الرئيسية / من / طرائف الحكم / تتمة الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية

تتمة الحكم والأخلاق في منطق الثورة الحسينية

 

والمعروف عن المؤرخين تصنيفه في صفوف المعارضين لحكم يزيد ولكن الواقع يحكي لنا خلاف ذلك ، فقد استطاع معاوية تذليل صعبه وأخذ بيعته برضيخة من المال قليلة لا تعدل ثمن جارية من مغنيات يزيد .
يقول صاحب الكامل :
فلما مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد فأرسل إلى عبدالله بن عمر مائة الف درهم فقبلها فلما ذكر البيعة ليزيد قال ابن عمر : هذا ما أراد إنّ ديني عندي اُذن لرخيص ، وامتنع .
أبهم المؤرخ فلم يُشر إلى وجه امتناعه هل امتنع من البيعة أو أخذ المال ؟!
واحسب أن الإيهام جاء لغرض في نفس المؤرخ أو الراوي إذا نزهنا ابن الأثير من التصرّف بالنص ليحمل القارئ أو السامع على فهم الامتناع عنهما معاً ولا استبعد أن تكون كلمة « امتنع » اضيفت إلى النص بآخرة بخاصة إذا عرفنا أن النصوص الأخرى تخلو منها فهذا ابن سعد لم يذكرها في روايته بل اقتصر على قول ابن عمر : أرى ذاك اراد إن ديني عندي اُذن لرخيص ..(1) .
والواقع إنّ ابن عمر فعل الاثنين أي أخذ المال وبايع وليس هذا أول مال يأخذه من معاويه بل تتابعت الرضائخ الماليّة والبدر السمينة من معاوية له ولغيره .
وذكر ابن الأثير أن ابن عمر بايع ليزيد سراً ولكنّه نسبه إلى القيل . قال : وقيل : إن ابن عمر قال لمعاوية : ابايعك على أني ادخل فيما يجتمع عليه الأمة فوالله لو اجتمعت على عبد حبشيّ لدخلت معها ثمّ عاد إلى منزله فاغلق بابه ولم يأذن لأحد(2) .
وهذا الموقف يقتضينا مسائلة ابن عمر عن مدلول الأمة عنده فهل هم أهل الشام وحدهم ؟ أو أنّها تنطبق على الجميع من دون استثناء فإن كان الثاني ، فما باله وقف في الطرف المضاد لأهل المدينة حين خلعوا يزيد في وقعة الحرة .. قال ابن سعد : إن ابن عمر لما ابتز أهل المدينة يزيد ابن معاوية وخلعوه دعا عبدالله بن عمر

——————————————————————————–

(1) ابن سعد ، الطبقات ، ج4 ص182 .
(2) ابن الأثير ، الكامل ، ج3 ص152 .

 

شاهد أيضاً

أسباب الثورة الحسينية

أسباب ثورة الإمام الحسين (عليه السلام)هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإصلاح من الفساد الإموي، ...