الرئيسية / من / طرائف الحكم / تذكرة المتقين – موعظة لقمان عليه السلام في السير نحو الجنـّة

تذكرة المتقين – موعظة لقمان عليه السلام في السير نحو الجنـّة

الخصلة الثانية: أنَّه طالبٌ للموعظة المختصرة:

الانشغال في شؤون الحياة الدنيا لا ينبغي أنْ يكون مانعاً للإنسان عن طلب الموعظة, إذ كما أنَّ للجسد حاجات يقتضي الأمر طلب الرزق لأجلها، كذلك للروح حاجات لا تلبّى إِلَّا بالطلب، وكثرة الانشغال في المقام الأوّل لا ينبغي أنْ تكون على حساب المقام الثاني.

 

وعلى هذا الأساس ورد في جملة من النصوص استحباب الإجمال في الطلب في المقام الأوّل:

ففي الصحيح ٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: “أَلَا إِنَّ الرُّوحَ الْأَمِينَ نَفَثَ فِي رُوعِي أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا فَاتَّقُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ شَيْ‏ءٍ مِنَ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِشَيْ‏ءٍ مِنْ مَعْصِيَةِ الله فَإِنَّ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَسَمَ الْأَرْزَاقَ بَيْنَ خَلْقِهِ حَلَالًا وَلَمْ يَقْسِمْهَا حَرَاماً فَمَنِ اتَّقَى الله عَزَّ وَجَلَّ وَصَبَرَ أَتَاهُ الله بِرِزْقِهِ مِنْ حِلِّهِ وَمَنْ هَتَكَ حِجَابَ السِّتْرِ وَعَجَّلَ فَأَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ قُصَّ بِهِ مِنْ رِزْقِهِ الْحَلَالِ وَحُوسِبَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَة”6.

 

 

6- الكافي، ج 5، ص 80.

وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله عليه السلام، قَالَ: “لِيَكُنْ طَلَبُكَ لِلْمَعِيشَةِ فَوْقَ كَسْبِ الْمُضَيِّعِ وَدُونَ طَلَبِ الْحَرِيصِ الرَّاضِي بِدُنْيَاهُ الْمُطْمَئِنِّ إِلَيْهَا وَلَكِنْ أَنْزِلْ نَفْسَكَ مِنْ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنْصِفِ الْمُتَعَفِّفِ تَرْفَعُ نَفْسَكَ عَنْ مَنْزِلَةِ الْوَاهِنِ الضَّعِيفِ وَتَكْتَسِبُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ. إِنَّ الَّذِينَ أُعْطُوا الْمَالَ ثُمَّ لَمْ يَشْكُرُوا لَا مَالَ لَهُم7.

 

وعن عَبْدِ الله بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الله عليه السلام يَقُولُ: “إِنَّ الله تَعَالَى وَسَّعَ فِي أَرْزَاقِ الْحَمْقَى لِيَعْتَبِرَ الْعُقَلَاءُ وَيَعْلَمُوا أَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَ يُنَالُ مَا فِيهَا بِعَمَلٍ وَلَا حِيلَة8. ولا يقصد من ذلك ترك الجدّ والعمل، بل المقصود هو الاتكال عليهما.

 

ومع قطع النّظر عن ذلك، فإنّ الانشغال بطلب الرزق وشؤون الدُّنيا مهما كَثُر، فلن يُعدِم الإنسان وقتاً ـ ولو قليلاً ـ بأنْ يسعى نحو موعظةٍ مختصرةٍ “بِحَرْفَيْنِ”.

IMG-20170320-WA0022

https://t.me/wilayahinfo

[email protected]

الولاية الاخبارية

شاهد أيضاً

الحجاب النوراني والحجاب الظلماني

لكن أنواع ذلك الجلال هو اشراقاتي وهو لفرط العظمة والنورانية واللانهائية، يبعد عنها العاشق بعتاب ...