الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / سبايا آل الرسول (ص) وأحقاد أبناء البغايا.. بين الأمس واليوم – جميل ظاهري

سبايا آل الرسول (ص) وأحقاد أبناء البغايا.. بين الأمس واليوم – جميل ظاهري

وفي العشرين من شهر صفر عام 61 دخلت زينب الكبرى عقيلة الهاشميين أرض كربلاء وحيدة مكسورة الخاطر، محدودبة الظهر، شاحبة اللون لا يعرفها حتى أخيها محمد بن الحنفية لما دار عليها من ويلات ومصائب جمة منذ اليوم العاشر من محرم ذلك العام وحتى لحظة وقوفها على قبور أخوتها وأبنائها وأعزائها في يوم الأربعين وهي عائدة من بلاد الشام آه من الشام.

وبمعية أبن أخيها الأمام علي بن الحسين (عليهما السلام) الذخر الباقي ومازال مكان الجامعة على رقبته يقطر دماً ويلوح من بعيد كما هي آثار السلاسل في معصميه وقدميه تقطر دماً؛ ومعها النساء الثاكلات والأطفال اليتامى وآثار سياط بني أمية وأنصارهم وأعوانهم على أجسادهم كلما بكوا لشربة ماء أو فزع من فقدان الأب، بإستثناء رقية (س) بنت لأبي الأحرار (ع) التي دفنتها في خربات الشام وهي في السن الثالثة من عمرها أستشهدت لشدة جراح سياط المجرمين والطغاة وهي تحتضن رأس أبيها سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول المحبة والمودة محمد المصطفى (ص). اليوم، حشود الملايين التي تجاوزت العشرين من أنصار ومحبي وشيعة أهل بيت النبوة والامامة يزحفون سيراً على الأقدام مواساة لسيدتهم زينب الكبرى (ع) نحو قبلة الأحرار والأباة والفداء، تلك المراقد الطاهرة المتصلة بنور الهداية بين الأرض والسماء مرقد الامام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس عليهما السلام وسائر بني هاشم والأنصار سلام الله عليهم أجمعين؛ وهم يهتفون “لبيك يا حسين” و”ياليتنا كنا معكم” و”هيهات منا الذلة” متمسكين بنهج الحرية والاستقلال والسلام والمودة والمحبة، رافضين الركوع لغير الله سبحانه وتعالى مهما كلفهم ذلك من أثمان غالية دفعوها بأرواحهم وأجسادهم طيلة القرون الماضية منذ انقلاب أبناء الطلقاء وذوات الرايات الحمر جيل بعد جيل دون خوف أو فزع أو وجل، رافعين رؤوسهم وهم يكررون قوله (ع) “الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة” فأخافوا طغاة عصرهم حتى يومنا هذا .

بالأمس، خرجت عقيلة بني هاشم (س) في غروب الحادي عشر من كربلاء وحيدة مسبية أسيرة في سبيل إعلاء دين الله الحق مودعة أخوتها وأبنائها وساير الشهداء من على ظهر بعير هزيل لا يقيها من حر ولا شمس ولا برد مكبلة بالسلاسل، وعمر بن سعد يأمر أفراده المجرمين الطغاة بحمل نساء آل بيت العصمة والطهارة على أقتاب الجمال بغير وطاء ولا غطاء! مكشفات الوجوه بين الأعداء وهن ودائع خير الأنبياء! وساقوهن كما يُساق سبي الترك والروم في أسر المصائب والهموم (اللهوف في قتلى الطفوف: 84، ومقتل الحسين: 232).

ويمروا بهم على الأجساد الطاهرة المقطعة إرباً إربا وحوافر الخيول مسطحتها بالأرض، فشاهدت بنت علي أمير المؤمنين (ع) مالم يكن عليها أن تشاهده فنادت بصوت حزين وقلب كئيب: “وا محمداه صلى عليك مليك السماء، هذا حسين بالعراء! مرمّل بالدماء! مقطع الأعضاء! واثكلاه! تسفي عليه ريح الصبا! قتيل أولاد البغايا! وا حزناه! واكرباه عليك يا أبا عبد الله! اليوم مات جدي رسول الله! يا أصحاب محمد! هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا!! الى الله المشتكى وإلى محمد المصطفى وإلى عليّ المرتضى وإلى فاطمة الزهراء وإلى حمزة سيد الشهداء”.

اليوم، حشود مئات الملايين من شيعة جدها وأبيها وأخوتها من حشود الحشد الشعبي وقوات المقاومة الاسلامية ومجاهدين ومستشارين من كل قومية وطائفة ودين ودفاع وطني ينادون “كلنا عباسك يازينب” مكتسحين سوح الوغى وجبهات الصراع بين الحق والباطل محققين النصر تلو النصر على أحفاد أبناء البغايا وعواهر بني أمية ذوات الرايات الحمر ومنهن حمامة أم أبي سفيان، وآمنة بنت علقمة بن صفوان ام مروان بن الحكم، والنابغة سلمى بنت حرملة أم عمرو بن العاص، وميسون بنت بجدل الكلبية هي ام يزيد بن معاوية، وفي مقدمتهن هند بنت عتبة أم معاوية زوجة أبي سفيان و.. غيرهن اولئك اللاتي أنجبن من ترأس ولقرون طويلة الدولة الاسلامية، فلا غرابة أن نرى الدماء تلون كل اوراق تاريخنا !! الدولة الاسلامية الأموية ذلك الارهاب التكفيري الإجرامي.

عادت من جديد بتأسيس ودعم وتمويل وتجهيز وتسليح الأرهاب أحفاد صاحبات الرايات حكام السعودية وقطر والكويت والبحرين والأردن وتركيا، بما تمثله المجموعات الارهابية المسلحة مثل “داعش” و”النصرة” و”احرار الشام” و”جيش الفتح” و”الجيش الحر” و”طالبان” و”القاعدة” و”بوكو حرام”، لتعيث في الأرض فساداً وتستهدف البشر والحجر وتقتل النفوس البريئة وتحرق الأخضر واليابسة، لا ينجو من إجرامهم لا الطفل الصغير ولا الشيخ الكبير، مستهدفين شيعة الرسول (ص) وآله بكل وسائل الاجرام معيدين للذاكرة صورة فاجعة ومجزرة عاشوراء الدامية على أرض الطف بكربلاء عام 61 للهجرة للتتسع أرض كربلاء وليمتد يوم عاشوراء على طول السنين والعصور والبلاد من العراق وحتى الشام ومن اليمن حتى البحرين ومن أفغانستان وباكستان حتى مصر ونيجيريا.

بحقد أحفاد وأنصار وأتباع أمية وأبي سفيان وهند آكلة الأكباد؛ مجسداً الصراع بين الدين والكفر وبين الحق والباطل كما كان على عهد الجاهلية بين أولو الشرف من العرب كبني هاشم ومخزوم وزهرة وغيرهم وبين من أشتهر بالعهر والزنا مثل بني عبد شمس وسلول وهذيل والذي امتد هذا الصراع الى مابعد دخول كل العرب الاسلام .

ولم تكن من قبيل الصدفة ان أغلب من التحق بالركب الأموي ويسير على نهجه وشاكلته هم ممن لهم سوابق بالزنا والبغاء، فهذه المهن تورث الكراهية والحقد لكل من يتحلى بالعفة والطهارة، إضافة الى انها لاتبقي للحياء سبيل وهي تذهب العفة وتفتح طريق الغدر والأثم والخيانة والعمالة والنهب والسرقة والقتل والدمار وإستباحة المحرمات والمقدسات، كما هو الحال القائم في عصرنا الحاضر حيث لم يسلم من حقدهم لا انسان ولا حيوان ولا مسجد ولا تراث ولا حر ولا مفكر ولا عالم ولا ناشط ولا داعية للاسلام المحمدي الأصيل ظناً منهم قادرون على البقاء في سدة الحكم الى حيث يشاؤون مسلطين سيوف إجرامهم ودمويتهم على رقاب الشعوب والسعي لمحو أسم آل الرسول (ص) من ذاكرة البشرية ومحو دين الحق والحقيقة .

لا تزال صرخة زينب الكبرى سلام الله عليها بوجه الطاغية المجرم الفاسق الفاجر شارب الخمر يزيد بن معاوية وفي عقر بلاطه وأمام جبروته، منذ الأمس تدوي في سماء المعمورة وهي تقول “ظننت يا يزيد ـ حيث أخذت علينا أقطار الارض وآفاق السماء، فاصبحنا نساق كما تساق الأسراء ـ أن بنا هواناً على الله وبك عليه كرامة، وإن ذلك لعظم خطرك عنده، فشمخت بأنفك، ونظرت في عطفك، تضرب أصدريك فرحاً، وتنفض مذوريك مرحاً، جذلان مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلاً مهلاً…. فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يرحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين….”

واليوم، ها هم أحفاد علي والحسين عليهما السلام وأنصارهم ومحبيهم ومواليهم متمسكين بصرخة سيدتهم عقيلة بني هاشم يشحذون الهمم ويحررون بلادهم من دنس الارهاب التكفيري الذي زرعه وتنباه ويموله أحفاد فسق وفجور بني العار ويسطرون الانتصارات تلو الانتصارات فيما العار والذل والهوان يلاحق أعداء آل بيت الوحي والامامة عليهم السلام من منزل لآخر تماشياً مع الخطوات التي سارت عليها سبايا آل المصطفى (ص) بعد فاجعة كربلاء عام 61 من أرض الطفوف وحتى بلوغهم بلاط الإجرام والفسق والحقد والكراهية شام بني سفيان

شاهد أيضاً

مفاجآت القرن الـ 21: ملحمة فلسطين وأسطورة إيران

ناصر قنديل يبدو القتال الأميركي الإسرائيلي والغربي عموماً لإنكار صعود العملاق الإيراني وإبهار الملحمة الفلسطينيّة ...