الرئيسية / الاسلام والحياة / التربية المفقودة والمسخ الباطني – الاستاذ سالم الصباغ

التربية المفقودة والمسخ الباطني – الاستاذ سالم الصباغ

السؤال الذي أعتقد أنه يلح علي أذهان الناس هو : كيف وصل ( الإنسان ) الذي كرمه الله عز وجل ، والذي يدعي أنه متدين ، وينتمي إلى رسالة سماوية ، إلي هذا المستوى من الإنحطاط الأخلاقي إلي اسفل سافلين ، فيقتل ويدمر ويعتدي علي الأموال والحرمات باسم الدين …بل ويقتل الأنبياء والأولياء الصالحين ؟

 

أقول بصراحة أن السبب هو إنهيار منظومة التربية الاخلاقية علي مستوي : الفرد الأسرة المجتمع لقد ظن البعض ان الإنسان لو تم تركه هكذا للمجتمع مع بعض التعاليم فإنه بإنسانيته سوف ينشأ علي الإستقامة والصلاح ، ونسي أن التربية علم كبير .

ومسئولية صعبة وخطيرة خاصة في هذا العصر . فما هو المعني الديني للتربية ؟ التربية في حقيقتها هي إستخراج الفطرة الإنسانية من دائرة ( القابلية والإستعداد والقوة) إلي دائرة ( الفعل ) الخارجي ، فبدلا من أن يكون الفرد إنساناَ ( بالفطرة ) فقط يجب أن يكون إنسانا ( بالفعل ) …

كما في حالة النباتات ، فهي تختزن في بذورها كل صفات النبات النهائية ، ثم بعد وضعها في الأرض والرعاية بها وسقيها ، تنبت وتظهر إلي السطح أوراقاَ وثمارا وزهورا .. اما لو تركت هكذا بذرة لما أنبتت من كل زوج بهيج .. ولقد لفت القرأن الإنسان إلي هذه العلاقة في قوله تعالي : (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا ) نوح 17 من كان يتصور أن نواة النخلة ، تلك الخشبة الصماء تختزن بداخلها هذه النخلة العملاقة التي تحمل من كل ألوان البلح ( مختلفا الوانه ) …!!

كذلك الإنسان فطره الله علي عشق الكمال المطلق والتوجه إليه ، اي عشق الله عز وجل ، أي التوجه إلي الجميل المطلق ، والغني المطلق ، والرحمة المطلقة ، ولكن هذه الفطرة ـ و إن كان الإنسان مولود بها ، إلا أنها كامنة تختاج إلي من يخرجها إلي مرحلة ( الفعلية ) …

وهذا هو دور التربية ، الذى يجب أن تقوم به الأسرة ( الوالدين ) والمجتمع ( البيئة ) وكذلك الدولة …عن طريق بث تعاليم القرأن ، وتعاليم الرسل والأنبياء ، يقول الله عز وجل عن الفطرة أنها ( الدين القيم ) : فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) الروم فرغم أن الفطرة هي الدين القيم فإن العلماء والدعاة والمفكرين تجاهلون هذا الدين القيم …!!!

بل يبثون تعاليم ضد الله وأنبيائه ورسالاته أما إذا لم يتم رعاية هذه الفطرة من الأسرة والمجتمع ، وتربيتها علي يد رسالات انبياء الله وأوليائه الصالحين ، فأن القوي الحيوانية الموجودة في النفس الأمارة بالسوء وهي : قوة الشهوة قوة الغضب بالإضافة إلي قوة الوهم والشيطنة هذه القوي إذا لم تخضع لسلطان العقل والشرع فهي تنموا مع الإنسان وتتوحش .

ويصبح الإنسان حيواناَ متوحشاَ ( بالفعل )بل أكثر شراسة وعنفاَ من الحيوانات المتوحشة ، و إن كان في صورة إنسانية ظاهرية ، ومن هنا نستطيع أن نفسر وحشية داعش ، وغيرها من حالات التوحش والعنف والإرتداد علي الفطرة ، وهذه هي حالات (المسخ الباطني أو الملكوتى) ، والتي لا تظهر حقيقتها إلا يوم تبلي السرائر يقول الله عز وجل : ﴿ أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ﴾.

ويقول الله عز وجل : (وجعلنا منهم القردة والخنازير ) ويقول أيضاَ : ( وإذا الوحوش حشرت ) فالوحوش لا تحاسب ، ولكنها الوحوش البشرية وقال عز وجل : ( فمثله كمثل الكلب ) ويقول ايضاَ : ( كانهم حُمر مستنفرة ) رحم الله الإمام الخميني عندما قال : إجتهد في أن تبعث إنسانا

 

– موقع حبل الله

www.hablallah.com

شاهد أيضاً

الإمام المهدي وتحقيق العدل الإلهى على الأرض – سالم الصباغ

في هذه المحاضرة سوف نجيب بإذن الله عن الأسئلة الآتية : 1- ما الهدف من ...