الرئيسية / فقه الولاية / ثلاثون أدباً للمتعلّم

ثلاثون أدباً للمتعلّم

مكائد الشيطان وأهميّة الإخلاص‏

إنّ درجة الإخلاص عظيمة المقدار، كثيرة الأخطار، دقيقة المعنى، صعبة المرتقى، يحتاج طالبها إلى نظر دقيق، وفكر صحيح، ومجاهدة تامّة. وكيف لا يكون كذلك، وهو مدار القبول، وعليه يترتّب الثواب، وبه تظهر ثمرة عبادة العابد، وتعب العالم، وجدّ المجاهد. ولو فكَّر الإنسان في نفسه، وفتّش عن حقيقة عمله, لوجد الإخلاص فيه قليلاً، وشوائب الفساد إليه متوجهة، والقواطع عليه متراكمة لا سيّما المتّصف بالعلم وطالبه، وربّما يُلبس عليهم الشيطان

ويقول لهم: غرضكم نشر دين الله، والنضال عن الشرع الذي شرعه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن يظهر قصده على حقيقته إذا ظهر زميل له أكثر علماً منه وأحسن حالاً، يصرف قلوب الناس إليه، فلينظر حينئذ: فإن كان يفرح لأتباعه، والمادحين له، والمعتقدين بفضله، ويحترمهم أكثر من فرحه بأتباع الآخر واحترامهم، ويستبشر إذا لاقى أصحابه وأتباعه أكثر مما يستبشر بملاقاة أصحاب الآخر وأتباعه، فهو مغرور، وعن دينه مخدوع، وهو غافل لا يدري.

وهذا رشح من الصفات المهلكة المستترة في سرِّ القلب التي يظنُّ المتعلِّم النجاة منها، وهو مغرور في ذلك، وقد ينخدع بعض أهل العلم بغرور الشيطان، ويُحدث نفسه بأنّه لو ظهر من هو أولى منه لفرح به، وقوله هذا قبل التجربة والامتحان غرور، فالكلام والادّعاء سهل، ولكنّ العمل ليس بسهولة الكلام، وكما يُقال: عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان. فمن أحسَّ في نفسه بهذه الصفات المهلكة، فالواجب عليه طلب علاجها من علماء الأخلاق، فإن لم يجدهم، فليُحاول أنْ يستفيد من كُتبهم ومُصنَّفاتهم ، ويسأل الله المعونة.

إنّ معرفة حقيقة الإخلاص، والعمل به بحر عميق

يغرق فيه الجميع إلّا القليل النادر المستثنى في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[1].

فليكن العبد شديد التفقُّد والمراقبة لهذه الدقائق، وإلا التحق بأتباع الشياطين وهو لا يشعر.

 

2- الاجتهاد في طلب العلم:

على الطالب أن يبذل جهده في الاشتغال بالقراءة، والمطالعة، والمباحثة، والمذاكرة، والحفظ، وأن تكون ملازمة الاشتغال بالعلم هي مطلوبه ورأس ماله.

 

* مع الإمام الخميني قدس سره:

كان الإمام قدس سره كثيراً ما يقرن شرحه لأحاديث الأئمّة الأطهار عليهم السلام في دروسه الفقهية بالحديث عن حالاتهم المعنوية السامية عليهم السلام, لكي لا يكون حديثه عن بحوث العلوم الإسلامية جافّاً بل يكون مُفعَماً بما يؤدّي إلى تكامل الروح المعنويّة في الطلبة، إضافة إلى الروح العلميّة[2].

 

3- عدم السؤال مراءاً:

أنّ لا يسأل أحدا تعنتاً وتعجيزاً، بل سؤال متعلِّم لله، أو معلِّم له سبحانه وتعالى منبِّه على الخير، قاصد للإرشاد أو الاسترشاد، فهناك تظهر زبدة

التعليم والتعلُّم، وتُثمر شجرته، فأمّا إذا قصد مجرد المراء والجدل، وأحب ظهور الغلبة، فإنّ ذلك يُثمر في النفس صفات رديئة، وسجية خبيثة، ويستوجب المقت من الله تعالى.

إنّ السؤال تعنُّتاً، ومراءاً يُعتبر باباً يوصل إلى العديد من المعاصي: كإيذاء المخاطب، وتجهيله، والطعن فيه، والثناء على النفس والتزكية لها، وهذه كلُّها ذنوب مؤكّدة، وعيوب منهي عنها.

روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “من ترك المراء وهو مُحِقٌّ، بُني له بيت في أعلى الجنّة ومن ترك المراء وهو مبطلٌ، بُني له بيت في ربض الجنّة”[3].

وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: “لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتّى يدع المراء وإن كان مُحِقّاً[4].

 

[1] سورة الحجر، الآية 40.

[2] قبسات من سيرة الإمام الخميني في ميدان التعليم الحوزويّ والمرجعيّة، ص123.

[3] الطبرسي، مستدرك المسائل، ج 9، ص 76.

[4] بحار الأنوار، ج 2، ص 138.

شاهد أيضاً

ثلاثون أدباً للمتعلّم

الفصل الثالث: آداب المتعلِّم في درسه هناك آداب خاصّة بطريقة المطالعة، والدرس، والقراءة، يجب أن ...