الرئيسية / القرآن الكريم / أبحاث حول القرآن – وحي القرآن 06

أبحاث حول القرآن – وحي القرآن 06

والمكاشفة لا تنتج عند صاحبها يقينا كاملا ، ويقين النبي صلى الله عليه واله وسلم بالوحي قد كان كاملا ، مع وثوقه بأن المعرفة الموحى بها غير شخصية ، وطارئة ، وخارجة عن ذاته (1) .
     والوحي الإلهي هو الفصل الذي يكشف به الله للإنسان عن الحقائق التي تجاوز نطاق عقله (2).
     وإذا كان الوحي فعلا متميزا ، فهو صادر عن فاعل مريد ، وهذا الفاعل المريد هو الله تعالى ، وليس الإلهام والكشف كذلك ، وهذا ما يميز الوحي عن المكاشفة ، والوحي النفسي ، والإلهام ، إذ أن مردّ الإلهام يعود عادة إلى الميدان التجريبي لعلم النفس ، ونزعة الوحي النفسي في انقداحها تعتمد على التفكر في الاستنباط ، والمكاشفة تتأرجح بين الشك واليقين .
     أما الوحي فحالة فريدة مخالفة لا تخضع إلى التجربة أو التفكير ، ومتيقنة لا مجال معها للشك . مضافا إلى أن حالات الكشف والإلهام والإيحاء النفسي حالات لا شعورية ولا إرادية ، والوحي ظاهرة شعورية تتسم بالوعي والإدراك التأمين .
     والوحي بالمعنى المشار إليه يختص بالأنبياء ، وليس الإلهام أو الكشف كذلك ، فهما عامان وشائعان بين الناس .
     ولقد فرّق المستشرق الألماني الدكتور تيودور نولدكه ( 1836 ـ 1930م ) بين الوحي والإلهام تفريقا فيه مزيج بين الواقع والصوفية ، فاعتبر الوحي خاصا بالأنبياء ، والإلهام خاصا بالأولياء إذ لا يوحى إليهم (3).
     ويتجلى الفرق بين الإلهام والوحي بتعبير آخر ، وبتصور متغاير ، أن مصدر الإلهام باطني ، وأن مصدر الوحي خارجي بل الإلهام من الكشف المعنوي ، والوحي من الواقع الشهودي ، لأن الوحي إنما يتحصل بشهود الملك وسماع كلامه ، أما الإلهام فيشرق على الإنسان من غير واسطة


(1) ظ : مالك بن نبي ، الظاهرة القرآنية : 167 وما بعدها .
(2) ظ : د . جميل صليبا ، المعجم الفلسفي : 2 | 570 .
(3) ظ : نولدكه ، دائرة المعارف الإسلامية : مجلد 9 مادة : الدين .

شاهد أيضاً

أبحاث حول القرآن – وحي القرآن 11

ما كان يبدو عل محمد في ساعات الوحي على هذا النحو الخاطىء من الناحية العلمية ...