الرئيسية / تقاريـــر / الايرانيون والقدرة على قراءة العقل الأميركي – علاء الرضائي

الايرانيون والقدرة على قراءة العقل الأميركي – علاء الرضائي

لازالت الادارة الأميركية تتذرع بحجج واهية لتتنصل من مسؤوليتها في تنفيذ الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1، وفي كل يوم تعنون موضوعا جديدا للاستمرار العداء والضغط على إيران.. انها الطبيعة المستذئبة للقوة الأميركية التي من الغباء الاطمئنان اليها والحساب عليها.
منذ الثالث من نوفمبر سنة 1979 واحتلال السفارة الأميركية بطهران دخل العداء بين إيران وأميركا مرحلة جديدة وأخذت المواجهة بين النظام الاسلامي والمنظومة الشيطانية تتصاعد حتى بلغت حدّ الصدام العسكري المباشر والتهديد بالضربة النووية!

وبشكل مجمل يمكن عنونة الاعمال العدائية الأميركية ضد الجمهورية الاسلامية:

1-  تجميد الأرصدة والأموال الإيرانية التي كانت مودعة منذ زمن الشاه هناك ولم تسحبها الحكومة المؤقتة برئاسة مهدي بازركان.

2-  ايقاف إرسال الأسلحة والمعدات التي كانت إيران قد اشترتها في عهد الشاه ودفعت تكاليفها.

3-  دعم القوى الإنفصالية وتسليحها في خوزستان وكردستان وبلوجستان.

4-  دفع منظمة مجاهدي خلق الإرهابية (المنافقون) للتصعيد العسكري وشن حرب تفجيرات واغتيالات راح ضحيت الآلاف من الشباب الثوري والناس العاديين والمسؤولين في الدولة.. وكان مجموع ما قدمته الثورة في مواجهة المجموعات الإرهابية المدعومة من أميركا 17 الف شهيد.

5-  الهجوم العسكري الفاشل على طبس بحجة “انقاذ” جواسيس سفارتهم، والذي كان من ضمن خطته التي شاركت فيها الدول الرجعية بالمنطقة، قصف مقرات القائد ونقاط حساسة في الدولة.. لكن يد الغيب أفشلت شهورا مديدة من التدريب والتحضير بـ”مجرد” عاصفة رملية!!

6-  تدبير محاولة إنقلابية تنطلق بقصف لطائرات يقودها طيارون خونة من قاعدة “نوجه” بهمدان والتي شاركت فيها حتى شخصيات دينية.. وقد وضع بيت الامام الخميني كأحد اهم اهدافها!

7-  دفع نظام صدام حسين لشن حربه الظالمة علی ایران، كما دفعت بعملاءها العرب للوقوف معه في قتل الشعبین الایراني والعراقي..

8-  تزوید العراق من خلال حلفائها الأوربیین بالسلاح الكیمیاوي الذي استخدم ضد العسكریین والمدنیین الایرانیین وضد الاكراد في شمال العراق.

9-  شن هجوم اعلامي غیر مسبوق ضد الثورة وقیاداتها بالتعاون مع عملائها.

10- تقدیم معلومات استخباریة بشكل غیر مباشر ومن ثم مباشر للقوات العراقیة.

11- ضرب منصات النفط الایرانیة فی الخلیج الفارسي.

12- جمع العناصر المناوئة للثورة بشكل مسلح علی الأراضي العراقیة ودعمها بالمال والسلاح والغطاء السياسي والاعلامي.

13-  ضرب قطعات البحریة الایرانیة، بسبب تدمیر القوة البحریة العراقیة في الايام الأولي من الحرب علي يد القوات الایرانیة، وعجز البلدان الخلیجیة عن مواجهة ایران.

14- ایجاد جبهة سیاسیة وأمنیة من عملائها في المنطقة لمحاصرة ایران..

15- اسقاط طائرة الركاب الایرانیة سنة 1987 وقتل 290 كانوا علی متنها.

16- تهدید وزیر الدفاع الأميركي الكسندرهیغ ایران بالتدمیر الكامل وحتی باستخدام السلاح النووي ضدها.

17- استخدام الفصائل والتنظیمات الأفغانیة والباكستانیة المتطرفة لتهدید أمن المناطق الحدودیة شرق ایران.

فضلا عما قامت به أميركا منذ ذلك الحین بفرض حصار اقتصادي – هي وحلفائها الاوربيين ـ على إيران، طال حتی الدواء والعلاجات.

صمدت ایران بفضل تضحیات شعبها وحنكة واخلاص قیادتها.. فتحولت أميركا الی سیاسة الاحتواء المزدوج، بعد ان تفكك معسكر حلفاءها اثر الغزو العراقي للكویت.. وتراكض عبید أميركا نحو ایران یعتذرون عما بدر منهم من اساءات وجرائم بحق ایران.. وتقاطر اهل “العقال والبشت” نحو طهران وفتحت الأخیرة ذراعيها لهم غافرة عن سیئاتهم وصافحة عن اساءاتهم..

لكن ظهران ذیل الكلب یبقی معوجاً حتی لو قومته بقصبة أربعین سنة!، هكذا یقول المثل.. وظهران الذئب یبقی ذئباً یتلذذ بتقطیع اشلاء الآخرین مهما كانوا مسالمین معه..

ففي ذروة سياسة الانفتاح وفي اوج حدیث التيار الاصلاحي الحاكم في ایران عن حوار الحضارات والثقافات، وبعد ان كانوا یقولون ان وزيرة الخارجية اولبرایت ورئيسها الديمقراطي بیل كلینتون كانا یبحثان عن رئیس الجمهوریة الاسلامیة لمصافحته، فلماذا لا یصافحه الرئیس؟!.. في ذروة تلك الایام، كان هناك قانون داماتو الذي یمنع التعامل النفطي مع ایران، ولم تمض ایام حتی بزغ نجم بوش الابن لیجعل ایران في قلب محور الشر الی جانب العراق وكوریا الشمالیة..!

لماذا یا سيادة الرئیس؟! ان 15 من الانتحاریین الـ 19 كانوا سعودیین.. والقاعدة التي انبثقت من صنیعتكم “المجاهدین الأفغان” او “العرب الأفغان” ينتمون الى السعودیة الوهابیة فكرا وتمویلا والیكم وحلفائكم في المنطقة!

وانقلبت سحنة أحباب الأمس من الخلیجیین واللحن الذي يعزف عليه طبالوهم.. فبعد سنوات من التغني بالثقافة الفارسية ودورها في اثراء الثقافة الاسلامية، لأن العرب ـ والحمد لله ـ دخلوا الاسلام بلا ثقافة أو حضارة، بالمظلة من الجاهلية الى الاسلام.. نعم قلبت امريكا سحنتهم وصارت ایران خطرا شیعیا وطائفیا مجوسیا!!

لا ادري كیف یركّب هؤلاء العربان ومن خلفهم أميركا هذه المفردات مع بعضها.. لیس غریبا لأن تركیبتهم تشابه خطابهم، فهم خلطة غريبة على طريقة وصف الشاعر احمد مطر: اعراب وعمالة وخيانة وغدر وفجور وجبن، مملح بالطائفیة والعنصرية مع توابل ضحالة واضحة!.. والنتيجة هي السعودیة وشقیقاتها!

وبعد ان انتهینا من طالبان في افغانستان، ظهرت لنا القاعدة ومن ثم داعش والنصرة في العراق وسوریا ولبنان.. وكلها من صنع المطبخ الأميركي – الخلیجي – الصهیوني.. لضرب المقاومة وتفتیت الشرق، وهذا تفسیر الفوضی الخلاقة التي تريدها أميركا في المنطقة.

ثم دخلنا في عصر الصراع النووي.. لم يكن هناك أي مبرر يمكن لأميركا والغرب ان يهاجموا به إيران، فكانت ذريعة البرنامج النووي الإيراني، الذي اصرّ الغربيون 12 عاما على انه عسكري والهدف منه صناعة قنبلة نووية وطبلت لهم في ذلك وكالة يوكيا امانو وحكام وكالته الذين صحوا مؤخراً ليقولوا ان البرنامج النووي الإيراني سلمي ونظيف!

وهكذا دخلنا حقبة يمكن اعتبارها مرحلة ليّ الأذرع بين القوة الدولية والقوة الإقليمية، وخلف الدولية منظومة معقدة وواسعة من الأتباع الذين يسيطرون على مجلس الأمن ولجنة حقوق الانسان والمحكمة الدولية وصندوق النقد الدولي ومنظمة العفو الدولية وتتحكم بسوق النفط وتفرض نظامها المالي والمصرفي على العالم وتقود حلفا عسكريا يجمع اوروبا وأميركا وأجزاء من آسيا وافريقيا.. في مقابل دولة ليس لها الا الله وصمود وخلاقية شعبها ومساعدة بعض الاحرار (والتجار) في العالم.. لكنها في نفس الوقت تتقن اللعبة!

هدف أميركا من كل ذلك هو تغيير النظام او الانتقام منه لأنه لم يسقط بفعل مؤامراتها.. والذي زاد من حنق أميركا على الشعب الإيراني انه لم يتخل عن نظامه، بالعكس كان حاضرا في كل الساحات والميادين التي تتطلب حضوره فيها، علميا واقتصاديا وامنيا واعلاميا وسياسيا.

اصبح التهديد الأميركي بالمانشيت العريض، فالى جانب حديث بوش عن “محور الشر” و”الحرب الإستباقية” والتي اكدوا انها بدأت في العراق ومن المقرر ان تسري على النظم الاخرى في المنطقة مثل إيران وسوريا.. في مجانبة واضحة للأمن الصهيوني وتوافق تام مع الرجعية العربية، في حين كان الأحرى ان تتم مهاجمة السعودية مصدر الإرهاب الذي ضرب الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001، كما جرى ضرب افغانستان.

أصبحت إيران بعد فشل المشروع الأميركي او على الاقل تعثره في العراق وبعد حرب تموز 2006 على لبنان (والتي يعتقد بعض المحللين ومنهم القائد الأسبق لحرس الثورة الاسلامية الجنرال محسن رضائي ان التهديد كان ضد إيران بالدرجة الاولى) وبعد صد العدوان المتكرر على غزة، نعم أصبحت هاجس الثلاثي القذر (أميركا – الكيان الصهيوني – المنظومة الخليجية).. لكن خسارة الجمهوريين للانتخابات والمشاكل الاخرى الداخلية التي أدت الى مجئ الديمقراطيين واوباما للحكم بشعار “التغيير”، غيرّ الخطة الأميركية من الصدام الى الحصار، ومن المواجهة الصلدة الى الناعمة.

جاء أوباما وفي جعبته حزمة اجراءات ضد إيران بذريعة عدم التخلي عن البرنامج النووي وضرورة وقف الدعم لحزب الله والمقاومة الفلسطينية، لانهم منظمات “أرهابية”:

1-  الحصار المالي خانق او ما سمي بالعقوبات الذكية التي منعوا العالم بأسره من التعامل مع إيران وشراء نفطها او تصدير البضائع والخدمات لها والتجارة معها.

2-  التهديد بالعمل العسكري بإستمرار، لافراغ الخزينة الإيرانية ودفعها باتجاه الانفاق العسكري.

3-  اثارة القلاقل السياسية والإضطرابات الأمنية في الداخل.

4-  ايقاف البرنامج النووي بالهجمات السايبيرية والاعمال التخريبية، حتى لو بلغ الأمر حد اغتيال العلماء النووين الذين سرب أمانو اسمائهم لأجهزة المخابرات الغربية.

5-  حملة عالمية لتشويه صورة إيران والاسلام معا تحت عناوين “إيرانوفوبيا” و”اسلاموفوبيا”، وتم تعريب المصطلح سعوديا واماراتيا وقطريا الى الرافضة والمجوس والتمدد الفارسي والتدخل الإيراني وحتى الاحتلال الإيراني!

كانت إيران مستعدة للمعركة بكل قواها الروحية والنفسية والمادية والتنظيمية.. وكان ما يرعب الأميركان هذه الروح التي يمتلكها المقاتل والقائد الإيراني، في حين كانوا يرون حلفائهم في المنطقة مهزوزين خائفين حتى ان أحدث الأسلحة تحولت مع بلادتهم وجبنهم الى أكوام من الحديد الصدئ..

كانت أميريكا تعلم جيدا ان عليها ان تقاتل بجنودها هذه المرة، لان جيوش حلفائها العرب لن تكون طرفا في المعادلة!

وماذا عن آبار النفط والقواعد العسكرية المنتشرة في المنطقة وجميعها في مرمى الصواريخ والأسلحة الإيرانية الاخرى، وماذا عن مضيق هرمز.. وكيف مع الخاصرة الأميركية الرخوة ونقطة الضعف، اي الكيان الصهيوني اللقيط الذي سيتحول مع الحرب الى جهنم للمحتلين والمستعمرين؟!

وبحساب بسيط كان على الأميركان ان يجلسوا على طاولة المفاوضات، لأنه حتى الحظر له عمر في عالم الاقتصاد والسياسة ولا يمكن ان يستمر الى الابد.. لكنهم غير نزيهين في سلمهم كما في حربهم، بل هنا تظهر الخباثة والحقارة والنذالة اكثر.. فبعد سنوات من التفاوض والتوقيع على برنامج العمل المشترك (الاتفاق النووي) مع 5+1.. بدأ الشيطان لعبة التفاصيل ومحاولات التملص من ما وقعّ عليه!

 البصيرة

لذلك كان قائد الثورة الاسلامية آية الله الخامنئي ومنذ اليوم الأول واضحاً مع الجهاز الدبلوماسي، فهوغير واثق بالاميركيين وليس مطمئناً الى اليد التي مدوها ـ ومعهم البريطانيون ـ للتفاوض، لكنه منح دبلوماسية الابطال فرصة ليثبتوا للعالم ان منطقنا يقول: { وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله}، لكن هؤلاء خبرناهم لا امان لهم!

وكان سماحته يؤكد على البصيرة ويشدد على ان هؤلاء قوم لا عهد لهم ولا أيمان، مخادعون لا يأمنهم حتى أصدقائهم.. ألم يتركوا أصدقائهم التاريخيين خوفا أو طمعا، كما حصل مع شاه إيران الذي خدمهم قرابة أربعة عقود من الزمن، لكنهم رفضو استقباله وهو مريض مصاب بالسرطان.. ألم ينقلبوا على نورييغا في بنما وماركوس في الفلبين.. ألم يتركوا بن علي وحسني مبارك ليواجها مصيرهما لوحدهما؟!

أميركا التي وجدت ان أحلى خياريها (الاتفاق) امام إيران مرّ، بدأت تبحث عن موضوعات، لإفساد ما بنته هي.. من الحديث عن الصواريخ البالستية الى قرصنة الأموال الإيرانية المجمدة لديها الى مباحث حقوق الانسان.. وهي تعلم جيدا أنها مدلسة.

الاقتراب من أميركا أخطر من الحرب معها، لأنها ليست عدواً نبيلاً، بل “عاهراً” النجاة في الابتعاد عنها وفجورها.. نتذكر جميعا قضية مكفارلين والتي طبل لها الأعلام الغربي باسم “إيران غيت”.. كل ما أرادوه من تلك الصفقة هو تشويه صورة إيران لذلك جاءوا بشحنة سلاحهم من الكيان الصهيوني.. وكان بامكانهم ان يأتوا بها من تركيا او باكستان!

والى اليوم يطبل المستعربون من عملائهم بان إيران على علاقة من تحت الطاولة مع “اسرائيل” والدليل صفقة مكفارلين!

هذه أميركا لمن لا يعرفها ويتحدث عن علاقات معها.. طبيعتها الخيانة وفطرتها الدجل وهوايتها القتل وحُلُمُها الاستكبار.. قامت على الاستعمار والاستعباد والابادة والفجور.. مثلها كمثل ذيل الكلب ـ كما أشرت من قبل ـ لن يستقيم أبدا حتى لو قيدته بقصبة التفاوض والمعاهدات أربعين سنة!

شاهد أيضاً

قيادي في الحرس الثوري: إعادة النظر في الاعتبارات النووية في حال وجود تهديدات اسرائيلية

قال قائد قوات حماية المراكز النووية التابعة للحرس الثوري العميد احمد حق طلب: إذا كانت ...