الرئيسية / تقاريـــر / هم اسمه تشكيل الحكومة – صميم العراقي

هم اسمه تشكيل الحكومة – صميم العراقي

انتهت الانتخابات العراقية وانشغلت ماكنة المفوضية بالعد والفرز والنظر بالشكاوى المقدمة من قبل الكيانات السياسية ازاء الخروقات والحوادث المتفرقة بالمراكز الخاصة بالانتخابات وبدأت معها بقوة مشاورات الكتل حول تشكيل حكومة يتحدث كثيرون بأنها ستكون حكومة أزمة والبعض الآخر يراها حكومة منسجمة فيما لاذ آخرون بالقول انها لن تتشكل بالقريب العاجل!.


كل الكلام السابق منطقي وصحيح لأن السادة في العملية السياسية عودوا الناس على التعطيل وكأن وظيفة المواطن هي الذهاب الى صناديق الاقتراع بهدف التعطيل والتوريط والتراجع والخيبة والوقوع في فخ حكومة تصريف الاعمال. ان تلك الظاهرة سيكون لها اثر سلبي على التجربة الديمقراطية في البلاد وعلى حماسة العراقي في الذهاب الى صناديق الاقتراع والتعويل على النظام الوطني الحالي مخلصا ومنقذا!.
هذه المرة بدا الناخبون فئات وليسوا امة، اذ ان كل فريق اجتماعي ذهب الى انتخاب فريق سياسي وحدث تنازع ربما يكون هو الاهم في تاريخ الديمقراطية العراقية الحديثة، اذ إن العراقيين منقسمون بقوة ازاء المسألة السياسية والخيارات المتاحة ازاء اي نظام واية حكومة واية تركيبة رجالية يختارون وهو انقسام وان بدا ايجابيا لكننا نخشى في الحقيقة من انسحابه الى انقسام في الرأي ازاء اي امن واي رجل واي مشروع واية وجهة يمكن ان يذهب اليها البلد في السنوات الاربع المقبلة!.
ان اساس الانقسام هو الاعلام الحزبي والدعاية السياسية التي اختلط فيها ماهو ديني بما هو اجتماعي تعويلي بخلفية العشيرة والقبيلة و”البيرغ واليشماغ” وبما هو سياسي حزبي جبهوي يعيد الى الاذهان (قصص الجبهات والتحالفات السياسية في الستينيات) لكن الاخطر يكمن في الدعاية الانتخابية التي استخدم فيها التخويف من “داعش” والقاعدة والمسلحين كقاعدة للبقاء في صفوف الكبار وفي اولويات الناخب العراقي!.
شخصيا كانت لي عدة لقاءات مع فئات اجتماعية من اهلنا واجريت استبيانا على طبيعة هذا الانقسام واولويات المواطن والخوف الذي يكتنفه من ملفات التنمية والراتب التقاعدي والسكن والارهاب فوجدت ان القلق من الارهاب اقوى من قلق التنمية ورغيف الخبز، لهذا حرص قسم من الكيانات السياسية على المسألة الامنية وقدموا قادتهم في صفوف من يعول عليهم وكأنهم هبة الله التي تهبط من السماء مع ان الناس ترى وتسمع يوميا طبيعة الخرق والاهم العجز عن مواجهة مجمل التهديدات وعدم التوصل الى نهاية يمكن القول انها نهاية حتمية لسجل الارهاب في العراق!.
اخطأت بعض القوى السياسية حين اوحت الى الناس ان شخصا ما يمثل المنقذ لكنها لم تشتغل على نظرية حماية الناس من الارهاب بالشكل الذي يشعر فيه المواطنون انهم بمنأى عن غائلته وحين انتهت الانتخابات وجمعت الصناديق واختفت صور المرشحين وبدأ عمال النظافة بإزالة الملصقات الجدارية عن الساحات حتى عادت لغة الدم تصبغ الشوارع بنجيع الشهداء!.
ان الحكومة الحالية مسؤولة عن حياة الناس حتى وهي حكومة تصريف اعمال ويجب ان تبقى في موقع القلب من كل مستويات حماية الناس وان انشغلت بتشكيل الحكومة المقبلة والمشاورات والتفاهمات والتنافس الذي تغلي فيه العصبية الحزبية كما يغلي الماء الساخن على النار!.
ان التفجيرات الارهابية الدامية التي شهدتها الكرادة ومناطق متفرقة من العاصمة بعد انتهاء فترة الانتخابات يعني انتهاء زمن الخطة الامنية الخاصة بحماية صناديق الاقتراع، وهو خطأ واضح وفاضح، اذ كيف يمكن اعطاء الاولوية للصندوق على اهمية تلك الانتخابات البرلمانية الفاصلة والمهمة ولايتم حماية المواطن في اطار خطة امنية محكمة ومستمرة ومدروسة الى النهاية؟!.
ان خروق مابعد الانتخابات ليست كأي خرق، اذ كشفت التفجيرات الدامية ان بعض اخوتنا في الاجهزة الامنية ليست لديهم ستراتيجية امنية طويلة الامد ومدروسة وربما تعمل الكثير من الاجهزة الامنية على اساس خطط تكتيكية غير جوهرية في وقت تفرض فيه المعركة المفتوحة مع “داعش” والمجموعات المسلحة العربية والعراقية آلية امنية محكمة تتصيد الارهاب بشكل شبحي ولا تتصيده بالسيطرات الواضحة والمفارز التي اتعبها السهر وحرارة الشمس والساعات الطويلة في الوقوف بأماكنها حيث يبدو الانهاك واضحا على وجوه المقاتلين الشرفاء وهو امر يؤثر في الاداء وفي طريقة إحكام الطوق الامني على المدن وحمايتها من الاختراق!.
ان تشكيل الحكومة امر مهم ولابد ان تتشكل الحكومة العراقية في النهاية لكن لابد من سرعة في الانجاز ولملمة المسألة السياسية على نحو لا تفقد فيه الساحة العراقية عنصر الوحدة والتجانس والاريحية في تجاوز المشكلات الناتجة بسبب عمليات خرق في الانتخابات او خرق في التفاهمات السياسية بين الكتل فما يهم المواطن العراقي ايها السادة هو وجود حكومة تصريف الاعمال ووجود نخبة من الاجهزة الامنية المجاهدة وهم اخوتنا وابطالنا في سوح المواجهة الوطنية فهم يتصدون للأزمة مع “داعش” بشكل واقعي ويحسمون المهمة بأقل الخسائر.
ان شعبنا العراقي ادلى برأيه وقال كلمته في الانتخابات البرلمانية وتصدى لـ”داعش” عبر هذا النزول المليوني الذي وصلت نسبته الى 66بالمئة في الانتخابات وعلى الساسة العراقيين ان يسارعوا الى تشكيل رؤية عراقية تتحدى المشكلات القائمة وان يرحموا الشعب العراقي الذي يعول على وجود حكومة تخدمه لاحكومة يخدمها.. وما ذلك على اخوتنا قادة العملية السياسية بعزيز.

شاهد أيضاً

شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان

قال المولى جل وعلا في الآية (١٨٥)من سورة البقرة ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان ...