الرئيسية / تقاريـــر / الموصليون يقدمون لقواتنا معلومات ثمينة عن مخابئ «داعش»

الموصليون يقدمون لقواتنا معلومات ثمينة عن مخابئ «داعش»

باتريك كوكبرن*  Patrick Cockburn ترجمة / أنيس الصفار مع مواصلة الجيش العراقي توغله عمقاً في شرق الموصل رد ارهابيو «داعش» باطلاق قذائف الهاون على ناحية كوكجلي التي حررت في وقت سابق من هذا الاسبوع.

وقد التقينا العوائل الفارة من وابل قذائف الهاون وهم محشورون داخل سياراتهم وشاحناتهم المتداعية عند احدى نقاط التفتيش في منطقة برطلة الواقعة على مسافة عشرات الكيلومترات على الطريق امامنا. في تلك النقطة ابلغنا أننا لا يمكننا التقدم اكثر لأن الوضع خطير جداً وارهابيو «داعش» يطلقون نيرانهم على الطريق بين برطلة والموصل غير بعيد عنا.

معلومات ثمينة قالت امرأة متوسطة العمر ترتدي جلباباً اسود: «حسبنا أننا قد تخلصنا من ارهابيي داعش، ولكنهم أخذوا يطلقون نيران الهاون علينا».

ثم تابعت مضيفة أن قذيفة سقطت على بيت جار لها في الصباح فأودت بحياته مع ثلاث نساء، وراحت تعبر عن شدة كرهها لـ «داعش» بالقول ان الجيش العراقي حين طرق باب بيتها وطلب معلومات عن مواقع «داعش» قام ولدها يوسف، الذي بدا في الثامنة من عمره، ليرشدهم الى اقرب مقرات التنظيم. ينقل الفارون من الجانب الشرقي لمدينة الموصل صورة مقنعة لما يجري هناك كلما تقدم الجيش عمقاً.

يقول مهدي، الذي يعمل حداداً ولكنه عاطل عن العمل منذ استيلاء «داعش» على الموصل في حزيران 2014، أن القصف ابتدأ في الساعة الثامنة صباحاً واستمر لمدة ساعة.

عندئذ ركب سيارته ومعه زوجته واطفاله السبعة وانطلقوا خارجين من المدينة دون أن تكون لديهم فكرة الى اين يتوجهون، فأي مكان آخر كان يعني السلامة.

اكدت رواية مهدي التقارير التي قالت ان «داعش» آخذ بالانسحاب من الجانب الشرقي للموصل، الذي يفصله عن جانبها الغربي نهر دجلة.

قال مهدي: «هم يتركون وراءهم موقعين قتاليين او ثلاثة في كل ناحية ينسحبون منها، والارهابيون الذين يبقون هناك يقتلون». جميع عناصر «داعش» من العراقيين والاهالي المحليين يغادرون وبذا لا يبقى غير الاجانب. وعند سؤال مهدي عن جنسيات هؤلاء الاجانب قال انه لا يعلم لأنه لم تتح له فرصة الاقتراب منهم ابداً. ثم اشار الى علبة سكائر في جيب قميصه واضاف، «هؤلاء الاجانب لا يمكننا التحدث معهم لأنهم ما أن يشموا رائحة دخان السكائر تفوح منك حتى يأمروا بجلدك».

 

سعداء بالخلاص لا شك أن الغالبية العظمى من سكان الموصل سعداء بالخلاص من «داعش» بكل قسوتها وعنفها وامتهانها للنساء وتعصبها الديني، ولكن ليس من الواضح بعد ما الذي سيحدث بعد هذا. فقدان «داعش» لمدينة الموصل أمر مرجح، ولكنها لن تعدم فرصا للعمل في العراق،

أو اماكن اخرى غيره، وقد أخذت منذ الان تلجأ الى شن غارات باسلوب حرب العصابات، مثل تلك التي وقعت هذا اليوم عندما استولى ارهابيو «داعش» على مسجد واجزاء من بلدة الشرقاط الواقعة على مسافة 100 كيلومتر تقريباً جنوبي الموصل وبقوا يصدون الهجمات المضادة. الشيء نفسه حدث في كركوك خلال الشهر الماضي عندما تسلل نحو 100 مقاتل من «داعش» بطريقة غامضة الى مركز هذه المدينة النفطية. بيد أن تبعات استعادة الموصل، وهي ثاني اكبر مدينة في العراق، على قدرات «داعش» في إدامة الحرب لابد أن تكون كبيرة.

فـ«داعش» لم تعد تملك من موارد «خلافتها» المزعومة البشرية والمالية ما يكفي لدعم حملة التقتيل التي تمارسها في الداخل والخارج. بل ان مجرد حقيقة كونها تندحر قد تكون لها اثار مدمرة في هذه الحركة التي بقيت تدعي بأن انتصاراتها «الهام سماوي».

حرب عصابات ثمة نقطة اخرى يندر الالتفات اليها، وهذه ستجعل من الصعب على «داعش» العودة الى اسلوب حرب العصابات الذي كانت تنتهجه في الماضي. فشبكة الاعوان والمساعدين السريين الذين كانوا يكفلون الاستمرار والادامة لتنظيم القاعدة في العراق ولـ«داعش» في ايامها الاولى، لم يعد لها وجود. لأن «داعش» حين اصبحت حاكماً على الارض التي كان لها فيها حضور خفي مستتر هب ناشطوها المحليون من مخابئهم ليأخذوا دورهم كحكام جدد. ولكن مع اندحار «داعش» وتقهقرها، وإذ خسرت الارض، اخذت شبكة الانصار القدامى تدفع ثمن خروجها من مخابئها الى الضوء في ايام النشوة بالانتصار. قد تكون «داعش» اضعف اليوم، ولكن هذا لا يعني أنها ما عاد يخشى شرها.

والأمن قد يكون تحسن بالنسبة لأقليات سهل نينوى، ذلك المنبسط من الارض الواقع الى الشرق من مدينة الموصل الذي كان يقطنه ذات يوم نصف مليون انسان من المسيحيين والعرب السنة والشبك (الذين يتحدثون لغتهم الخاصة ومعظمهم من الشيعة) وكذلك الايزيديون والكاكائيون. أمن هؤلاء جميعاً قد يكون تحسن، ولكن هذا لا يعد تحسناً إلا عند مقارنته بما جرى قبله من احداث حين اضطهدت «داعش» هؤلاء الناس واقسرتهم على الخروج من ديارهم. غير بعيد عن برطلة تقع بلدة قرقوش الخالية العائدة للمسيحيين السريان والتي كان يسكنها ذات يوم 44 ألف شخص فروا جميعاً في 2014. يشرح يوحنا توارا، وهو من زعماء الطائفة المحليين، أنهم إذا عادوا سيجدون منازلهم قد دمرت.

يقول يوحنا: ان منزل اخيه دمر بضربة جوية كما اصيب منزله هو باضرار، ويمضي فيقول: «لقد احرقت «داعش» باقي المنازل قبل خروجها، اما محتويات تلك المنازل فقد نهبت منذ وقت طويل». حتى الاماكن التي لا تزال فيها منازل قائمة تفتقر الى الماء والطاقة الكهربائية ومن المستبعد أن يعودا في وقت قريب. كثير من سكان البلدة السابقين قد هاجروا الى استراليا أو فرنسا أو انحاء اخرى من العالم. احتمالات عودة الامن، بأي مقدار، الى سهل نينوى مرهونة قبل كل شيء باستعادة الموصل التي كانت «داعش» من خلالها تزعزع استقرار شمال العراق بأكمله. سوف يستغرق الامر بعض الوقت ولكنه سوف يتحقق في النهاية.

* عن صحيفة الاندبندنت

شاهد أيضاً

ميزان الحكمة أخلاقي، عقائدي، اجتماعي سياسي، اقتصادي، أدبي – محمد الري شهري

المصلين (1). وقد عرف حقها من طرقها (2) وأكرم بها من المؤمنين الذين لا يشغلهم ...