الرئيسية / فقه الولاية / فقه الأحزان

فقه الأحزان

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين أبي القاسم محمد وعلى آله الأطهار.

الدهر يومان , يوم يأتي على المرء بالسعادة, وآخر يأتي ببلاء وامتحان من الله تعالى؛ تمحيصاً منه لعباده, وزيادة لهم في الحسنات أو حطاً من سيئاتهم. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ 1, ويقول جلَّ وعلا: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون﴾ 2.

ولا شك بأن فراق الأحباب، وفقدان الأهل والأعزاء، من البليَّات التي لا مفرَّ للمرء منها. فحتمية الموت أمرٌ لا يفر منه مخلوق، يقول تعالى:﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ﴾3 ،

﴿كُلُّ نَفْسٍ

1- آل عمران: 140

2- البقرة: 155 – 157

3- الزمر: 30

ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ 4.

ولمراسم إقامة العزاء، التي دأبت المجتمعات البشرية على إقامتها آداب وأحكام سنتها الشريعة الإسلامية, وهذا ما يحاول الكتاب تسليط الضوء عليه، والإشارة إلى أهم الأحكام الفقهية المتعلقة بالأحزان، ورغم أنها قليلة إلا أنها حساسة ومهمة، وهذا ما دعانا لإدراج هذا الكتاب ضمن سلسلة الفقه الموضوعي، ليكون إلى جنب الكتاب السابق من السلسلة “مجالس الأفراح”، وقد أشرنا في آخر هذا الكتاب إلى أهم العادات التي تعتمدها الأمة الإسلامية لا سيما أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام، في مجال التعزية.

على أمل أن يغني هذا الكتاب المكتبة الإسلامية، من حيث أنه باكورة في هذا المجال، وينال رضا القراء الكرام، سائلين الله تقبل الأعمال، والتسديد لما هو خير وصلاح، إنه نعم المولى، ونعم المجيب.

 مركز نون للتأليف والترجمة

 4- الأنبياء: 35

تمهيد

إنَّ للمناسبات الحزينة، التي تسمى بالأتراح أو أيام التعزية، ضوابط وسنناً ومستحبات وآداباً, فإن من الأمور التي أولاها الدين الإسلامي الحنيف، الأهمية البالغة، قضية التضامن فيما بين المسلمين. لا في المناسبات السعيدة فقط، بل يتعدى الأمر إلى المواساة في الأتراح والبليَّات، والمصائب التي تصيبهم. فتشكل التعزية وغيرها من السنن, الوقود الذي يغذي الروح التكافلية في الأمة المسلمة.

وسنتحدث في هذا الكتاب عن التعزية وفضلها, وآدابها, وأساليبها, وتنوعها, والضوابط الشرعيَّة لها, وعن التصرفات التي وضع الشارع عليها كفارة, كما سنتحدث عن المراسم التي تُصنع للميت كمراسم اليوم الثالث, أو الثالث أو الأربعين، والإطعام عن روح الميت.

شاهد أيضاً

فقه المسجد

 آداب المسجد تمهيد ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾. حينما يكون ...