الرئيسية / بحوث اسلامية / من هم المؤمنون ؟

من هم المؤمنون ؟

النصّ القرآني: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾

النقاط المحورية:
– ما هو الإيمان؟
– الإيمان في الفقه.
– حقيقة الإيمان.
– الفرق بين الإيمان والإسلام.

الإيمان كفيل السعادة
إنّ الإيمان الحقيقي هو الذي يُحقّق للإنسان سعادته في الدنيا والآخرة، إنّه ذلك الإيمان الذي يستقرّ في النفس الإنسانية فيُغيّر أحوالها وينهض بها إلى أعلى المراتب ويجعلها تستشعر عظمة الله ووحدانيّته وأنّه هو المتصرّف الوحيد في هذا الكون وهو المسيّر له ولا يتحرّك ساكن إلا بأمره، ويُسمّى الإيمان القلبي ومقرّه القلب.

وإذا دقّقننا أكثر سنجد: “أنّ الإيمان والكفر إنّما يتبعان صفات موجودة في القلب، فلا يُمكن تحقّق الإيمان إلَّا بعد التزكية، كما أنّ الكفر والنفاق من آثار رذائل الصفات، ولا يُمكن إزالة النفاق والكفر إلَّا بعد إزالة مبدئهما من حبّ الدنيا والنفس” .

والإيمان إنّما يتكوّن في القلب وتظهر آثاره في اللسان والجوارح والأركان، وبظهور هذه الآثار تتمّ حقيقة الإيمان. وكما يقول بعض المفسّرين فإنّ: “حقيقة الإيمان هو ما أوجب الأمان فمن بقي في مخاوف المرتابين لم يبلغ إلى حقيقة الإيمان” .

ما هو الإيمان
الإيمان لغةً مصدر آمن يؤمن إيماناً فهو مؤمن، فهو مأخوذ من مادة (أ م ن) التي تدلّ على عدّة معان:
الأول: الأمانة ضدّ الخيانة: ومعناها سكون القلب.
الثاني: الأمن والأمان ضدّ الخوف.
الثالث: التصديق ضدّه التكذيب.
الرابع: الإيمان ضدّ الكفر: وقد أُخذ هذا المعنى من التصديق.
الخامس: السكينة والطمأنينة: الأمن والأمانة والأمان في الأصل مصادر، تُطلق على الحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن من طمأنينة النفس، وزوال الخوف.

وقد خلص الشهيد الثاني إلى أنّ لمفردة الإيمان عند علماء اللغة جذرين:
الأول: التصديق والاعتقاد والاعتراف.
والثاني: الأمن والأمان بمعنى سكون النفس واطمئنانه” .

والمعنى الإصطلاحي للإيمان موافق للمعنى اللغوي، فقد عرّف المتكلّمون الإيمان بالتصديق، فحقيقة الإيمان هي التصديق بالقلب، لأنّ الخطاب الذي توجّه فيه القرآن بلفظ آمنوا إنّما هو بلسان العرب ولم يكن العرب يعرفون الإيمان غير التصديق .

الإيمان في الفقه
وللإيمان في الفقه اصطلاحان:
الأول: وهو الاعتقاد الخاصّ بالله تعالى وبرسله وبما جاؤوا به، وهو بهذا المعنى يختلف عن الإسلام الذي هو إقرار بالشهادتين باللسان. وقد أُشير إليهما في قوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾.

الثاني: الاعتقاد بالله وبالرسل وما جاؤوا به وبإمامة أهل البيت عليهم السلام ، ويُعبّر عنه بالإيمان بالمعنى الأخصّ المقابل للإيمان بالمعنى الأعم لخلوّه عن هذا الاعتقاد، فهو داخل في اصطلاح الإمامية.

إذا لاحظنا مصطلح الإيمان مع الإسلام فيُطلق الإيمان – تبعاً لآراء الفقهاء – على أربعة معانٍ منها:
المعنى الأول: يُساوي الإسلام، كما في قوله تعالى: ﴿فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ﴾ ، وقوله تعالى: ﴿وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾ .

المعنى الثاني: مغاير للإسلام كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ وقوله تعالى: ﴿قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ .

وتحت عنوان المغايرة قد يُساوي الإيمان الإسلام، وقد يُراد بالإيمان التصديق القلبي، أو يُراد منه التصديق المقرون بعمل الجوارح، وقد يكون خاصّاً بالاعتقاد الاثني عشري.

وبذلك يكون مجموع الآراء الفقهية وفق هذه المعاني الأربعة.