الرئيسية / القرآن الكريم / تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

21

ثم بيّن سبحانه أن أهل الكتاب كفروا بالله قديماً وقتلوا الأنبياء تسلية للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن لا يضيق صدره بتكذيبهم ولجاجتهم ((إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ )) فلا يقبلونها بعد وضوحها وعلمهم بها ((وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ )) فإن قتل النبي مطلقاً ليس بحق وإنما يأتي القيد إفادة لأنه لا حُجّة لهم في قتل الأنبياء حتى أنه ليس هناك حق مدّعى أيضاً ((وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ ))، أي بالعدل ((مِنَ النَّاسِ )) فإنّ أهل الظلم والباطل الذين تتمثّل فيهم القوة غالباً يقتلون من ينهاهم عن ذلك ويأمر بالقسط والعدل ((فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)) وكلمة البشارة إستهزاء أو بعلاقة إستعمال الضد في الضد كتسمية الزنجي بالكافور والأعمى بالبصير، أو للمقابلة نحو (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فإنّ المؤمن يُبشّر بالثواب والكافر يُبشّر بالعقاب.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

22

((أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ )) الخيرية فإن لكل إنسان أعمال خيرية وإن كان كافراً، ومعنى حبط العمل بطلانه وعدم إفادته ((فِي الدُّنْيَا )) فإن كفرهم سبّب هدر دمهم فعملهم الخير لم ينفعهم في حقن دمهم أو أعمال الخير التي تدفع البلايا والآفات لا تنفع مع الكفر والإنحراف ((وَالآخِرَةِ )) فلا تفيدهم أعمالهم الحسنة ثواباً كما قال سبحانه (وقَدِمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثورا) ((وَمَا لَهُم ))، أي ليس لهم ((مِّن نَّاصِرِينَ)) ينصرونهم من عذاب الله وسخطه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

23

((أَلَمْ تَرَ )) يارسول الله، ومعناه إفادة العلم بهذا الإستفهام ((إِلَى الَّذِينَ أُوْتُواْ ))أُعطوا ((نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ ))، أي بعضاً منه لأنهم بتحريفهم الكتاب قد فقدوا بعضه كما قال سبحانه (نسوا حظاً مما ذُكّروا به) ((يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ )) يدعوهم الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى كتاب الله ليجعل حكماً بينهم وأن محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حق أم لا فقد كان في التوراة والإنجيل صفاته (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ولذا كان يدعوهم إلى تحكيم كتابهم في هذا الأمر لكنهم بم يكونوا يقبلون ((ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ ))، أي يُعرض عن تحكيم الكتاب وإنما قال “فريق” لأن بعضهم دخل في الإسلام بعد ما تمت له الدلالة والإرشاد كعبد الله بن سلام وغيره ((وَهُم مُّعْرِضُونَ)) عن الحق وعن كتابهم، وفي بعض الأحاديث أن الآية نزلت في مسألة زنا وقع بين يهودي ويهودية وكان حكمهما الرجم في التوراة ورجعوا إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعله يحكم بغير ذلك فحكم الرسول بينهم بما فيالتوراة فكرهوا ذلك.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

24

((ذَلِكَ )) الإعراض عن كتابهم وعن أوامر الله سبحانه ((بِـ)) سبب ((أَنَّهُمْ )) آمنوا العقوبة بما لفّقوه من الكذب حيث ((قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ ))، أي نار جهنم على فرض كفرنا وعصياننا ((إِلاَّ أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ )) سبعة أيام أو أربعين يوماً، وهذه المدة قليلة فلا ينبغي ترك الشهوات والرئاسة لأجلها ((وَغَرَّهُمْ ))، أي خدعهم ((فِي )) باب ((دِينِهِم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ))، اي الذي إفتروه ونسبوه إلى الدين من أن النار أيام عديدة فقط خدعهم وغر|هم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

25

((فَكَيْفَ )) حالهم إذا إنكشف غرورهم ((إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ )) القيامة الذي ((لاَّ رَيْبَ فِيهِ ))، أي ليس محل إرتياب وشك ((وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ ))، أي يُعطى كل إنسان جزائه وافياً غير منقوص ((وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)) بل يجزون على حسب أعمالهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

26

وهنا يتوجه السياق إلى كون المُلك لله فليس لأهل الكتاب أن يحسدوا الرسول والمسلمين فيما أوتوا من حول وطول وعزة ومُلك وفي بعض الأحاديث أن الآية نزلت بعدما بُشّر الرسول والمسلمين بأنهم يفتحون مُلك فارس والروم فاستهزأ الكفار بذلك وقالوا أنّى يمون لمثل هؤلاء أن يسيطروا على تلك الدولتين العظيمتين ((قُلِ )) يارسول الله ((اللَّهُمَّ ))، أي ياالله، والميم بدل عن حرف النداء ((مَالِكَ الْمُلْكِ )) مالك منصوب على أنه مناد مضاف، أي يامالك المُلك فكل شيء لك وحدك لا شريك وملك من عداك إنما هو مجازي إعتباري ((تُؤْتِي ))، أي تُعطي ((الْمُلْكَ مَن تَشَاء )) أن تعطيه ((وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء )) أن تنزع عنه من غير فرق بين أن يكون المُلك سلطاناً أو مُلكاً لشيء كالدار والعقار ((وَتُعِزُّ مَن تَشَاء )) أن تعزّه عزّة ظاهرية أو باطنية بالإيمان والطاعة ((وَتُذِلُّ مَن تَشَاء )) أن تذلّه ((بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) فتقدر على الإعطاء والمنع وأن تعزّه وتذلّه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

27

((تُولِجُ ))، أي تُدخل ((اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ )) فيأخذ الليل مكان النهار، فيما ينقص اليوم ويزيد الليل، أو فيما إذا جاء الليل وذهب النهار، وهو كناية إذ ليس الإدخال حقيقة ((وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ )) بأحد المعنيين السابقين ((وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ )) كما يخرج النبات الحي من الحبّ الميت والأرض الميتة، أو يُخرج الجنين الحي من الأم الميتة كما قد تموت الأم ويخرج الولد منها حياً ((وَتُخْرِجُ الَمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ )) كما يخرج الحب الميت من النبات الحي والبيضة الميتة من الدجاجة والولد الميت من المرأة الحية إذا مات الجنين في بطنها، وفي التأويل إخراج المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ((وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء )) من عبادك وخلقك ((بِغَيْرِ حِسَابٍ))، أي بغير تقتير كما يُقال “فلان ينفق بغير حساب” أو بلا حساب من المنفق عليه وإن كل شيء عنده تعالى بحساب.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

28

وحيث ثبت أن المُلك بيد الله والعزّة والذلّة منه فـ ((لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء )) بأن يصادق المؤمن الكافر بزعم أن ينفعه لأن بيد الكافر الملك أو أنه يسبّب عزّته وشوكته ((مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ ))، أي من دون أن يتخذ المؤمنين أولياء بل اللازم أن يتخذ المؤمن المؤمن ولياً ويتخذ الكافر عدواً ((وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ )) الإتخاذ للكافر ولياً ((فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ ))، أي ليس ذا قدر عند الله سبحانه ((إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً )) ((وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ ))، أي يخوّفكم الله من نفسه فإنّ من يتّخذ الكافر ولياً يشمله عقاب الله سبحانه ((وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ))، أي المرجع فمن عصاه يجازيه بالنار والعذاب.

شاهد أيضاً

محاولات هدم قبور الصالحين في التاريخ

‏‪ *محاولة نبش قبر امنة بنت وهب (رضوان الله تعالى عليها)*  *قال الحافظ ابن عقيل ...