الرئيسية / فقه الولاية / فقه المسجد

فقه المسجد

المسجد في الروايات

وما أكثر ما ورد من الروايات الشريفة بشأن المساجد وآدابها، إلّا أنّنا سننتقي بعض الروايات الّتي تُدلّل على مكانة المسجد على أن نترك الروايات الشريفة الأخرى لحين الحديث عن آداب المساجد.

وقد بيّنت الروايات الشريفة أهميّة المسجد من خلال أمور:

34-سورة التوبة, الآية: 108.

35-سورة التوبة, الآية: 107.


1- أهمّية بناء المسجد

إنّ بناء المسجد هو العمل الأوّل الّذي فعله الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلمحين هاجر من مكّة المكرّمة للمدينة المنوّرة، وما كان هذا إلّا لتبيان المكانة الّتي يحتلّها المسجد في حياة المسلمين، ومن الروايات الّتي حثّت على عمران المساجد ما روي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عن آبائه عليهم السلام قال: “إنّ الله إذا أراد أن يُصيب أهل الأرض بعذاب، قال: لولا الّذين يتحابّون فيَّ، ويعمرون مساجدي، ويستغفرون بالأسحار، لولاهم لأنزلت عذابي”36.

وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام: “من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنّة”37.

وعن رسول الله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: “ومن بنى مسجداً في الدنيا بنى الله له بكلّ شبر منه أو بكلّ ذراع مسيرة أربعين ألف عام مدينة من ذهبٍ وفضّةٍ ودرّ وياقوت وزمرّد وزبرجد، في كلّ مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كلّ قصر أربعون ألف ألف دار، في كلّ دار أربعون ألف ألف بيت، في كلّ بيت أربعون ألف ألف سرير، على كلّ سرير زوجة من الحور العين، ولكلّ زوجة ألف ألف وصيف وأربعون ألف ألف وصيفة، في كلّ بيت أربعون ألف ألف مائدة،

36- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 5، ص 204.

37- م. ن. ج 5، ص 203.


على كلّ مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كلّ قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام، ويُعطي الله وليّه من القوّة ما يأتي على تلك الأزواج وعلى ذلك الطعام وعلى ذلك الشراب في يوم واحد”38.

2-التعلّق بالمسجد

لقد نسج الإسلام بين الإنسان والمسجد رابطة من أجمل ما يُمكن أن ينشأ بين الإنسان والموجودات، وليس ذلك إلّا تأكيداً منه سبحانه على أهمّيّة المسجد وما يحتلّه من المكانة العظيمة عند الله حتّى أنّ الله عزّ وجلّ يُظلّه بظلّه يوم القيامة، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال:”سبعة يُظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عزّ وجلّ، ورجل قلبه متعلّق بالمسجد إذا خرج منه حتّى يعود إليه، ورجلان كانا في طاعة الله عزّ وجلّ فاجتمعا على ذلك وتفرّقا، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته امرأة ذات حسب وجمال فقال: إنّي أخاف الله، ورجل تصدّق بصدقة فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما يتصدّق بيمينه”39.

3- أوتاد المسجد

بعد أن يتعلّق الإنسان بالمسجد ويُصبح قلبه شغوفاً به ما تلبث أن تتطوّر هذه العلاقة فيتحوّل الإنسان إلى وتد من أوتاد المسجد

38-بحار الأنوار، المجلسيّ، ج 8 ص 193.

39- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج5،ص199.


تفتقده الملائكة إذا غاب وتسأل عنه وتزوره في مرضه وتكون عونه عند الشدّة بعد أن أصبح جزءاً لا يتجزّأ منه، وكلّ هذا من بركات المساجد، فعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “إنّ للمساجد أوتاداً الملائكة جلساؤهم, إذا غابوا افتقدوهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم”40.

4- أفضل الأماكن وأفضل الناس

لا شكّ أنّ بقاع الأرض متفاوتة من حيث الأجر والتقرّب إلى الله تعالى، ومن حيث الأهمّيّة، فبعضها محبوب أكثر إلى الله تعالى من بعض، وبعضها يُستجاب فيه الدعاء أكثر من بعض آخر، ومن هنا كان للمسجد حظّ من ناحية المحبوبيّة لله تعالى أكثر من غيره من البقاع.

وكما أنّ هناك أماكن محبوبة لله كذلك هناك أناسٌ محبوبون عند الله، وهم الّذين يرتادون المساجد ويكونون أوّل الداخلين إليها وآخر الخارجين منها، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لجبرائيل عليه السلام: “يا جبرائيل أيّ البقاع أحبّ إلى الله عزّ وجلّ؟ قال: المساجد، وأحبّ أهلها إلى الله أوّلهم دخولاً وآخرهم خروجاً منها”41 .

40- بحار الأنوار، المجلسيّ، ج8، ص373.

41- الكافي, الكلينيّ، ج3، ص489.


5– أهمّيّة زيارة المسجد

والمقصود من الزيارة الصلاة فيها لا مجرّد الدخول إليها وحسب، ومن الروايات الّتي دلّلت على أهمّيّة زيارة المسجد وفضل المصلّين فيه ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “- في التوراة مكتوب – إنّ بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لعبد تطهّر في بيته ثمّ زارني في بيتي، ألا وإنّ على المزور كرامة الزائر ألا بشّر المشّائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة”42.

ونقل الفضل بن عبد الملك عن الإمام الصادق عليه السلام قال: “يا فضل لا يأتي المسجد من كلّ قبيلة إلّا وافدها، ومن كلّ أهل بيت إلّا نجيبها، يا فضل لا يرجع صاحب المسجد بأقلّ من إحدى ثلاث خصال: إمّا دعاء يدعو به يُدخله الله به الجنّة، وإمّا دعاء يدعو فيصرف الله عنه به بلاء الدنيا، وإمّا أخ يستفيده في الله”43.

6- فائدة الاختلاف إلى المسجد

نجد في كلام أهل البيت عليهم السلام فوائد كثيرة للمسجد ليس فقط حول زيارته بل حتّى في المشي إليه والتردّد عليه، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: “من مشى إلى المسجد لم يضع رجلاً على رطبٍ ولا يابسٍٍ إلّا سبّحت له الأرض إلى الأرضين السابعة”44.

42- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 1 ص 382.

43- م.ن. ج 5، ص 193 و194.

44- م.ن، ج5، ص200.


وعن أمير المؤمنين عليه السلام: “من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله، أو علماً مستطرفاً، أو آيةً محكمةً، أو يسمع كلمة تدلّ على هدى، أو رحمةً منتظرة، أو كلمةً تردّه عن ردي، أو يترك ذنباً خشيةً أو حياء”45.

7- شكاية المسجد

إنّ إحياء المساجد عبر الحضور فيها بشكل دائم ومستمرّ من الأمور المطلوبة الّتي حثّت عليها الشريعة الإسلاميّة وأكّدت عليها، حتّى أنّ المسجد يشتكي لله يوم القيامة من هجران الناس له وبعدهم عنه وعدم شعورهم بأهمّيّته في حفظ الإسلام والمسلمين.

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “يجيئُ يوم القيامة ثلاثة: المصحف والمسجد والعترة، يقول المصحف: حرقوني ومزّقوني، ويقول المسجد: خرّبوني وعطّلوني وضيّعوني ويقول العترة: يا ربّ قتلونا وطردونا وشرّدونا”46.

8- الصلاة في مساجد أهل السنّة

المساجد كلّها بيوت لله حيثما وجدت ولأيّ مذهب كانت طالما أنّه يُذكر اسم الله فيها وتُقام الصلوات خالصة لوجه الله الواحد القهّار دون سواه، فهي بقعة مقدّسة من بقاع الله الطاهرة، وقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام: “000 ما من مسجد بُني إلّا على قبر نبيّ

45- وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج5، ص197.

46- بحار الأنوار، المجلسيّ، ج24، ص187.


أو وصيّ نبيّ قتل فأصاب تلك البقعة رشّة من دمه فأحبّ الله أن يُذكر فيها فأدِّ فيها الفريضة والنوافل واقضِ فيها ما فاتك”47.

شاهد أيضاً

فقه المسجد

 آداب المسجد تمهيد ﴿وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ﴾. حينما يكون ...