الرئيسية / تقاريـــر / لماذا نددت طهران بالانقلاب العسكري في تركيا؟ – صالح السيد باقر

لماذا نددت طهران بالانقلاب العسكري في تركيا؟ – صالح السيد باقر

ان طهران ترفض بشكل قاطع تغيير الحكومات بالقوة سواء استخدام القوة الداخلية كالانقلابات العسكرية أو الخارجية كهجومات الدول ضد أخرى، او حتى استخدام الاحزاب السياسية السلاح والقوة لتغيير الحكومات.

استغرب الموالون للجمهورية الاسلامية في ايران قبل أن يستغرب أعدائها ومنافسيها من الموقف الرسمي الذي تبنته الحكومة الايرانية تجاه الانقلاب العسكري الذي وقع فجر يوم السبت في تركيا.

فوفقا للسياسة التي انتهجتها الحكومة التركية تجاه سوريا والعراق واليمن كان من المفترض أن تؤيد طهران وترحب بالانقلاب، أو في أضعف الحالات تلتزم الصمت تجاهه.

ومع أن المراقبين السياسيين يدركون موارد الاتفاق والاختلاف بين ايران وتركيا، إلا أن هناك العديد من القضايا التي تستوجب دعم ايران للانقلاب أو ان تلتزم الصمت تجاهه، ومن هذه القضايا:

سياسة الحكومة التركية كانت سببا رئيسيا في استمرار الأزمة السورية لأكثر من 5 السنوات، كما انها سببا رئيسيا في تدمير سوريا، وسفك دماء عشرات الآلاف من الأبرياء في هذا البلد.

مسايرة الحكومة التركية للرياض وعدم اعتراضها عليها كان سببا رئيسيا في السياسة التدميرية التي مارستها الحكومة السعودية في سوريا والعراق والبحرين واليمن.

وأبرز مثال على مسايرة أنقرة للرياض هو ما حدث في قمة منظمة التعاون الاسلامي في أنقرة عندما أصر وفد الرياض على ادانة بيان قمة انقرة لايران فيما يتعلق بقضية اقتحام السفارة السعودية في طهران.

من المؤكد أن السعودية ما كانت لتجرأ على التدخل السافر في البحرين ولا بعدوانها على اليمن لو لم تجد أصدقاء أقوياء كتركيا، ان لم يكونوا يدعمونها في موقفها فانهم يلتزمون الصمت على ما أقدمت عليه.

السياسة التركية في العراق كانت تتعارض بشكل كامل مع السياسة الايرانية، ففي الوقت الذي كانت فيه ايران تسعى الى تقوية الحكومة المركزية كانت أنقرة تقوم بتضعيف بغداد من خلال تقوية العلاقات مع اقليم كردستان وكذلك توثيق العلاقة مع بعض الاحزاب العراقية التي تتبنى مواقف طائفية أو قومية.

السياسة التي انتهجتها تركيا في المنطقة كانت حافزا لظهور الجماعات التكفيرية ودافعا نحو ارتكابهم المجازر والممارسات البشعة ضد الابرياء والمؤسسات الدستورية، وتعريض الأمن والسلم المحلي والاقليمي والدولي للخطر.

ولو اردنا استعراض الموارد التي تعارضت فيها السياسة التركية مع السياسة الايرانية لطال بنا المقام، ولكن بالرغم من كل ذلك فان طهران نددت بالانقلاب العسكري، فلماذا فعلت ذلك؟

هناك عدة أسباب، أبرزها:

• ان طهران ترفض بشكل قاطع تغيير الحكومات بالقوة سواء استخدام القوة الداخلية كالانقلابات العسكرية أو الخارجية كهجومات الدول ضد أخرى، او حتى استخدام الاحزاب السياسية السلاح والقوة لتغيير الحكومات، وهناك الكثير من المواقف التي رفضت فيها طهران تغيير الانظمة بالقوة، فانها رفضت الهجوم العسكري على العراق واسقاط النظام على الرغم من اختلافها الشديد مع صدام، كما انها رفضت الهجوم الأميركي على أفغانستان واسقاط حكومة طالبان رغم اختلافها معها، واليوم ترفض المساعي التي تبذلها الجماعات المسلحة لاسقاط الحكومة السورية.

• طهران تعتقد أنها لو دعمت الانقلابات فانها تشرعن لوقوع الانقلابات العسكرية في كل البلدان، وبالتالي لا يمكن اسباغ الشرعية على انقلاب ودعمه، والتنديد بانقلاب آخر.، وانما يجب تأييد كل الانقلابات او الاعتراض عليها جميعا.

• تركيا احدى الدول المجاورة لايران، وأن أي اضطراب وعدم استقرار يشهده هذا البلد يؤثر بشكل مباشر عليها، خاصة وان الانقلاب الذي وقع لم يتضح من يقف وراؤه، وما هي الأهداف التي يريد تحقيقها، ومالذي سيجري بعد الانقلاب.

• استراتيجية ايران، وأحد أهم مبادئها، هي دعم ونمو وازدهار واستقرار الدول الاسلامية وانها تعارض أي عمل يتعارض مع هذه المفردات، حتى لو كان ذلك البلد الاسلامي عدوا لايران.

• ايران تعتقد ان الحكومة التركية شرعية وانها وصلت للسلطة عبر السبل الديمقراطية، وبالتالي فان طهران تحترم ارادة الشعب التركي حتى لو انتهجت حكومته سياسات تتعارض مع السياسة الايرانية.

وبغض النظر عن اسباب ودوافع طهران في التنديد بالانقلاب العسكري، فهناك الكثير من الشكوك التي تثار حوله وأبرز هذه الشكوك هو أنه يأتي بعد عودة العلاقات التركية الروسية، وكذلك بعد التصريحات التي أدلى بها رئيس الحكومة التركية تجاه سوريا، ومع أن بوادر تغيير السياسة التركية تجاه سوريا لم تظهر بعد، ولكن من المؤكد انها لو تغيرت فستكون منسجمة مع السياسة الايرانية تجاه سوريا، ومن المؤكد أيضا أنها ستسهم في حل الأزمة السورية.

وسواء غيرت الحكومة التركية سياستها تجاه سوريا أو لم تغير وسواء كان الدافع الرئيسي وراء الانقلاب العسكري تغيير السياسة التركية أو لم يكن، ولكن من المؤكد ان تركيا ما بعد الانقلاب العسكري سوف لن تكون تركيا ما قبله.

شاهد أيضاً

الجهاد – طريقة العمل

طريقة العمل                                  * العمل  طبق التكليف والأحكام الشرعية                                * كسب محبة الشعب ...