الرئيسية / تقاريـــر / الهجرة المليونية… أرغمت أصحاب القرار على حمايتنا – صبحي ساله يي

الهجرة المليونية… أرغمت أصحاب القرار على حمايتنا – صبحي ساله يي

حماقات النظام الصدامي البعثي، كانت لاتعد ولاتحصى، مع ذلك كان يحظي برعاية مزدوجة من كلا المعسكرين الغربي والشرقي، وبدعم عربي وإسلامي كبير حتى اقدامه على غزو دولة الكويت في آب 1990، وقبل ذلك كان قد إنهار الاتحاد السوفيتي وتفكك، وحدث خلل في التوازنات الدولية ومعايير الحرب الباردة، وتحول النظام السياسي العالمي الى نظام القطب الواحد، وتفردت أمريكا بأداء الادوار السياسية والعسكرية وتشكيل التحالفات، التي ضمت أنظمة وحكومات مختلفة.

بعد العدوان على دولة الكويت، دعا عدد كبير من الدول العربية والإسلامية ومنظمات دولية والأمم المتحدة العراق الى الانسحاب منها، ولكن إستمرالنظام في حماقاته، وعلى أثره تشكل التحالف الدولي الثلاثيني بقيادة الولايات المتحدة الامريكية لإخراج القوات العراقية الغازية من الكويت وانهاء احتلالها.

وفي كوردستان، قرأت الجبهة الكوردستانية التي كانت تظم معظم الاحزاب السياسية، الأوضاع بدقة وحكمة وراقبت الأحداث، ورتبت البيت الكوردستاني وكثفت مساعيها وإستعدت لكل الاحتمالات الأيجابية والسلبية.

في الخليج بدأت الضربات العسكرية والحرب غير المتكافئة، وطرد الجيش العراقي من الكويت بعد أن استنزفت آلته الحربية. وهزيمة الجيش أشاعت أجواءً من التحفيز لدى أبناء جنوب العراق وكوردستان على الانتفاض ضد النظام البعثي.

في الخامس من آذار عام 1991 انتفضت الجماهير الكوردستانية، وبدأت بمدينة رانية وانتشر لهيبها، وفي غضون أسبوعين استطاع البيشمركه الأبطال والمنتفضون أن يحرّروا معظم قرى ومدن وقصبات كوردستان، وتزامن حلول عيد نوروز مع تحرير مدينة كركوك التي كانت وما زالت تحظى بمكانة خاصة لدى الكورد.

بعد توقيع النظام العراقي على إتفاقية الاستسلام الشهيرة، تحت خيمة صفوان، سمح له بإستخدام طائراته المروحية وجنوده المنهزمون العائدون من الكويت ضد المنتفضين الشيعة في الجنوب والكورد في كوردستان، فأراد النظام أن يستعيض عن هزيمته السريعة والمذلة والمهينة بتحقيق إنتصار يمحي جزءاً مما لحق به من عار، فاستخدم ما يملك من قوة وإمكانات بوحشية مفرطة، وبدأ بحملة مضادة لاستعادة المناطق المحررة، وبدأها في كوردستان بكركوك، ثم تقدم نحو مدينتي أربيل والسليمانية، وبما أن السكان في كوردستان كانوا على علم بتصرفات الصداميين ووحشيتهم، وبعد أن ذاقوا طعم الحرية والانعتاق، فإنهم رفضوا قبول العيش مرة أخرى في ظل حكومة فاشية لاتراعي أبسط القواعد الانسانية، لذلك قرروا ترك ما كان عندهم من ممتلكات، وبدؤا بالهجرة المليونية نحو الحدود الإيرانية والتركية، ودخل الملايين منهم الى أراضي الدولتين الجارتين بعد أن مات المئات من الأطفال والنساء والشيوخ على الحدود بسبب الظروفٍ مناخية قاسية. ذلك الحال الذي هز الضمير العالمي أرغم أصحاب القرار في العالم على التحرّك من أجل حماية الكورد، وأدى بمجلس الأمن الدولي الى استصدار القرار 688 الذي فرض الحماية الدولية لكوردستان ودعا النظام العراقي الى الكف عن مطاردة الكورد الذين يرفضون سياساته ووقف القمع الذي يمارسه بحق المدنيين في العراق، وناشد جميع الدول والمنظمات الانسانية للمساهمة في جهود الإغاثة في تلك المناطق، وبدأ المواطنون الكوردستانيون بالعودة إلى مدنهم وقراهم.

تلك الحماية أدت بنهاية المطاف الى إرغام قوات الجيش العراقي على الإنسحاب من جزء من كوردستان، وبعد الاستباب النسبي للأوضاع وتمتع الكوردستانيون بحريتهم، أجريت انتخابات برلمانية في 19 أيار 1992، وأدت تلك الانتخابات إلى تشكيل حكومة إقليم كوردستان.