة مستفیدةً من الإفلاس الأَخْـلَاقی والدینی لدى البعض فطوّعتهم وجعلت منهم خداماً لها وأیادیَ قذرةً وإجْرَامیة لها فی المنطقة، فیصبح الإنْسَـان بین إحدى ثلاث: إما أن یدخُلَ فی صف العبید لأَمریکا والخَدَم لأَمریکا وأولئک الذین یتَـحَـرّکون لخدمة أَمریکا وقد یُقتل فی هذا السبیل وقد یخسر فی هذا السبیل وقد یقدم کُلَّ شیء فی هذا السبیل، یخسر إنْسَـانیته، یخسر دینه، یخسر عروبته وشرفه، یخسر کُلّ شیء قیمه إنْسَـانیته.

فی نهایة المطاف قد یخسر حتى حیاته، والکثیر یخسرون حیاتَهم فی هذا الطریق، یُقتلون فی هذا الطریق والعیاذ بالله ما أسوء ذلک أَوْ أن تحاول أن تجعلَ نفسَک مجرد محاید کما یتصوَّرُ البعضُ أنه بإمْکَانه الحیاد، یعنی إنْسَـان لا أتحمَّلُ مسؤولیة لا أقف فی صفِّ أی أحد، وأجلس خاضعاً وأنتظر من یسیطر على الأوضاع لأکون معه وهکذا، ولکن نجد الکثیر ممن یسلکون هذا المسلک مع قُبح ما هم فیه من تنصل عن المسؤولیة من تجرُّد من القیم العظیمة التی تجعلک تحسُّ بإنْسَـانیتک تجاه نفسک وتجاه الآخرین، لکن الکثیر من یسلکون هذا المسلک أَیْضاً یُقتلون یخسرون یعانون، المعاناة عمت، عمت لم تستثنِ أحداً، الأخطار عمت لم تستثنِ أحداً، المشاکل عمت لم تستثنِ أحداً.

لو یحاولُ الإنْسَـانُ أن یحاید سیناله قسطُه من الأتعاب والأخطار والمشاکل والمعاناة، والکثیر یقتلون أَیْضاً وهو على ذلک أَوْ أن یکون الإنْسَـان فی موقف المسؤولیة، الموقف الذی تفرضه علیک إنْسَـانیتک إن کنتَ لا زالت إنْسَـاناً تتمتع بأحاسیسک الإنْسَـانیة ومشاعرک الإنْسَـانیة، یفرضه علیک انتماؤک الدینی والوطنی والأَخْـلَاقی إن کنت لا تزالُ فعلاً تحس بهذا الانتماء وتعیش هذا الانتماء فی وجدانک ومبادئک وسلوکک وقیمک وأَخْـلَاقک ومواقفک، وهذا هو الخیار الصحیح، الخیار الذی هو مرضاة لله، الخیار المشرف، الخیار المنسجم مع کُلّ تلک الهُویة الإنْسَـانیة والإسْـلَامیة والوطنیة، هذا هو الخیار الذی فیه العز کُلّ العز الشرفُ کُلّ الشرف، فهو الخیار الذی فعلاً فی نهایة المطاف یصنَعُ لِلأُمَّـةِ النصرَ ویصنع للمستضعفین الخلاصَ.

أما خیارُ الذین یقبلون لأنفسهم بالذل وبالهوان وبالخنوع والاستکانة ویبیعون أنفسهم ویعبِّدون أنفسَهم للطاغوت فهو الخیار الخاسر على کُلّ الاعتبارات وعلى کُلّ المستویات؛ ولذلک نقول إن شهداءَنا فخرٌ لنا بکل ما تعنیه الکلمة؛ لأنهم جسّدوا انتماءهم الإنْسَـانی والإسْـلَامی والوطنی، وموقف أسرهم موقف مشرف هو محط فخر واعتزاز، نرى الکثیر من المقابلات مع أُسَر الشُّـهَدَاء ونرى ما هُم علیه من العظمة من الثبات من الشموخ، فعلاً مواقف یقشعر لها جسدُ الإنْسَـان إجلالاً وتعظیماً، کم هم کبار وکم هم عظماء أسر الشُّـهَدَاء، بثباتهم بعظمتهم بعطائهم بصبرهم بشموخهم.

ومواقف هؤلاء المستضعفین الذین اختاروا لأنفسهم خط الحُـرِّیَّة ومنهاج الکرامة هو الخیار المشرّف والخیار الصحیح والاتجاه المُنجی؛ ولذلک واجبنا ونحن نعیشُ هذه الذِّکْـرَى أن نسعى لتعزیزِ روح الاستعداد العالی للتضحیة والإصرار على الحیاة الکریمة أَوْ الشِّهَـادَة بکرامة الحیاة فی هذه الحیاة بکرامة أَوْ الشِّهَـادَة بکرامة فی مواجهة الاستعباد، ونحن فی هذه السیاق ونحن نرى فی واقعنا ونحن نواجهُ الطغیانَ الأَمریکی «الإسْرَائیْلی» السعودی، نرى کُلَّ الأَحْـرَار والشرفاء فی بلدنا من کُلِّ فئات الشعب من الرجال والنساء من النخب العلمیة، کذلک فی المیدان الجیش واللجان الشعبیة الأَحْـرَار والشرفاء هم بحمدِ الله کثیرٌ من کُلِّ الفئات، العلماءُ والإعلامیون والأکادیمیون وکُلّ الأَحْـرَار نراهم فعلاً وقد تألقوا بهذا الشرَف، رجال أَحْـرَار شرفاء کرام، وحرائر شریفات عزیزات شامخات ثابتات صامدات مؤمنات.

الکلُّ یعیشُ هذه الروحیة من الاستعداد العالی للتضحیة والصُّمُـوْد، هذا ما یجب أن نعززه وهذا ما یرقى بنا دَائماً لتحمُّل کُلّ الأخطار ومواجهة کُلّ التحدیات.. وعاقبةُ الصُّمُـوْد والثبات والتضحیة هی النصرُ، هذا وعد الله للمستضعفین الذین عبَّدوا أنفسَهم لله وحدَه ولم یقبلوا بأن یستعبدهم المستکبرون والظالمون والطُّـغَـاة والأَشْرَار.

المستضعفون الذین ساروا فی خط الله خط الکرامة خط العزة الحُـرِّیَّة، المستضعفون الذین استجابوا لله تعالى فوقفوا ضد الظلم والجور والطغیان والاستکبار، المستضعفون هؤلاء قال اللهُ عنهم: “یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ یَنْصُرْکُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَکُمْ”.

ما علینا إلّا مواصَلة هذا الطریق وإلا تعزیز هذا المبدأ وهذه القناعة، ما علینا إلّا الصُّمُـوْد والثبات والاستعانة بالله والتوکل علیه والحذَرُ من التقصیر والتفریط، هذا ما علینا أن نحذره، أن نحذر من التقصیر والتفریط، وأن نسعى لمواجهة مؤامرات الأَعْدَاء.

ما دام العُـدْوَان مستمراً فخیارُنا الإنْسَـانی الفطری الدینی والوطنی المسئول هو الثبات هو الصُّمُـوْد هو المواجهة وما دام العُـدْوَان مستمراً فنحن بإذن الله تعالى بتوکلنا على الله إنَّمَـا یزیدُنا طغیانهم عزماً وثباتاً، وقد تجلَّى بفضل هذه الأحداث ما علیه أولئک الطُّـغَـاة الأَشْرَار أَمریکا من سوء.

أقولُ لکل الفئات فی بلدنا وعلى رأسها وفی مقدمتها الأحزاب السیاسیة التی تنظُرُ بإیْجَـابیة إِلَـى الواقع وترى فیه أُنموذجاً سیاسیاً ممتازاً للدولة الحدیثة والدولة المدَنیة ولمنظمات المجتمع المدنی التی تنظر بعضُها بإعجاب إِلَـى الغرب وإلى أَمریکا، هذه هی أَمریکا، أَمریکا رأیتموها فی کُلّ تلک القنابل والصواریخ التی قتلت الآلاف المؤلفة من الأَطْفَال والنساء، أَمریکا رأیتموها فی قصف المدن وفی قصف القرى، ورأیتموها فی استهداف الآثار، ورأیتموها فی استهداف المساجد فی استهداف الأسواق فی استهداف الإنْسَـان وکل ما یمت بصلة لهذا الإنْسَـان، أَمریکا فی حقوق الإنْسَـان فی الحُـرِّیَّة فی الدیمقراطیة رأیتموها تدعم أسوءَ نظام مستبد فی المنطقة؛ لیکون هو وصیها ویدَها الإجْرَامیة علیکم، أرادوا من السعودیة النظام المستبد الذی لا یعرفُ معنىً لا لدیمقراطیة ولا لحُـرِّیَّة ولا لدولة مدَنیة ولا لأیٍّ من هذه المسمیات أن یکونَ هو مأمورها الآمر على الشعب الیمنی.

هذه هی الحقیقة أَمریکا رأیتموها طغیاناً وإجْرَاماً فی أشلاءِ أَطْفَالکم فی أشلاء نسائکم فی خراب بیوتکم ومدنکم وقراکم.

یا شعبنا هذه هی أَمریکا و«إسْرَائیْل» هذا هو الدینُ الوهابی الذی لا یمُتُّ للإسْـلَام بصلة، رأیناه وحشیةً لا تعرف معنى للإنْسَـانیة ولا شفقة ولا رحمة لا بکبیر ولا بصغیر ولا بطفل ولا بامرأة.

هذه هی الوصایة السعودیة التی رأینها تستهدفُ شعبنا لتجویعه وإفقاره على ما هو علیه من فقر ومعاناة، هذا الطغیان الذی نراه متمثلاً بأَمریکا و«بإسْرَائیْل» وبالحضارة الغربیة التی لا تعرفُ معنىً للإنْسَـانیة وحقوقِ الإنْسَـان، وفی عملائها فی المنطقة من القوى التی تطبع نفسَها بطابع دینی مثل داعش والقاعدة وَالإسْـلَامُ وقیَمُه وأَخْـلَاقه بریء منها.. والنظامُ السعودی الذی یقدم نفسَه نظاماً متدیناً ثم هو یُقَدِّمُ تحت عناوینه الدینیة محتوىً ومضموناً کله إجْرَام کله طغیان کله کبر کله تسلط کله اضطهاد لعباد الله والمستضعفین، فخیارُنا یا شعبَنا العزیز فی هذه الذِّکْـرَى العزیزة هو الصُّمُـوْد هو الثبات هو التَـحَـرّک الجاد والحذر من التقصیر، الحذر من التوانی فی کُلّ الجبهات.

یجبُ على الجمیع بعدَ کُلّ هذا المدى الطویل من العُـدْوَان ونحنُ نقتربُ من تمام العام أن یراجعوا أنفسهم وأن یحذروا التقصیر، أی مقصِّر یقصِّرُ تقصیرُه خطرٌ علیه أمام الله.

مسؤولیتنا جمیعاً أن نسعى لزیادة مجهودنا فی التصدّی لهذا العُـدْوَان ما دام قائماً ومستمراً، ومسؤولیة الجمیع، دولة مؤسسات دولة وما تبقى منها ومجتمع مسؤولیتنا جمیعاً، مسؤولیة کبیرة تجاه أُسَرِ الشُّـهَدَاء.. حقهم علینا أن نتعاطى معهم مثل أسرنا تَمَـاماً، أن لا یجوعوا ونشبع، أن لا تلحقهم المعاناة فلا یجدون من یمد إلیهم یدَ المحبة والإخاء والرحمة وَالکفالة والتعاون، مسؤولیتنا جمیعاً، وهذه قیَمُنا کیمنیین، قیم الکرم قیم العطاء قیم الإحسان قیم المروءة قیم التعاون أن نحافظ علیها، وأن نسعى کذلک لمواجهة الاستقطابِ القذر والسیء..

النظامُ السعودی وأسیادُه الأَمریکیون یحرصون على اختراقِ الجبهة الداخلیة من خلال استقطابِ البعض ممن یجتمع لهم الفقر والکفر، الفقر والخزی والدناءة، ممن فی مقابل الحصول على المال قد یتآمَرُ على وطنه وعلى شعبه وعلى دینه وعلى أمته، فیحاولون أن یستقطبوا البعضَ لیعطوهم المالَ وَیدفعوا بهم إِلَـى قتال شعبهم والمساهمة فی العُـدْوَان على بلدهم، أن نسعى بکل جُهدنا وجاهات اجتماعیة مشایخ کُلّ ذوی العلاقات والتأثیر لمواجَهة حالة الاستقطاب هذه ونُصْح مَن قد تورط أَوْ قد استقطب وضَعُفَ وعیه وضعف ثباته وضعفت هویته وضعف انتماؤه فتورط وانزلق إِلَـى صفّ العُـدْوَان لیعودَ إِلَـى وطنه إِلَـى بلده إِلَـى شعبه، لیعود إِلَـى الحَـقّ ولا یسمح لنفسه بأن یستمرَّ فی خدمة الغزاة المحتلین للبلد، أن لا یستمر فی خط الخیانة، الواجب هو النصح والسعی لتذکیر مَن قد تورط أَوْ اتجه ذلک الاتجاه وانزلق ذلک المنزلق الخطیر والسیء.

ونصیحتنا للنظام السعودی والقوى العمیلة لأَمریکا و«إسْرَائیْل» أن یراجعوا أنفسهم، والله إنهم خاسرون، خدماتهم لأَمریکا وخدماتهم «لإسْرَائیْل» المکشوفة والمفضوحة لیست فی مصلحتهم فی نهایة المطاف، فی نهایة المطاف أنتم ستخسرون والمعاناة التی ألحقتموها بشعوب المنطقة والنکبات التی سعیتم إِلَـى إلحاقها بالناس فی نهایة المطاف ستحل بکم عقاباً من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولن یکون أولئک أوفیاء معکم، قد یکونون هم من یتآمر علیکم، فی المقابل کلما قد قدمتم من خدمات فی مرحلة من المراحل قد یرون من مصلحتهم أن یتآمروا علیکم وأن یضربوکم وأن یتخلصوا منکم، لا وفاءَ لدیهم من أحد، هناک تجارب بغیرکم یمکنکم أن تستفیدوا منها وأن تتعظوا بها، هناک من قد خدم أَمریکا بقدر ما خدمتموهم، قاتل فی سبیلها، فعل لها الکثیر والکثیر یَـوْماً من الأیام رأت أن من مصلحتها ضربَه أَوْ الخلاصَ منه ولم تتردد فی ذلک، أنتم لستم ببعید عن ذلک، راجعوا أنفسهم، راجعوا هویتکم إن کنتم ما زال لدیکم ارتباطٌ بهذه الهُویة.

وأتوجه إِلَـى شعبنا الیمنی العزیز بالثبات والصُّمُـوْد والتکاتف والتعاون على البر والتقوى، وبالاستعانة والتوکُّلِ على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وبالاستمرار فی مواجهة هذا العُـدْوَان ما دام مستمر وقائماً.

أسألُ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن ینصُرَ الشعبَ المظلوم وأن یشفیَ جرحانا وأن یرحم شهداءَنا الأبرارَ.

شاهد أيضاً

آل سعود يؤدّون الطاعة للعدو الإسرائيلي ويصبون جام غضبهم في البحرين

آل سعود يؤدّون الطاعة للعدو الإسرائيلي، ويصبون جام غضبهم في البحرين في مواجهة شعب يطالب ...