الرئيسية / القرآن الكريم / علوم القرآن الكريم – التحريف و المحرفون

علوم القرآن الكريم – التحريف و المحرفون

ثامناً: التهاون في صيانة القرآن الكريم من التقديم والـتأخير


يبدو أنّ حالات التهاون في حفظ الآيات القرآنية كان لها أثرها في محاولات التحريف.

فقد أجاز بعض أهل السنّة التقديم والتأخير في النصّ القرآني، وأباحوا ذلك بشرط الحفاظ على معاني الآية القرآنية.

وهو تطرّف زائد كما ترى في فتح باب الاجتهاد في النصّ القرآني، ما أتاح للبعض أن يتلاعب بألفاظ الآية بحجّة جواز التقديم والتأخير دون المساس بالمعنى.

فقد روى أبو أويس: سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث، فقال: هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث إذا أصيب الحديث فلا بأس([1]).

كانت الآراء المسامحة في التصرّف بالنصّ القرآني تُتيح للآخرين أن يجتهدوا في قراءاتهم مهما بلغت تلك القراءات وتعدّدت، وهو في حقيقته انفلات لقريحة الوضع دون طائل، ومحاولة خاسرة لرفع الحصانة عن النصّ القرآني الذي لا يمكن أن تتدخّل الأذواق فيه والاجتهادات الخاصّة في صياغته.

ففي تخويل البعض التصرف بقراءاته تنبثق لدينا مشكلة التحريف بشكل فجّ يثير المرارة.

فقد روى أحمد من حديث أبي بكر أنّ النبيّ(ص) استزاد من جبرئيل في أحرف القراءة حتّى بلغ سبعة أحرف، قال: يعني جبريل كلّها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة وآية رحمة بعذاب.

ويروي أبو داود في سننه عن اُبي عن رسول الله(ص) – إلى قوله- : حتّى بلغ سبعة أحرف، ثم قال: ليس منها إلا شاف كاف، إن قلت سميعاً عليماً عزيزاً حكيماً ما لم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب.

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عنه(ص): أنّ هذا القرآن نزل على سبعة أحرف، فاقرأوا ولا حرج ولكن لا تجمعوا ذكر رحمة بعذاب ولا ذكر عذاب برحمة([2]).

هذه هي إحدى آليات التحريف المعتمدة لدى البعض سبّبتها حالات التهاون والمسامحة في ضبط النصّ القرآني وحفظ قرآنية القرآن الكريم.

 

——————————————————————————–

([1]) إعلام الخلف: 3 / 199.      

([2]) راجع في استقصاء هذه الموارد مقدمة مجمع البيان للشيخ محمّد جواد البلاغي.

 

Copy of 3674a35c-fe65-4825-a73b-6c40f10417c1

شاهد أيضاً

مفاجآت القرن الـ 21: ملحمة فلسطين وأسطورة إيران

ناصر قنديل يبدو القتال الأميركي الإسرائيلي والغربي عموماً لإنكار صعود العملاق الإيراني وإبهار الملحمة الفلسطينيّة ...