الرئيسية / القرآن الكريم / تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

56

((فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ )) بك وبما جئتَ به ((فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا )) بضرب الذلة والمسكنة عليهم وأنهم دائماً تحت حكم أصحابك وأنه لا تقوم لهم دولة إلا بحبل من الله وبحبل من الناس وأنهم مكروهون منفورون أبد الآبدين ((وَالآخِرَةِ )) بإدخالهم ناراً أحاطت بهم سُرادقها وإن يستغيثوا يُغاثوا بماءٍ كالمهل ((وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ)) ينصرونهم من بأس الله وعذابه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

57

((وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا )) بك وبما بشّرتَ به ((وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ )) مما أمرناهم به واجتنبوا عن المحرّمات، فإنه لا يُقال يعمل فلان الصالحات إلا إذا إجتنب الآثام إلى جنب إتيانه بالواجبات ((فَيُوَفِّيهِمْ ))، أي يعطيهم الله ((أُجُورَهُمْ )) كاملة غير منقوصة فإن الوفاء إعطاء المطلوب كاملاً ((وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)) الذين ظلموا بالكفر أو بعدم العمل الصالح.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

58

((ذَلِكَ )) ابمذكور هنا من إخبار زكريا وعيسى ويحيى ومريم (عليهم السلام) ((نَتْلُوهُ عَلَيْكَ ))، أي نقرأه عليك بسبب الوحي ((مِنَ الآيَاتِ ))، أي من جملة الآيات والحجج الدالة على صدقك وأنك نبي يوحى إليه ((وَ)) من ((الذِّكْرِ )) إلى القرآن ((الْحَكِيمِ)) المحكم الذي لا يتطرق إليه بطلان أو زيغ.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

59

وهنا تتهيّأ النفوس لإدراك حقيقة عيسى هل كان بشراً وكيف وُلد من غير أب فقال سبحانه ((إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ )) فليس ولادة عيسى من غير أب عجيباً وبدعاً ولا يدل ذلك على أنه رب فآدم أعجب منه أليس الله سبحانه ((خَلَقَهُ ))، أي خلق آدم ((مِن تُرَابٍ )) صنعه وجسّده ((ثِمَّ قَالَ لَهُ : كُن )) إنساناً حياً ((فَيَكُونُ)) كما قال، ومقتضى القاعدة أن يُقال “فكان” إلا إن هذه الجملة أخذت صِبغة المثالية نحو “الصيف ضيّعت اللبن”، ولذا يُؤتى بها على لفظها وقد تقدّم أن كلمة “كن” تعبّر عن الإرادة الأزلية لا أن في اللفظ خصوصية.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

60

((الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ )) يارسول الله، أي إن قصة عيسى هكذا أو خلقه كذلك حق من ربك ((فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ))، أي من الشاكين فإنّ “إمترى” بمعنى شكّ والخطاب وإن كان للرسول لكنه عام لكل أحد، ومن المعلوم أن توجيه الخطاب لا يلازم إحتمال وجود الصفة، وإنما أكّد البيان بجملة “فلا تكن” لكثرة الشك والتشكيك لدى الناس في مختلف شؤون عيسى (عليه السلام) .

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

61

((فَمَنْ حَآجَّكَ )) وجادلك يارسول الله ((فِيهِ ))، أي في عيسى قائلاً أنه ليس بشراً وإنما هو رب إنفصل عن الرب ونزلت الآية في وفد نجران من المسيحيين الذين جائوا للمجادلة مع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولم تنفعهم الحجة والدليل فقرر الطرفان أن يخرجوا إلى الصحراء ليدعو كل من الطرفين على الكاذب فخرج الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم الموعد مع علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) فلما رأتهم النصارى أحجموا وقال كبيرهم أني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يُزيل جبلاً من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة وقال الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : “والذي نفسي بيده لو لاعنوني لمُسخوا قردة وخنازير ولاضطرم الوادي عليهم ناراً ولما حال الحول على النصارى حتى يهلكوا ((مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ )) حول قصة عيسى (عليه السلام) ((فَقُلْ )) لهم يارسول الله ((تَعَالَوْاْ ))، أي هلمّوا إلى حجة أخرى ليست محل نقاش وجدال ((نَدْعُ ))، أي يدعو كل طائفة منّا ((أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا ))، أي بمنزلة أنفسنا ((وأَنفُسَكُمْ ))، أي من هو بمنزلة أنفسكم، والمراد دعوة كل طرف خواصّه ومن يقترب إليه من الأبناء والنساء ومن هو بمنزلة نفسه ((ثُمَّ نَبْتَهِلْ )) الإبتهال طلب اللعنة من الله سبحانه، أي ندعو كل طائفة على الآخر قائلين : لُعن الكاذب، وقد يُستعمل الإبتهال بمعنى مطلق الدعاء خيراً كان أو شراً ((فَنَجْعَل )) في إبتهالنا ((لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ)) وقد أجمع المفسرون أن الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يخرج معه إلا إبنيه الحسن والحسين وبنته فاطمة وإبن عمه علياً (عليهم الصلاة والسلام).

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

62

((إِنَّ هَذَا )) الذي أوحينا إليك في أمر عيسى وغيره ((لَهُوَ الْقَصَصُ )) جمع قصة ((الْحَقُّ )) الذي لا كذب فيه ولا زيغ ((وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللّهُ )) فليس عيسى إلهاً كما يزعم النصارى ((وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ )) في سلطانه ((الْحَكِيمُ)) في أفعاله فلا يتخذ البشر إبناً له كما يقول اليهود والنصارى.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

63

((فَإِن تَوَلَّوْاْ )) وأعرضوا مصرّين على عقائدهم الفاسدة ((فَإِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ)) الذين يُفسدون عقائد الناس وأعمالهم فإنهم لا يفوتونه سبحانه بل هم بعلمه وسيجازيهم بأعمالهم وأفعالهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

64

وحيث إنتهى السياق من قصص عيسى (عليه السلام) تناول الحديث حول أهل الكتاب وإنحرافاتهم للعلاقة الوثيقة بين الموضوعين فقال سبحانه ((قُلْ )) يارسول الله ((يَا أَهْلَ الْكِتَابِ)) والمراد بهم اليهود والنصارى ((تَعَالَوْاْ ))، أي هلمّوا نجتمع جميعاً ((إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ))، أي إلى كلام عدل لا ميل له ونحن جميعاً نعترف به ولا ندع ما سوى ذلك ما لم يدل عليه دليل ((أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ )) فإن العبادة لا تجوز إلا له إذ هو الذي خلق الكون ((وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا )) من إنسان أو حيوان أو جماد كما يصفه المشركون ((وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً ))، أي بعض البشر ((أَرْبَابًا )) وآلهة ((مِّن دُونِ اللّهِ )) كاتخاذ النصارى المسيح إلهاً أو المراد إتخاذ الأحبار والرهبان آلهة في الإطاعة فيما خالف الله سبحانه كما قال (إتّخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباَ) ((فَإِن تَوَلَّوْاْ ))، أي أعرضوا عن ذلك ((فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)) لله وحده نتّبع طريقه ولا نبتغي غير الإسلام ديناً.

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...