الرئيسية / القرآن الكريم / تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

38

((هُنَالِكَ )) الذي رأى زكريا إكرام الله سبحانه لمريم نحو خرق العادة من إرسال الفاكهة إليها ((دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ))، أي من عندك ((ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ))، أي نسلاً صالحاً ((إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء)) وكان زكريا مأيوساً من الأولاد حيث كبر وشاخ وكانت إمرأته عاقراً لكن طلب ودعا مريداً على وجه الإعجاز وخرق العادة.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

39

((فَنَادَتْهُ ))، أي فنادت زكريا ((الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ )) أما المراد المحراب أو نفس المسجد، وسمي محراباً لأنه محل محاربة الشيطان والنفس حيث يريدان صرف الإنسان إلى الدنيا والمسجد يصرفه إلى الآخرة ((أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى )) سمّاه سبحانه بهذا الإسم قبل الولادة في حال كونه ((مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ )) والمراد بالكلمة عيسى (عليه السلام)، أي أن يحيى يصدّق نبوّة عيسى، وأنما سمّي عيسى (عليه السلام) كلمة الله لأنه كان بإلقاء الله إياها إلى مريم، كما تُلقى الكلمة من الفم ((وَسَيِّدًا ))، أي ذو سيادة وشرافة ((وَحَصُورًا )) يحصر نفسه عن الملذّات، أو عن النساء خاصة بمعنى أنه (عليه السلام) كان زاهداً، وكون حصور مدحاً ليحيى (عليه السلام) لأسباب خاصة لا ينافي إستحباب الزواج في الشرائع ((وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ)) الذين يُصلحون ولا يكن فيهم فساد كما هو شأن جميع الأنبياء.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

40

فاستفسر زكريا (عليه السلام) عن كيفية حصول الولد هل يرزقه وهما على ما هما عليه من الحالة أم تتبدّل حالتهما ((قَالَ )) زكريا في جواب الملائكة سائلاً عن الله سبحانه ((رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ))، أي كيف يكون لي ولد ((وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ))، أي الشيخوخة ((وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ )) ليس لها قابلية الولادة ((قَالَ )) المَلَك في جوابه ((كَذَلِكَ ))، أي كالحال الذي أنتما عليه من الكِبر والعقر ((اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء)) فإنه قادر على كل شيء.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

41

((قَالَ )) زكريا (عليه السلام) ((رَبِّ اجْعَل لِّيَ آيَةً ))، أي علامة أُعرف بها وقت الحمل لأزيد شكراً وسروراً أو علامة أعرف بها إستجابة دعائي ليطمئن قلبي وأجده محسوساً ملموساً بعدما وجدته سماعاً بالبشارة ((قَالَ )) المَلَك، أو الله سبحانه يخلق الصوت في الفضاء ((آيَتُكَ ))، اي الدليل على ذلك ((أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ))، أي لا تقدر على التكلم معهم كلما توجّهت إليهم بالكلام يُعقد لسانك ((ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزًا )) بالإشارة باليد والرأس ((وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا )) فإن سانك لا ينعقد عن الذكر والتسبيح لله سبحانه ((وَسَبِّحْ ))، أي نزِّه الباري تعالى ((بِالْعَشِيِّ )) آخر النهار ((وَالإِبْكَارِ)) أول النهار، من أبكر فهو إسم مفرد لا جمع.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

42

ثم رجع السياق إلى بقية قصة مريم (عليه السلام) حيث كانت قصة زكريا (عليه السلام) توسط في الموضوع لمناسبة ((وَ)) اذكر يارسول الله ((إِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ)) إختاركِ لعبادته وإطاعته وأن تكوني وعاءً لنبيّه ((وَطَهَّرَكِ )) من الآثام والذنوب والأدناس والعادات النسائية ((وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ)) وكرّر الإصطفاء تأكيداً ومقدّمة لذكر نساء العالمين فليس الإختيار لها من جملة مختارات وإنما هي مختارة على سائر نساء زمانها وعوالمها لا كل العالمين فإن فاطمة (عليه السلام) هي المختارة المطلقة على جميع النساء، وقد تقدّم أن مثل هذه العبارة تُقال مُراداً بها العوالم لا كل العوالم كما يُقال أن الدولة الفلانية أقوى جميع الدول يُراد الدول المعاصرة لها لا كل دولة في العالم أتت أو تأتي.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

43

((يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي )) القنوت الخضوع والإخلاص في العبادة ((لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ))، اي في جملة الذين يركعون لله سبحانه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

44

((ذَلِكَ )) الذي تقدّم من قصص مريم وزكريا ويحيى ((مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ ))، أي الأخبار الغائبة عن الحواس فإنّ كل شيء غاب عن الحواس يسمى غيباً ((نُوحِيهِ إِلَيكَ ))، أي نُلقيه عليك ليدلّ على أنك من المرسلين فإن الإخبار عما لم يحضره الإنسان ولم يعلمه من طريق التاريخ يدلّ على كونه يالإعجاز وخارق العادة ((وَمَا كُنتَ )) يارسول الله ((لَدَيْهِمْ ))، أي عند الأحبار والمعاصرين لمريم (عليها السلام) ((إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ )) التي بها كانوا يكتبون التوراة ((أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ )) فإن زوجة عمران لما أتت بمريم إلى المسجد إختلفت الأحبار في من يكفلها لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب قربانهم فقال لهم زكريا : أنا أحق بها لأنّ خالتها عندي فقالت له الأحبار أنها لو تُركي لأحقّ الناس بها لتُركت لأمها التي ولدتها ولكن نقترع عليها فتكون عند من خرج سهمه فانطلقوا وهم تسعة وعشرون رجلاً إلى نهر جارٍ فألقوا أقامهم في الماء فأبرز قلم زكريا وارتفع فوق الماء ورسبت أقلامهم ولذا أخذها زكريا ((وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ)) في شأنها وأن أيّهم يكفلها.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

45

واذكر يارسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ )) مخاطبة لمريم (عليه السلام) ((يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ))، أي بولد هو كلمة الله تُلقى عليك ويخرج منك بصورة عيسى المسيح (عليه السلام) ((اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ )) قيل سمّي مسيحاً لأنه كان يمسح الأرض ويسير فيها، وذكر في الكلام أمه دحضاً لمن يفترس قائلاً أنه إبن الله، في حال كونه ((وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ))، أي ذا جاه وقدر وشرف ((وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)) لله تعالى قرب شرف وجاه لا زمان ومكان.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

46

((وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ ))، أي في حال كونه صغيراً قبل أوان تكلّم الأطفال، والمهد هو الموضع الذي يوضع فيه الطفل ويُهزّ من خشب أو حديد أو ثوب أو نحوها ((وَكَهْلاً ))، أي يكلمهم كهلاً بالوحي، والكهل ما بين الشاب والشيخ، أو يُراد الإخبار عن بقائه إلى ذلك الوقت ((وَمِنَ الصَّالِحِينَ)) الذين فيهم الصلاح دون الفساد.

شاهد أيضاً

آداب الصلاة 13 سماحة الشيخ حسين كوراني

. أقرأ ايضا: أوضاع المرأة المسلمة ودورها الاجتماعي من منظور إسلامي وإذا أراد الأميركي وقف ...