الرئيسية / بحوث اسلامية / دور أهل البيت عليهم السلام في بناء الجماعة الصالحة

دور أهل البيت عليهم السلام في بناء الجماعة الصالحة

جهاد النفس: النظرية والمنهج

 أ ـ النظرية:

ولابد في البداية أن نتصور ابعاد الرؤية الاسلامية لموضوع جهاد النفس ونظريته، حيث يمكن الاشارة مختصراً إلى الابعاد التالية:

الاول: أن الحياة الانسانية هي حياة ممتدة وطويلة وليست مقتصرة على الحياة الدنيا، بل هي مرحلة قصيرة ومحدودة بالنسبة إلى الحياة الانسانية الكاملة. ولذلك فقد جعلت الحياة الدنيا حياة الاختبار والابتلاء، كما أنها لقصرها حياة لهو ولعب وزينة وتفاخر. وأما الحياة الطويلة الحقيقية فهي الحياة الاخرة التي تتحقق فيها النتائج والاثار وتوزن بميزان العدل والحق.

الثاني: أن محور التكامل في الحياة الانسانية هو النفس الانسانية لا الحياة المادية ولا بدن الانسان وجسده; لان النفس هي الباقية والمستمرة والمتطورة وأما بدن الانسان فيفنى وينتكس في الخلق ويتغير ويتبدل.

ولذلك كان جهاد النفس تكاملاً لهذه النفس الانسانية.

الثالث: أن الله تعالى قد خلق في الانسان واودع فيه العقل والعلم والمعرفة للهداية ومعرفة الحقائق والمصالح والمفاسد، كما اودع فيه الهوى والشهوة وزين له الحياة الدنيا لاختباره وامتحانه من ناحية، ولتكون الشهوة طاقة محركة من ناحية اخرى، فهما عاملان متوازيان ومتضادان في حركة الانسان.

ومنحه القدرة على خلق الافعال والنشاطات وتصور المستقبل والتركيب بين الصور، فكانت الارادة الانسانية هي العامل الحاسم في حركة الانسان واختياره لهذا الفعل أو ذلك.

فكلما جعل الانسان العقل هو الهادي لارادته ولاختياره كان سائراً في طريق التكامل، وكلما جعل الهوى والشهوة هما المسيطران على ارادته والموجهان لحركته كان سائراً في طريق النزول والسقوط والتسافل.

وفي الفرضية الاولى تتحول الشهوة الموجهة من قبل العقل والمعرفة إلى طاقة تدفعه للتكامل، ولكنها في الفرضية الثانية تتحول إلى طاقة مدمرة ومهلكة للانسان.

الرابع: أن الله تعالى بلطفه ورحمته وجوده وحكمته وعلمه ارسل الانبياء بالكتب والرسالات، وانزل عليهم الوحي والهدى ليرشدوا الانسانية إلى طريق الحق والصواب عندما تختلط الصور ويشتبه الحق بالباطل، أو عندما يتحير أو يعجز الانسان عن ادراكه ومعرفته للحقائق والمصالح والمفاسد، من أجل أن يقوم هؤلاء الانبياء والرسل بإبلاغ الرسالة وتزكية الانسانية ويعلمها الكتاب والحكمة والحكم بالحق بين الناس فيما اختلفوا فيه والشهادة على سلوكهم وتجربتهم.

الخامس: أن الارادة الانسانية إذا تطابقت مع الارادة التشريعية الالهية المتمثلة بالشريعة والاحكام والحدود الشرعية تكاملت النفس الانسانية. وهذا يحتاج من الانسان أن يجاهد هواه ويهيمن على شهواته وغرائزه ليجعلها تتطابق مع هذه الاحكام الشرعية.

بل إن جهاد النفس مع الهوى والشهوات في حد ذاته يؤدي بالانسان إلى تكامل نفسه التي هي محور التكامل الانساني، كما يتكامل الانسان في بدنه من خلال المجاهدة الجسمية والرياضة البدنية.

وقد وضع الاسلام منهجاً لهذه المجاهدة النفسية ليتكامل الانسان من خلاله.

ولهذا المنهج اركان واسس واساليب وصيغ عملية، وهنا نشير إلى خلاصة الاركان والاسس والعناوين العامة ذات العلاقة بالصيغ والاساليب العملية اجمالاً ونترك التفصيل إلى مجال آخر([1][85]).

([1][85]) تناولنا في بحث تفسير سورة الجمعة منهج التزكية والتربية في الاسلام، وسوف نتعرف على جانب من ذلك في بحث نظام العلاقات الاجتماعية وبحث نظام العبادات والشعائر من هذا الكتاب.

شاهد أيضاً

اليمن – رمز الشرف والتضامن العربي مع غزة فتحي الذاري

ان الحشد المليوني للشعب اليمني بكافة قواه الفاعلة والاصطفاف الرشيد بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين ...