الرئيسية / الاسلام والحياة / الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني – الأستاذ بناهيان

الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني – الأستاذ بناهيان

7/ إليك ملخص الجلسة الثالثة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني» حيث ألقاها في ليالي شهر رمضان المبارك عام 1434هـ. في مسجد الإمام الصادق(ع) في مدينة طهران.

إن الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إنتاج قوة مضافة

لقد خلقنا من أجل أن نحدث تغييرا وتحولا في أنفسنا ونستعين بذلك على إنتاج قيمة مضافة، إذ الإنسان هو الكائن الوحيد القادر على إنتاج قوة مضافة. فعلى سبيل المثال إنه قادر على استخدام بعض النباتات والأعواد اليابسة المهملة لإنتاج بعض الصنائع اليدوية كالسلال، وهذا ما يمثّل ضربا من إنتاج القوة المضافة.
وإن ما ننتجه من قوة مضافة هو الذي سوف يوصلنا إلى الكمال وهو الذي يقربنا إلى الله، وبه سوف نفوز بالجنة. ومن أهم تجليّات هذا الإنتاج هو أننا قادرون على تحديد نوع حياتنا الأبدية بأنفسنا. نحن لسنا أولي تأثير كبير على كيفيّة حياتنا الدنيوية، إذ قد قدّر معظمها مسبقا، بينما نملك الحريّة والاختيار في اختيار نوع حياتنا الأخرويّة وكيفيّتها، وبإنتاج القيمة المضافة إنما نحدّد نوع حياتنا الأخرويّة. فالجنة التي سوف نفوز بها غدا إن شاء الله ليست مجرد أجر وحسب بل هي أكثر من ذلك، لأن الإنسان الذي يبني لنفسه بيتا ثم يسكن فيه، لا ينظر إلى بيته كجائزة حصل عليها بعد معاناته في بناء البيت، بل يراه نتيجة عمله.
أحد أسباب رهبة يوم القيامة هو أن الإنسان سيدرك كم كان له دور وأثر مباشر في تحديد جزئيّات وتفاصيل حياته الأخرويّة. لقد تمّ القرار الإلهي على أن نكون نحن أصحاب التأثير المباشر على مليارات السنين المؤبدة وغير المحدودة، وذلك عبر إنتاج القيمة المضافة.

إن نطاق اختيارنا في هذه الدنيا ضيّق ومحدود جدا إلا في…

لقد تم تصميم جزء كبير من حياتنا الدنيوية على يد الله سبحانه دون إدخال إرادتنا ومشيئتنا في ذلك. فقد اختار والدينا وجسمنا وشكلنا ومواهبنا وكثيرا من مقدرات حياتنا بلا أن يكون لنا دخل في هذه الشؤون. نعم، إن مدى تأثيرنا في هذه الحياة غير معدوم على الإطلاق ولكنه في نطاق ضيق جدا.
أما الشيء المطلق وغير المحدود الذي نملكه في هذه الحياة الدنيا هو فكرنا وفهمنا، ومن هذا القبيل أميالنا ورغائبنا القلبية. إن الدنيا وما فيها هي بمثابة المعرض، وليس شأننا في هذا المعرض إلا أن نؤشر ونختار ونسجّل بعض الموارد في قائمة الرغبات المادية والمعنوية. ولكن لا مجال للانتفاع والحصول على ما سجلناه واخترناه في هذه الدنيا، إذ أنها معرض ليس إلا.
وما نحصل عليه في هذه الدنيا من النعم المادية والمعنوية فهي كالشطيرة التي يقدّمها لك صاحب المعرض لتتقوّى بها على مشاهدة باقي أقسام المعرض. فعندما تقوم للصلاة بين يدي ربك، حتى وإن كنت خاشعا في صلاتك ومتمتعا بها، في الواقع أنت كنت تؤشر وتختار بعض البضائع في معرض الدنيا. فكأنك كنت تعبّر عن رغبتك في لقاء الله، حتى تحصل على مزيد من هذا اللقاء في الجنّة. فإذا اخترت هذا الشيء في هذا المعرض سوف تدعى إلى لقاء الله باستمرار، كما سوف تحظى بلقاءات أمتع وأرفع.
وكذا الحال في الزواج والأكل والشرب وباقي ملذّات العيش، فإن ما نملكه في هذه الدنيا هو أن نختار ونؤشر ونوصّي، ولن نحصل على شيء من هذه البضائع في الدنيا إلا الحد الأدنى.
أما بالنسبة إلى الحياة الآخرة الأبدية اللانهائية فإن لنا اختيارا كبيرا في نطاق واسع جدا، وما أعظمها من حقيقة. إن القيمة المضافة التي نستطيع أن ننتجها هي ليست مجرد نقود وأموال، بل نحن قادرون على تحديد مصيرنا ومؤثرون في مقدرات عالمنا الكبير. وسوف نشاهد مدى تأثيرنا الكبير بمجرد دخولنا في الجنة وسوف نعيش هذا الواقع إلى الأبد.
وقد تعترينا الرهبة والدهشة بعد ما نشاهد مدى تأثيرنا في ذاك العالم، ولا سيّما إن كنا غير مؤمنين بمدى هذا التأثير. فلا تزعموا أن مدى تأثيرنا في الآخرة بمقدار تأثيرنا في هذه الدنيا. وفي المقابل لا تتوهموا أنكم قادرون على التأثير في مقدرات هذه الدنيا، ولكن كل لحظات حياتنا في هذه الدنيا تؤثّر في جميع تلك الحياة الأبدية في الآخرة.

يتبع إن شاء الله…

شاهد أيضاً

الطريق الوحيد والاستراتيجية الرئيسة في النظام التربوي الديني – الأستاذ بناهيان

21/ إن مخالفتك الهوى ليس من وظائفك فقط، بل هي من شؤون دنياك وشؤون ربّك أيضا. ...