الرئيسية / الاسلام والحياة / رأس كل خطيئة حب الدنيا

رأس كل خطيئة حب الدنيا

 

والروايات بهذا المضمون كثيرة مع اختلاف في التعبير ويكفي للانسان اليقضان هذا الحديث الشريف ، ويكفي لهذه الخطيئة العظيمة المهلكة أنها منبع لجميع الخطايا وأساس جميع المفاسد ، فبقليل من التأمل يعلم أن جميع المفاسد الخلقية والعملية على التقريب من ثمرات هذه الشجرة الخبيثة فما أسّس في العالم دين كاذب ولا مذهب باطل وما اتفق في الدنيا فساد الا بواسطة هذه الموبقة العظيمة .

 

وإنّ القتل والنهب والظلم والتعدي هي نتائج هذه الخطيئة . وان الفجور والفحشاء والسرقة وسائر الفجائع وليدة هذه الجرثومة للفساد ، والانسان الذي وقر فيه هذا الحب مجانب لجميع الفضائل المعنوية ، وان الشجاعة والعفّة والسخاء والعدالة التي هي مبدأ جميع الفضائل النفسانية لا تجتمع مع حب الدنيا ،

 

وان المعارف الالهية والتوحيد في الاسماء والصفات والافعال والذات وتطلب الحق ورؤية الحق متضادة مع حب الدنيا وان طمأنينة النفس وسكون الخاطر واستراحة القلب التي هي روح السعادة في الدنيا لا تجتمع مع حب الدنيا وان غنى القلب والكرامة وعزّة النفس والحرية كلها من لوازم عدم الاعتناء بالدنيا ، كما أن الفقر والذلّة والطمع والحرص والرقّيّة والتملّق من لوازم حب الدنيا ، وان العطف والرحمة والمواصلة والمودة والمحبة متعارضة مع حب الدنيا ، وان البغض والحقد والجور وقطع الرحم والنفاق وسائر الاخلاق الفاسدة وليدة أم الامراض هذه   .

 

 

وفي مصباح الشريعة قال الصادق علية السلام ” الدنيا بمنزلة صورة رأسها الكبر وعينها الحرص وأذنها الطمع ولسانها الرياء ويدها الشهوة ورجلها

 

العجب وقلبها الغفلة وكونها الفناء وحاصلها الزوال فمن أحبها أورثته الكبر ومن استحسنها أورثته الحرص ومن طلبها أوردته إلى الطمع ومن مدحها ألبسته الرياء ومن أرادها مكّنته من العجب ومن اطمأنّ إليها أولته الغفلة ومن أعجبته متاعها أفنته ومن جمعها وبخل بها ردّته إلى مستقرها وهي النار ” .

 

 

وروي الديلمي ( هو أبو محمد الحسن بن ابي الحسن محمد الديلمي الشيخ المحدّث الوجيه النبيه صاحب كتاب إرشاد القلوب المعروف الذي قال في مدحه السيد عليخان كما في ( ضا ) :

هذا كتاب في معانيه حسن           للديلمي ابي محمد الحسن

اشهى إلى المضنى العليل من الشفا     وألذّ في العينين من غمض الوسن

وله أيضا في مدحه :

اذا ضلت قلوب عن هداها            فلم تدر العقاب من الثواب

فأرشدها جزاك الله خيرا         بإرشاد القلوب إلى الصواب

وله كتاب غرر الاخبار ودرر الآثار ،

 

 وأعلام الدين في صفات المؤمنين . و الظاهر أنه كان في عصر الشهيد الأول وينقل عنه الشيخ ابن فهد في عدّة الداعي بعنوان الحسن بن ابي الحسن الديلمي قيل إن حديث الكساء المشهور الذي يعدّ من منفردات منتخب الطريحي موجود في غرر هذا الشيخ .)

 

في إرشاد القلوب عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله في ليلة المعراج ممّا خاطب الله به نبيه ” يا أحمد لو صلّى العبد صلاة أهل السماء والأرض وصام صيام أهل السماء والأرض وطوى من الطعام مثل الملائكة ولبس لباس العابدين ثم أرى في قلبه من حب الدنيا ذرة أو سمعتها أو رياستها أو حيلتها أو زينتها لا يجاورني في داري ولأنزعنّ من قلبه محبّتي ولأظلمنّ قلبه حتى ينساني ولا اذيقه حلاوة محبّتي ” .

 

( أقول : ما بين القوسين لم يكن في النسخة المطبوعة وانما نقلته من ترجمة الاستاذ دام ظلّه .)

 

والاحاديث في هذا الباب أكثر من أن تسعها هذه الأوراق ، فاذا علم أن حبّ الدنيا هو مبدأ ومنشأ جميع المفاسد فعلى الانسان العاقل المعتني بسعادته أن يخلع هذه الشجرة بجذورها عن القلب .

 

وأما طريق العلاج العلمي فهي أن يعامله بالضدّ فاذا كان تعلقه بمال ومنال فانه يقطع جذورها عن القلب ببسط اليد والصدقات الواجبة والمستحبة ،

 

وان من اسرار الصدقات تقليل العلاقة بالدنيا ، ولهذا يستحبّ للانسان أن يتصدّق بالشيء الذي يحبّه ويتعلق قلبه به ، كما قال الله تعالى في كتابه الكريم : ” لن تنالوا البّر حتى تنفقوا مما تحبّون ” . ( آل عمران 92 .)

 

وان كانت علاقته بفخر وتقدّم ورياسة واستطالة فليعمل ضدّها ويرغم النفس حتى تصير إلى الصلاح ، وليعلم الانسان أن الدنيا بمثابة أنه كلّما اتبعها أكثر وكان في صدد تحصيلها أكثر تكون علاقته بها أكثر ويكون

 

أسفه على فقدانها أزيد ، فكأنّ الانسان دائما طالبك لشيء لا يناله فهو يظن أنه طالب للحد الفلاني من الدنيا فما دام فاقدا لذلك الحد فإنه يطلبه ويتحمل في سبيل تحصيله المشاق ويلقي بنفسه إلى المهالك ، وبمجرد أن ينال ذلك الحد من الدنيا يغدو في نظره أمرا عاديا .

 

ويرتبط عشقه وعلاقته بشيء آخر فوق ذلك الحد فيتعب نفسه له ولا تطفأ نار عشقه أبداً بل تزداد اتّقادا يوما فيوما ويشتدّ تعبه ومشقّته أكثر وليس لهذه الفطرة والجبلة توقف أبدا ، وأهل المعرفة قد أثبتوا بهذه الفطرة كثيراً من المعارف بيانها خارج عن مجال هذه الأرواق ، وقد أشير إلى بعض هذه المطالب في الاحاديث الشريفة كما في الكافي الشريف عن باقر العلوم عليه السلام :

” مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القزّّ كلما ازدادت من القزّ على نفسها لفّا كان أبعد لها من الخروج حتى تموت غماّ ” . 

شاهد أيضاً

الامام الخميني : كل ما لدينا هو من محرم الحرام

كان مفجر الثورة الاسلامية و مؤسس النظام الاسلامي في ايران الامام الخميني الراحل ، يؤكد ...