الرئيسية / من / قصص وعبر / وجهان!!.. بقلم: د. بسام الخالد

وجهان!!.. بقلم: د. بسام الخالد

الأول:
شدَّ “نضال” الرحال قاصداً أحد بلدان العالم المتطور، بعد أن أمّن له صديقه “نعيم”، المقيم هناك، قبولاً مجانياً للعلاج في أحد المشافي مع ثمن بطاقة الطائرة.. عندما دخل بوابة التفتيش في المطار أعلن “زمور” الأمن عن وجود ما هو مريب.. خلع يوسف ساعة يده وأفرغ النقود المعدنية وكل ماله علاقة بإغضاب الجهاز اللعين وعاود الكرّة، لكن الجهاز بقي على عناده.. اقتاده رجلا أمن إلى غرفة داخلية وعرّياه حتى من ورقة التوت، وعندما لم يجدا ما يبحثان عنه اقتاداه مجدداً إلى الضابط الذي نهره بدوره قائلاً: ” اعترف ولا.. الجهاز لا يكذب.. ماذا تخفي في جسدك”؟!
قال: ” لقد عريتموني تماماً وليس لدي ما أخفيه”.. أشار الضابط إلى رجلي الأمن إشارة ذات مغزى.. ثوان وكان نضال معصوب العينين وملقى في سيارة الأمن وتناهى إلى سمعه النداء الأخير لرحلة طائرته التي ستغادر المطار بعد قليل.
في المشفى حاول أن يشرح للأطباء حالته لكنه لم يلق آذاناً مصغية.. لحظات وانتشر المخدر في جسده.. وعندما استفاق وجد جسده لوحة “سوريالية” من الضمادات.. حاول النهوض مستنكراً فاكتشف أنه مقيد إلى السرير.. إلا أن ابتسامة الطبيب هدأت من روعه: “مبروك يا بطل أنت حر” وقدم له مجموعة من الشظايا على قطعة قماش.. ” لماذا لم تخبرنا منذ البداية أنك محارب قديم” ؟!
الثاني:
عندما اشتدت الأزمة في البلد غاب “حامد” عن الساحة ولم يعد يراه أحد، لا في المشهد الإعلامي ولا في المنتديات الفكرية التي كانت غطاء لفساده الوظيفي، لقد كان “ثعلباً” يلعب على جميع الحبال وينتقل بسهولة بين ضفة وأخرى.. استقال من وظيفته وباع كل أملاكه بما فيها “الفيلا” الفخمة التي جناها من “عرق جبينه” واستند إلى ثلاث جنسيات أجنبية لأولاده الذين كان يحرص على ولادتهم في إحدى الدول الأوروبية ولسان حاله يقول: ” البلد ما بينعاش فيها ” وهو الذي أوفد لمدة عشر سنوات على حساب “البلد” حتى نال شهادة الدكتوراه وتسلم مناصب، كان يحلم بها الكثيرون، أثرى من خلالها عبر الوساطات والعمولات والأتاوات والسمسرة، وعنما فاحت رائحة فساده مُنع من السفر.
فجأة يظهر صاحبنا في الدولة الأوروبية إياها، كرجل أعمال، وهو يدشن مشروعاً “ترفيهياً” بكلفة وصلت إلى ٢٥ مليون دولار أميركي!
السؤال الذي يطرح نفسه: من غادر البلد أولاً.. صاحبنا ” الثعلب” أم ملايين دولاراته.. ولماذا لم يصدر ” زمور” جهاز الأمن في المطار صوته المعهود؟!