الرئيسية / الاسلام والحياة / خطوط عامة من سيرة الأئمة عليهم السلام

خطوط عامة من سيرة الأئمة عليهم السلام

نظرات خاطئة

لقد نظر البعض إلى الأئمة عليهم السلام نظراتٍ خاطئة، ولم يقيِّمهم التقييم الصحيح، والواقعي، وهذا ما يتكلّم عنه سماحة القائد دام ظله، انطلاقاً من حديثه عن الإمام الصادق عليه السلام:

“ثمّة نظرتان خاطئتان بشأن الإمام الصادق ناشئتان عن لونين من التفكير: ومن الغريب أنهما على اختلافهما تتقاربان في الشكل والمحتوى والمنشأ، بل يمكننا القول إن النظرتين تشتركان في بعض المحاور اشتراكاً تاماً.

النظرة الأولى: نظرة شيعة الإمام الصادق عليه السلام بالقول، لا بالعمل، وتتلخص بما يلي:

إن الإمام الصادق عليه السلام توفرت له ظروف لم تتوفر لإمام من قبله ولا من بعده، استطاع أن يستغلها لنشر أحكام الدين، وأن يفتح أبواب مجلسه لطلاب العلم، جلس في بيته، وفتح صدره للمراجعين، وتصدّى للتدريس ونشر المعارف، وارتوى منه كل من قصده من طلاب العلم وناشدي الحقيقة، اشترك في مجلس درسه أربعة آلاف تلميذ…

وتصدّى الإمام عليه السلام لمناقشة المنتمين إلى الأفكار الدخيلة، والرد على الزنادقة والماديين والملحدين، مباشرة أو عن طريق تلاميذه… ويقول أصحاب هذه النظرة أيضاً إن الإمام عليه السلام وحرصاً على استمرار هذا المشروع العلمي اضطر إلى عدم التدخل في السياسة، فلم يقدِم على أي عمل سياسي، بل وأكثر من ذلك فإنه سلك طريقاً يتماشى مع سياسة خلفاء زمانه لاسترضائهم، ولاستبعاد أية شبهة

يمكن أن تحوم حول نشاطه. لذلك لم يجابههم، ومنع أيضاً أن يجابههم أحد. وقد تستلزم الظروف أن يذهب إليهم وينال جائزتهم وحظوتهم، وإن حدث أن أساء الحاكم به الظن نتيجة حدوث حركة ثورية أو تهمة لفّقها نمّام يتجه الإمام عليه السلام إلى استمالة الحاكم ومجاملته.

… هذه نظرة تصور الإمام عالماً، باحثاً، وأستاذاً كبيراً انتهل من بحر علمه أبو حنيفة ومالك ولكنه بعيداً كل البعد عن كل مقاومة لعدوان السلطة على الدين، وعن كل ما تتطلبه مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمام السلطان الجائر…

كان بعيداً كل البعد عن الثوار من أمثال: زيد بن علي ومحمد بن عبد اللَّه والحسين بن علي شهيد فخ، بل عن الجنود المقاتلين من هؤلاء الثوار، ولم يكن يبدي أي رد فعل تجاه ما يحل بالمجتمع الإسلامي، ولا يكترث بما كان يكتنزه المنصور من أموال طائلة، ولا بما كان يعاني منه أبناء رسول اللَّه في جبال طبرستان ومازندران، وفي رساتيق العراق وإيران من جوع، بحيث لا يجدون ما يسدون رمقهم… ولا يهتم بما كان يتعرض له أتباعه من قتل وتعذيب وتشريد وهم صفر اليدين من كل متاع يتنعم به الأفراد العاديون من أبناء المجتمع آنذاك!

هذه هي صورة الإمام الصادق عليه السلام كما يرسمها أصحاب النظرة الأولى” .

“النظرة الثانية: يحملها أولئك الذين لا يعترفون بإمامة الصادق، وهي نظرة متحاملة على الإمام ترى أنه عليه السلام وقف تجاه ما كان يحيق بالمجتمع من ظلم، موقف عدم اكتراث.

فالمجتمع في زمانه كان يضج بالمظالم الطبقية والطغيان السياسي

والسيطرة المقيتة على أموال الناس وأنفسهم وأعراضهم، وأكثر من ذلك على عقولهم ونفوسهم وتفكيرهم ومشاعرهم. حتى لم تعد الأمة تتمتع بأبسط الحقوق الإنسانية، بما في ذلك القدرة على الانتخاب. مقابل هذا كان الطواغيت يتلاعبون بمقدرات الناس كيفما شاؤوا، ويبنون القصور الفارهة، مثل قصر الحمراء جوار آلاف الخرائب التي يعيش فيها البؤساء من عامة الشعب.

في مثل هذا المجتمع الملي‏ء بألوان التعسف والاضطهاد يتجه الصادق إلى البحث والدراسة وتربية الطلبة، ويصب اهتمامه على تخريج الفقهاء والمتكلمين!”.

هذه النظرة التي تتلاقى مع نظرة المستشرقين ودورهم في تشويه صورة الأئمة عليهم السلام؛ هؤلاء المستشرقون الذين جاؤوا لدراسة وتحقيق الدين والتاريخ الإسلامي، ولكن في الحقيقة جاؤوا ليكيدوا للإسلام قصداً عن سابق علم واختيار، أو عن غير قصد؛ حيث إنهم سطحيون في بحثهم، ومتسرعون في حكمهم.

يقول القائد دام ظله:

“… والنظرة الثانية أيضاً واهية بالدرجة نفسها وغير علمية. إنها تشبه أحكام المستشرقين المنطلقة من غرض أو جهل، ومن روح مادية محضة لا تنسجم إطلاقاً مع طبيعة الأحداث الإسلامية.

ولقد شاهدنا تلك الأحكام الفجّة التافهة التي تصدر عن بعض المستشرقين تجاه الإسلام وأئمة أهل البيت عليهم السلام، كقول أحدهم عن الإمام الحسن المجتبى أنه باع الخلافة بالمال! وقضى عمره بين العطر والمرأة والترف!

وقول مستشرق آخر: إن الإسلام نقل المجتمع من مرحلة الرقيّة إلى مرحلة الإقطاع!

والنظرة الثانية التي نتحدث عنها تشترك مع أقوال هؤلاء المستشرقين في السطحية والتسرع والمنطق المادي…”.

 

 

 

https://t.me/wilayahinfo

شاهد أيضاً

خطوط عامة من سيرة الأئمة عليهم السلام

بسم الله الرحمن الرحيم إن من أهمّ‏ِ الأمور في مسير الإنسان في الحياة، أن يعرف ...