يبدأ دعاء الصباح بمقطع من العبارات الصورية الاستعارية بشكل مكثف على النحو الآتي: (بسم الله الرحمن الرحيم يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه وسرح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه واتقن صنع الفلك الدوار في مقادير تبرجه، وشعشع ضياء الشمس بنور تأججه …).
هنا يمكنكم ان تلاحظوا بوضوح حشدا مكثفا بالصور المتتابعة وهي صور استعارية تبدأ بعبارة “يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه” وهذه الصورة تظل مرتبطة بموضوع الدعاء او بزمنه الذي يتحدث عن الصباح من حيث كونه ظاهرة ابداعية من ظواهر الكون، وبصفته استهلالا زمنيا ليوم جديد حيث ان الزمن متمثلا في ايامه ليس الا سلسلة من عمر الانسان الذي وظفه تعالى لممارسة العمل العبادي وبصفته استهلالا لليوم، أي بصفته ان الصباح هو الاستهلال ليوم جديد من عمر الانسان الذي خلقه الله تعالى ليمارس وظيفته العبادية تبعا لقوله تعالى (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون) …
اذن: الاهمية لهذا الاستهلال من الدعاء او تخصيصه اساسا لزمن خاص هو استفتاح يوم جديد من عمر الانسان هذه الاهمية ينبغي الا تغيب عن اذهاننا لانها ببساطة تذكير بوظيفة الانسان اولا ثم تذكير بعظمة الله تعالى ثانيا من حيث الظواهر الابداعية للكون من صباح ومساء وشمس وقمر، وارض وسماء ..الخ.
تأسيا على ما تقدمت الاشارة اليه نبدأ حديثنا عن العبارة الاستهلالية لهذا الدعاء وهي القائلة (يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه) … ولعل هذا الاستهلال للدعاء من حيث الاشارة الى اطلالة الصباح وشروقه تذكرنا باحدى الآيات القرآنية الكريمة، حيث تتعرض للصباح وفق صورة استعارية مدهشة ومثيرة وممتعة وهي قوله تعالى: (والصبح اذا تنفس)، حيث عبر عن الصباح من حيث شروقه واطلالته بعبارة “التنفس” وهي استعارة ملفتة يحسن بنا ان نحدثكم عنها ما دامت ذات صلة بما قدمه الامام علي(ع) من عبارات تتحدث عن الصباح …