الرئيسية / من / طرائف الحكم / الشعائر الحسينية إحياؤها وأبعادها 09

الشعائر الحسينية إحياؤها وأبعادها 09

لماذا إقامة الشعائر الحسينيّة؟ وكيف تقام؟

والسؤال الذي يطرح نفسه:

أوّلاً: لماذا إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام وإحياء شعائره؟

وثانياً: كيف نحيي هذه الشعائر وما هي أنواعها وأشكالها المقبولة والواردة عن أهل البيت عليهم السلام؟

 

وسوف نجيب عن هذين السؤالين تباعاً ضمن الفصلين الآتيين إن شاء الله تعالى.

 

الفصل الأول:

لماذا إقامة العزاء على سيّد الشهداء عليه السلام؟

 

  

تمهيد:

يقع التساؤل أحياناً عن سبب تخصيص الإمام الحسين عليه السلام من قبل أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بإقامة العزاء, وتطرح عادة إشكاليّة تقول: لماذا لا يقام هذا العزاء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ أو غيره من الشخصيّات المقدّسة في تاريخ الإسلام؟

وللإجابة عن هذا السؤال نقول:

أوّلاً: إنّ أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام يقيمون العزاء على مصاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, ويعتبرون أنّ فقده صلى الله عليه وآله وسلم من أعظم المصائب, بل أصاب الأمّة الإسلاميّة بما لم تصب بمثله أبداً, وقد رووا ذلك عن أئمّتهم عليهم السلام, فعن أبي عبد الله عليه السلام أنّه قال: “من أصيب بمصيبة فليذكر مصابه بالنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فإنّه من أعظم المصائب”[1], وعن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال: “إن أُصِبت بمصيبة في نفسك أو في مالك أو في ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فإنّ الخلائق لم يصابوا بمثله قطّ”[2].

ثانياً: إنّ مصيبة الإمام الحسين عليه السلام وما جرى عليه من المصائب والمحن والرزايا من حيث طبيعة الفاجعة والمأساة وطريقة القتل واجتماع جميع المصائب عليه في يوم واحد وساعات معدودة, وحصاره ومنع الماء عنه واجتماع ذلك العدد من أعدائه لقتله, وغيرها من الأمور, مثّلت حالة استثنائيّة في تاريخ البشريّة, استدعت نوعاً من الإحياء للمناسبة يختلف عن طبيعة الإحياء المطلوب في جميع مناسبات الشخصيّات المقدّسة الأخرى من الأنبياء والأولياء والأصحاب والأنصار, وهذا ما أشارت إليه الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام, فعن الإمام الحسن عليه السلام: ”  لا يوم كيومك يا أبا عبد الله”[3], وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: “لا يوم كيوم الحسين عليه السلام”[4].
 
ثالثاً: إنّ طبيعة الأهداف التي حملها الإمام الحسين في نهضته وثورته المباركة, ضدّ الظلم والجور, وفي مواجهة الانحراف, وطلباً لحفظ الدّين والرسالة وتعاليم القرآن وسيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, والتذكير بحقّ آل البيت عليهم السلام ووجوب مودّتهم, والإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وغيرها من الأهداف والعناوين, ومن ناحية أخرى فإنّ

طبيعة العدوّ الذي كان يواجهه الإمام عليه السلام وخطره على أصل الدّين والرسالة, كلّ ذلك افترض نوعاً من الاهتمام بالمناسبة لما فيه من إحياء للإسلام الذي جاء به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, وحفظ لمسيرته وأهدافه, ومن هنا قيل: الإسلام محمّديّ الوجود حسينيّ البقاء.

رابعاً: إنّ الإمام الحسين عليه السلام هو ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسبطه وحبيبه, وإنّما نحزن عليه ونبكي مصابه لأنّه ابن رسول الله وأحد الأئمّة المعصومين الذين أوصى بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, وهم عترته وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً, ولكونه أحد أركان السلسلة الطيّبة التي كان لها دور عظيم بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في بناء هذا الدّين وتشييد أركانه, ولعلّ هذا ما أشارت إليه الرواية عن عبد الله بن الفضل (الهاشميّ) قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: يا بن رسول الله, كيف صار يوم عاشورا يوم مصيبة وغمّ وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ واليوم الذي ماتت فيه فاطمة عليها السلام؟ واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين عليه السلام؟ واليوم الذي قتل فيه الحسن عليه السلام بالسمّ؟ فقال: “إنّ يوم قتل الحسين عليه السلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيّام، وذلك أنّ أصحاب الكساء الذين كانوا أكرم الخلق على الله

كانوا خمسة, فلمّا مضى عنهم النبيّ، بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلمّا مضت فاطمة عليها السلام كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام للناس عزاء وسلوة، فلمّا مضى منهم أمير المؤمنين كان للناس في الحسن والحسين عليهما السلام عزاء وسلوة, فلمّا مضى الحسن عليه السلام كان للناس في الحسين عزاء وسلوة. فلمّا قتل الحسين صلّى الله عليه لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم فلذلك صار يومه أعظم الأيّام مصيبة”[5].

خامساً: إنّ البكاء على الإمام الحسين عليه السلام هو امتثال لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في ضرورة مودّة آل بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم, وتأسيّاً بفعله صلى الله عليه وآله وسلم حيث أقام المآتم على ولده الحسين عليه السلام قبل شهادته وبكاه في مواضع عديدة.

وكذلك فإنّ هذا الأمر هو استجابة لطلب الأئمّة من أهل البيت عليهم السلام الذين حثّوا على إقامة العزاء على الإمام الحسين عليه السلام وقاموا هم أنفسهم بفعل هذا الأمر.

وفي هذا الفصل نعرض لبعض الجوانب المهمّة التي توضح سبب إحياء هذا المناسبة من زوايا مختلفة:

إقامة الشعائر والعزاء على سيّد الشهداء عليه السلام تأسيّاً برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام:

 

[1] الكافي، ج 3، ص 220.

[2] ن.م.

[3]  أمالي الصدوق، ص 177.

[4] المصدر السابق، ص 547.

[5]  بحار الأنوار، ج 44، ص 269, عن علل الشرائع للصدوق.

 

شبكة المعارف الإسلامية

 

https://t.me/wilayahinfo

 

[email protected]

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...