الرئيسية / اخبار العلماء / خطبة الجمعة صور : من باب خيبر إلى بوابة فاطمة – فضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

خطبة الجمعة صور : من باب خيبر إلى بوابة فاطمة – فضيلة الشيخ علي ياسين العاملي

تصادف هذه الأيام ذكرى فتح حصون خيبر – التي كانت في 24 رجب السنة السابعة للهجرة – مع الذكرى الرابعة عشر لهروب الصهاينة من الجنوب في 25 أيار سنة 2000م .


لم تكن الجزيرة العربية موطناً لليهود قبل الميلاد ، وكانت إقامتهم بعد التّيه في فلسطين ، وقد هجّروا منها وتعرّضوا لإبادات كثيرة ، كما حصل في عهد نبوخذ نصّر وعلى أيدي الرومان ، وقد وجدوا في التوراة وفي بعض الآثار عندهم ما يشير أن خاتم الأنبياء سوف يُبعث في الجزيرة العربية ، وحدّدوا المنطقة بالمدينة المنورة وما حولها ، لهذا هاجروا إليها وأقاموا فيها وأنشأوا الحصون والمدن وعمّروها ، وكانوا على خلاف مع القبائل العربية ، وكثيراً ما كانوا يهدّدون القبائل العربية بأنّ هذه المنطقة سوف تخضع لهم ، وقد اقترب الزمن الذي يبعث اللهُ فيه نبيّاً يؤمن بالله الواحد الأحد ، وقد يكون من عنصريّتهم ، لأنهم لم يكونوا ليتصوّروا أن النبي لن يكون من بني إسرائيل ،

وبعد بعثة النبي (ص) وهجرته إلى المدينة – وكان اسمها يثرب – وبدأ بإقامة دولة الإسلام مع من كان قد هاجر معه ومع من كان قد أسلم من أهل المدينة – كالأوس والخزرج – ، وقد آخى النبي (ص) بين كل مهاجر وآخر من أهل المدينة الذين سُمّوا بالأنصار ، ومن يومها عُرف المسلمون بالمهاجرين والأنصار ، وفي الروايات أنّ كل شخص من الأنصار كان يقاسم مَنْ آخاهُ معهُ النبي (ص) كلّ ماله ، وبدأ شأن الإسلام يقوى ويعظم ، خاصة بعد انتصار المسلمين في معركة بدر ، حيث أعلنت بعض القبائل المتردّدة – أو الخائفة من سطوة قريش – إسلامها ، وحينها بدأ اليهود يرقبون كل ذلك بكلّ حقد ومكر ، وكانوا كثيراً ما يعملون للفتنة بين المسلمين ،

ويتحيّنون الفرص للانقضاض على الدعوة حتى بالتحالف والتآمر مع مشركي قريش ، وكان تآمرهم واضحاً أيام معركة الأحزاب والخندق ، حيث اتفقوا مع مشركي مكة والقبائل المتحالفة معها على النيل من النبي (ص) والمسلمين ؛ لولا أن انتصر المسلمون ، بعد أن قتل الإمام علي بطل الأحزاب عمر بن ود العامري ، فعمل النبي (ص) على معاقبة اليهود الذين نقضوا العهد ، وخلت المدينة منهم وبعد أن فرضت الدولة الإسلامية نفسها – وخاصة بعد صلح الحديبية – توجّه النبي (ص) لإخضاع يهود خيبر حيث كانوا يقيمون بعده حصوناً شمال المدينة المنورة ، وكان لهم قوّة عظيمة ، وقد شعر النبي (ص) بخطرهم ، خاصّة بعد أن تحالفوا مع بعض القبائل والقوى المعادية للإسلام والمسلمين ، وكان قد لجأ إليها من هاجر من اليهود من المدينة ، فتركُ اليهود يشكّل خطراً على دولة الإسلام ، خاصة وقد كان النبي (ص) قد باشر بمراسلة ملوك الروم والفرس ويدعوهم للإسلام .
حتى لا يفاجيء خيبر – والذين بدأوا بتكوين جبهة مناوئة للإسلام بالتعاون مع غطفان والأعراب – المسلمين ؛ كان على النبي (ص) والمسلمين أن يتحرّكوا بسرعة لضرب هذا المخطط والقضاء على هذا التحالف ؛ فبدل أن يأخذوا قسطاً من الراحة بعد الحديبية ؛ سارع النبي (ص) بالسير إلى حصون خيبر التي كانت عبارة مستعمرات تتضمّن قلاعاً حصينة وقواعد حربية لليهود وخاصةً الذين لجئوا إليها من يهود بني قينقاع وبني النضير الذين أجلاهم النبي (ص) عن ديارهم في المدينة .
وكانت حصون خيبر آخر معقل لليهود في جزيرة العرب ، وكان يضمرون الحقد على المسلمين ، وأرادوا أن يتزعّموا الحملة ضدّ المسلمين ويحملون لواء التصدّي والعداء للنبي (ص) بعد أن قامت قريش بصلح الحديبية مع النبي (ص) . فتحالفوا مع غطفان فخرج إليهم النبي (ص) بجيشه وكان عدده ألف وسبعمائة مقاتل منهم مئتا فارس وكان معه من النساء لتضميد الجرحى ومداواتهم ، خرج النبي (ص) من المدينة ولم يعلن أنّ وجهته خيبر فظنّ أهل غطفان الذين كانوا قد تحالفوا مع اليهود أنّ النبي يقصدهم فتركوا خيبر ورجعوا لحماية أهلهم ؛ حيث ظنّوا أن النبي يريد تأديبهم لمساعدتهم – مع فزارة – اليهود في غزوة الأحزاب ، لكنّ النبي (ص) عرّج على خيبر وسلك طريقاً قطع فيه ارتباط غطفان وغيرهم مع يهود خيبر ، وبذلك قطع المدد عن اليهود كما أمن من محاصرتهم له ، ولما أشرف النبي (ص) على خيبر قال لأصحابه : قفوا . فوقفوا ، فرفع النبي (ص) يديه نحو السماء وقال : ” اللهمّ ربّ السموات السبع وما أظللن وربّ الأرضين السبع وما أقللن ، وربّ الشياطين وما أضللن ، إنّا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شرّ هذه القرية وشرّ أهلها وشرّ ما فيها ” اقدموا بسم الله .
فلمّا دخلوا منطقة خيبر صلّى بهم رسول الله (ص) صلاة الصبح وركب وركب المسلمون ، وأصبح اليهود وفتحوا حصونهم وغدوا إلى أعمالهم وحقولهم وبساتينهم ، فإذا بهم يُفاجئون بمحاصرة المسلمين لهم من احتلال المراكز الحساسة حولهم وسد الطرق عليهم ، فهربوا إلى حصونهم وهم يقولون : محمدٌ والله وجيشه . ودخلوا حصونهم وأغلقوها بإحكام ، وجعل الرسول (ص) يقول : الله أكبر الله أكبر خربت خيبر خربت خيبر ، إنّا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين .
اتفق اليهود فيما بينهم على المواجهة المسلّحة ولذا لم يحاولوا محاورة النبي (ص) ومفاوضتهم ، لأنّ النبي (ص) جاء لدعوتهم للإسلام أو يعطوا الجزية بعد أن يخلوا حصونهم من السلاح وتسليمه للمسلمين .
جعل اليهود النساء والأطفال في أحد حصونهم السبعة وجعلوا ما يحتاجون إليه من طعام في حصنٍ آخر ، واستقر المقاتلون في الأبراج يدافعون عن كلّ حصنٍ برمي النبال والأحجار على كلّ من يقترب إليهم ، وخرج صناديدهم من الحصن لمقاتلة المسلمين ، وضرب النبي (ص) معسكره في منطقة آمنة لا تصل إليه نبالهم ، وبدأ يبعث الكتائب لمهاجمة الحصن الذي خرج منه مرحب يتحدّى المسلمين ، فدعا النبي (ص) أحد أصحابه وقال له : خذ الراية . فأخذها فما لبث أن عاد يُجبّن أصحابه وأصحابُه يجبّنونه لما رأوه من قوّة اليهود وبأسهم ، وفي اليوم الثاني أعطى النبي (ص) الراية لصحابي آخر ، فلم يكن حاله أفضل ممن سبقه . غضب رسول الله (ص) وقال : ما بال أقوامٍ يرجعون منهزمين يُجبّنون أصحابهم ؟ أما لأعطينّ الرايةَ غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّهُ الله ورسوله كرّار غير فرّار لا يرجع حتى يفتح الله على يديه . بات المسلمون ليلتهم وكلّ منهم يتمنّى أن يكون ذلك الرجل ، وكان علي (ع) يومئذٍ صاحب راية رسول الله (ص) لكنه كان أرمد العينين – منعه رمده من الرؤية – . فقال النبي (ص) : أين علي بن أبي طالب ؟ فقالوا : يا رسول الله إنّه أرمد يشتكي عينيه .

قال النبي (ص) : فأرسلوا إليه . فجاؤوا به ومسح النبي (ص) على عينيه وبصق فيها وقال : الله قِهِ الحرّ والبرد . فبرأ الإمام (ع) حتى كأنْ لم يكن وجع ولم يشتكِ الحر والبرد ، وقد قال في ذلك حسّان بن ثابت :
وكان علي أرمد العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا
شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا وبورك راقيا
فقال: سأعطي الراية اليوم ضاربا * كميا محبا للرسول مواليا
يحب إلهي والإله يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا
فخص بها دون البرية كلها * عليا وسماه الوزير المواخيا
وهذا ما يرويه البخاري في صحيحه ومسلم في مسنده وأحمد بن حنبل والكثير من كتب السير .
سلّم النبي (ص) الراية للإمام علي (ع) ، فقال علي (ع) : يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال له النبي (ص) : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ الله لإن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم .
أسرع علي (ع) ولم يختلج في قلبه رعب ، ملوّحاً بلواء النصر نحو الحصن ، خرج إليه أهل الحصن وكان أوّل من خرج أخٌ لمرحب وكان فارساً شجاعاً انكشف عنه المسلمون وثبت له علي (ع) فقتله وانهزم اليهود إلى الحصن ، خرج مرحب ليثأر لأخيه وكان قد لبس درعين وتقلّد بسيفين واعتمّ بعمامتين ولبس فوقهما مغفراً من حجر ومعه رمحٌ لسانه ثلاثة أشبار وهو يرتجز ويقول :
قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ *** شَاكِي السِّلاَحِ بَطَلٌ مُجَرَّبُ
أَطْعَنُ أَحْيَاناً وَحِيناً أَضْرِبُ *** إِذَا اللُّيُوثُ أَقْبَلَتْ تَلَهَّبُ
فردّ علي (ع) وقال :
أنا الذي سمّتني أمّي حيدرة *** أكيلكم بالسيف كيل السندرة
ليث بغاباتٍ شديدٌ قسورة
اختلفا ضربتين فبادره الإمام (ع) بضربة قدّت الحجر والمغفر والرأس ووقع السيف في أضراسه فقتله ، فلمّا رأى اليهود ذلك هربوا إلى الحصن وأغلقوا بابه ، وكان الحصن مخندقاً ، لحق بهم الإمام علي (ع) واقتلع باب الحصن وجعله جسراً فوق الخندق ليعبر عليه الجيش وكانت الغلبة للمسلمين إذْ سقطت الحصون كلّها وغنم المسلمون من الأموال والسلاح والتمر الشيء الكثير ، وكان باب الحصن من الصخر يحتاج لإثنين وعشرين رجلاً ليفتحوه ومثلهم ليقفلوه . قال الشاعر ابن الحديد المعتزلي :
يا قالع الباب الذي عن هزّها *** عجزت أكفّ أربعون وأربعُ
في الرواية : لمّا فرغ الإمام علي (ع) من فتح خيبر قال : والله ما قلعتُ بابَ خيبر وقذفتُ به ورائي أربعين ذراعاً، لم تحس أعضائي بقوّةٍ سدية وحركة غريزية بشرية، ولكنّي أُيِّدت بقوّة ملكوتية، ونفسٍ بنور ربّها مضيئة، وأنا من أحمد(صلى الله عليه وآله) كالضوء من الضوء، لو تظاهرت العرب على قتالي لما ولّيت، ولو أردت أن أنتهز فرصة من رقابها لما بقيت، ومن لم يبالِ متى حتفه عليه ساقط، كان جنانه في الملمّات رابط .
وصادف يومها عودة جعفر بن أبي طالب من الحبشة ، فقال النبي (ص) ما أدري بأيهما أسرّ بفتح خيبر أم بقدوم جعفر .
وفي الروايات أن معاوية سبّ عليّاً أمام سعد بن وقّاص وطلب منه أن يسبّه ، فرفض وقال : يمنعني من ذلك خصالٌ لعلي لو كانت لي منها واحدة أحب إلي مما طلعت عليه الشمس :
الأولى : أنه صهر رسول الله (ص) .
الثانية : قول النبي (ص) يوم خيبر : لأعطينّ الراية غداً رجلاً …
الثالثة : قول النبي (ص) لعلي في غزوة تبوك : ألا ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ؟
الرابعة : جعله نفسه حينما باهل نصارى نجران .
وبإسقاط حصون خيبر وفرض الجزية على اليهود خضعوا للدولة الإسلامية ولم يعد منهم خطر عسكري على دولة الإسلام ، وصار بإمكان النبي (ص) والمسلمون التوجّه للروم والفرس وهم مطمئنون بعدم طعنهم من الخلف ، لذا لجأ بعض اليهود للدخول بالإسلام في محاولةٍ للنيل من المسلمين بعد أن تظاهروا بحفظ ما يُحدّث به رسول الله (ص) ، حتى إذا ما أمكنهم النيل من الدعوة بنقل الأخبار الكاذبة عن لسان النبي (ص) – وكان منهم كعب الأحبار وتلامذته الذين صاروا بطانة لبعض الخلفاء وكثير من الحكام – لم يستطيعوا تحريف القرآن ، لكنّهم روّجوا لروايات مكذوبة على لسان النبي (ص) للنيل من عقيدة المسلمين ووحدتهم ، ونشأ ما يُسمّى بالإسرائيليات ، يأخذ بها كثيرٌ من المسلمين أخذ المسلّمات ، حتى أوصلت تلك الحال بني أميّة للحكم ، ولم يتمكّن الإمام علي (ع) في فترة خلافته التي قضاها في حروب الناكثين والقاسطين والمارقين أن يصلح الأمور ، ولو أن المسلمين نفذوا وصايا النبي (ص) والتي منها قوله (ص) : أخرجوا اليهود من جزيرة العرب. لما أصاب المسلمين ما أصابهم ولما استطاع اليهود وهم شذّاذ الآفاق أن يقيموا دولتهم على أرض فلسطين ويشرّدوا أهلها ويوقعوا الهزيمة بالعرب بعد كلّ مواجهة معهم ، وضاعت شعارات العرب : فلسطين عربية وستبقى عربية .

فاستولت إسرائيل على سيناء والجولان والضفة الغربية واحتلت لبنان إلى بيروت عام 82 ، لكنّ من اتخذوا الإمام علي (ع) قدوة كرّوا على العدو ودكّوا مواقعه ولم يفرّوا كما فرّ غيرهم ، فاستطاع المجاهدون بفعل الإيمان ولأنهم حذفوا كلمة هزيمة من حياتهم أن يقهروا الجيش الذي قيل عنه أنه لا يُقهر وأجبروه على أن يولّي هارباً إلى حصنه الذي سيسقط كما سقطت حصون أجداده في خيبر إنشاء الله .
لأنّ اليهود لا يخافون إلاّ ممّن لا يخافهم ، ومن سار على خط علي (ع) وانتسب إلى مدرسة الحسين (ع) فإنّه يسير على خط الإسلام المحمدي الأصيل الذي يردّد : قل هل تنتظرون إلاّ إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة . يثبتون في مواجهة عدوّهم يكرّون عليه ولا يفرّون .

وحينما وجد اليهود من يكرّ عليهم واثق بالنصر لا يجبن ولا يُجبّن غيره ؛ انكفؤوا وأدركوا أن مشروعهم وحلمهم بإسرائيل الكبرى قد انتهى ولم يعد لهم الأمل به ، بعد أن أسقطت المقاومة الإسلامية في حرب تموز 2006 مشروع ” شرق أوسط جديد ” حتى صارت المقاومة – وباعتراف الأعداء – أقوى قوة قتالية في المنطقة ، لأنها طردت العدو الصهيوني من لبنان وأسقطت المشروع الصهيو أمريكي بإقامة شرق أوسط جديد ، وهاهي مستمرّة في مواجهة الحرب الكونية على حالة الممانعة في المنطقة التي تُشنّ في سوريا من خلال ما سُمّي بالربيع العربي ، وهو كما أطلقنا عليه من يومها بالربيع العبري ، لأنه إن تمّ فإنّه يؤمّن حدود الدولة العبرية من خلال فرض أنظمة في دول الطوق مسالمة للصهاينة ومعادية لحالة الممانعة ، ومحاولة إثارة النعرات الطائفية بتجنيد من انحرف من المسلمين الذين أخذوا بالإسرائيليات وانحرفوا عن خط الإسلام المحمدي الأصيل ، ممن يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية . يتركون عداء اليهود ويعلنون العداء للمسلمين ، لكن كما هزم المجاهدون المشروع الصهيو أمريكي وهزموا اليهود الصهاينة سوف يكتب الله لهم النصر على يهود الأمة ويردّ كيد الحاقدين إلى نحورهم ، وستنهض الأمة التي ستعود إلى إسلامها المحمدي الأصيل ، وتدخل من بوّابة فاطمة إلى فلسطين التي جعلها اليهود حصناً لهم ، وستُحرّر القدس إنشاء الله على أيدي هؤلاء المؤمنين الشرفاء الذين أعاروا الله جماجمهم ووتدوا في الأرض أقدامهم وحملوا الرايات التي لن يُركزوها إلاّ على قبّة الأقصى الذي دنّسه اليهود الصهاينة ويعملون على هدمه .
إنّ القوة هي الخيار الوحيد الذي يحمينا من أطماع اليهود الصهاينة ، ويحمي لبنان من التقسيم ، والمقاومة هي أهم عوامل قوة هذا الوطن وعامل اطمئنان للشعب الذي تيقّن بأن قوّة لبنان في مقاومته ، إنّ شعار قوة لبنان في ضعفه قد مزّق لبنان وسبّب حروباً داخلية واحتلالاً اسرائيلياً ، فالمقاومة حرّرت الأرض ومنعت التقاتل الداخلي لأنها هي الأقوى ، فما زالت تضحّي من أجل سلامة الشعب الذي احتضنها لتتكامل مع الجيش الوطني حتى لا يفكّر الصهاينة بتكرار عدوانهم على لبنان ، من هنا الوطن بحاجة لرئيس جمهورية قوي له تاريخ وطني لم يتآمر على أحد في لبنان ، يؤمن بأن قوة لبنان فيما يملكه من عوامل المنعة والقوّة التي لا تنطبق إلا على العقد الماسي الجيش والشعب والمقاومة ، حينما ننتخب رئيساً بهذه المواصفات نطمئن على مصالح المواطنين وعلى الوطن .
وأختم ونحن في ذكرى شهادة راهب أهل البيت باب الحوائج الإمام موسى الكاظم (ع) الذي قضى مسموماً في سجون هارون الرشيد ، ببعض ما ورد في وصيّته لهشام :
يا هشام !.. لو كان في يدك جوزة وقال الناس : في يدك لؤلؤة ، ما كان ينفعك وأنت تعلم أنّها جوزة ، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس : إنّها جوزة ، ما ضرّك وأنت تعلم أنّها لؤلؤة….
يا هشام !.. ما من عَبدٍ إلاّ ومَلَكٌ آخذ بناصيته ، فلا يتواضع إلاّ رفعه الله ولا يتعاظم إلاّ وضعه الله.
يا هشام !.. إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك ، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شيء من الدنيا يغنيك.
يا هشام !.. من أراد الغنى بلا مال ، وراحة القلب من الحسد ، والسلامة في الدين ، فليتضرع إلى الله في مسألته بأن يكمل عقله ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قنع بما يكفيه استغنى ، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبداً.

وآخر دعوانا أن صلِّ اللهم على المصطفى وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين .

شاهد أيضاً

الطريق إلى الله تعالى للشيخ البحراني50

22 وقد قال رسول الله (ص) لبعض أصحابه وهو يشير إلى علي (ع): ( والِ ...