الرئيسية / القرآن الكريم / تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان سورة آل عمران

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

82

((فَمَن تَوَلَّى )) وأعرض عن الإيمان والنصرة ((بَعْدَ ذَلِكَ )) العهد الذي أخذه نبيّه منه ((فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) الخارجون عن إطاعة الله سبحانه حيث نقضوا العهد وخالفوا الوعد.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

83

إن عدم الإيمان بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خلاف عهدهم أولاً وخلاف الواجب عليهم ثانياً ((أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ ))، أي يطلبون ويريدون غير دين الله ودين الإسلام الذي ثبت بالآيات والحجج ((وَلَهُ ))، أي لله ((أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )) فكل شيء في الكون خاضع له سبحانه منقاد لأمره فما بال هؤلاء يخالفون دين الله الذي أذعن له كل الكون ((طَوْعًا وَكَرْهًا )) فإنّ ذوي العقول من الملائكة ونحوه أسلم لله طوعاً والجمادات أسلمن كرهاً بمعنى أنها مستمرة حسب مشيئة الله سبحانه ((وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ))، اي إلى حكمه وأمره وثوابه وعقابه ترجعون عند الموت أو في القيامة.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

84

هنا يأتي دور إظهار الأمة المسلمة إيمانها بجميع الأنبياء فإنه مقتضى وحدة الرسالات ومقتضى ما سلف من إيمان كل سابق باللاحق وتصديق كل لاحق للسابق ((قُلْ )) يارسول الله صيغة الإيمان التي يجب الإعتراف بها على كل أمتك ((آمَنَّا بِاللّهِ )) إلهاً واحداً ((وَ)) بـ ((مَا أُنزِلَ عَلَيْنَا)) من القرآن الحكيم وسائر الأحكام ((وَ)) بـ ((مَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ )) أولاد يعقوب الذين كانوا أنبياء ((وَ)) بـ ((مَا أُوتِيَ ))، أي أُعطي ((مُوسَى)) من التوراة ((وَعِيسَى )) من الإنجيل ((وَ)) بما أُعطي ((النَّبِيُّونَ مِن )) قِبَل ((رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ))، أي من هؤلاء الأنبياء لا كاليهود الذين لم يؤمنوا بعيسى (عليه السلام) ومحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ولا كالنصارى الذين لم يؤمنوا بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ((وَنَحْنُ لَهُ ))، أي لله ((مُسْلِمُونَ)) منقادون فيما أمرنا ونهانا.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

85

((وَمَن يَبْتَغِ ) ويطلب ويريد ((غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا )) من الأديان السماوية أو المفتعلة ((فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ )) أبداً في الدنيا بل تجري عليه أحكام الكفار ((وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)) الذين خسروا أنفسهم وأموالهم وأهليهم جميعاً.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

86

إنّ الذين أدركوا هذه الحقيقة وحدة الرسالات وحقيقة محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ودين الإسلام ثم أنكروا وعاندوا فقد ظلموا أنفسهم وبعّدوا أنفسهم عن لُطف الله وهدايته فلا يلطف بهم الله لطفاً خاصاً ولا يهديهم بل يتركهم في ظلمات كفرهم ((كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ )) والمراد بالإيمان علمهم بحقيقة الرسول الإيمان في الظاهر إلا إذا أخذنا بما ورد في بعض التفاسير والروايات من أنها نزلت في رجل آمن ثم إرتد ثم ندم فأرسل إلى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من يسأله عن قبول توبته فأجاب الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بالإثبات فتاب وحسن إسلامه ، ولذا إستثنى في آخر الآيات “إلا الذين تابوا” ((وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ )) شهادة واقعية وإن لم يظهروها ولم يلتزموا بلوازمها ((وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ )) الأدلة الواضحة على صدق الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وحقيقة ما جاء به ((وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))، أي لا يلطف بهم اللطف الخاص الذي يلطف به بمن إستقام ولم يظلم نفسه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

87

((أُوْلَئِكَ )) الذين كفروا بعد إيمانهم ((جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ )) بإبعادهم عن رحمته ومغفرته وثوابه ((وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)) فإنهم يدعون عليهم بالعذاب ويلعنونهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

88

((خَالِدِينَ فِيهَا ))، أي يخلدون في اللعنة والطرد أبد الآبدين ((لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ ))، أي لا يسهّل عليهم لأنهم بكفرهم إستحقّوا العقاب الدائم ((وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ))، أي لا يؤخَّر عنهم العذاب من وقت إلى وقت، أو لا يُنظر إليهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

89

((إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ )) عن كفرهم ((مِن بَعْدِ ذَلِكَ )) الكفر بأن آمنوا ((وَأَصْلَحُواْ )) في أعمالهم، أي عملوا الصالحات ((فَإِنَّ الله غَفُورٌ )) لكفرهم وذنوبهم ((رَّحِيمٌ)) بهم فلا يؤاخذهم بسيئاتهم.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

90

هذا حال من آمن بعد إرتداده وتاب، أو آمن بعد علمه بالحق وكفره، أما من بقي على كفره بعد الإيمان فجزائه ما يأتي ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ )) بالنبي وبما جاء به ((ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا )) فإن الكافر ببقائه على الكفر يزداد كفراً فإنّ كل ساعة يكون كافراً فيها يكون أكثر كفراً من الساعة المتقدمة، أو المراد إزدياد الكفر باستحكامه فإن الإنسان كما يزداد إيماناً كلما رأى آيات الله كذلك يزداد كفراً كلما أعرض عما يراه من الآيات ((لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ )) التي تأتي منهم حال الإحتضار فإنّ المحتضر حيث يرى حقيقة الإيمان يتوب في قلبه ويندم لكن لا تُقبل توبته كما قال سبحانه (وليست التوب للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبتُ الآن) ((وَأُوْلَئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ)) الذين ضلّوا طريق الحق في الدنيا وعذبوا في الآخرة.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

91

((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ )) ممن لم يتب حتى في حال الإحتضار كما قال سبحانه (ولا الذين يموتون وهم كفار) بعد الآية السابقة “وليست التوبة”، أو المراد التعقيب على “لن تُقبل توبتهم”، أي إن أولئك الذين بإعطاء الفدية ((فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا))، أي مقدار ما يملأ الأرض من الذهب ((وَلَوِ افْتَدَى بِهِ )) لا ينفعه ((أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) مؤلم وموجع ((وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ)) ينصرونهم من عذاب الله وسخطه.

تفسير تقريب القرآن إلى الأذهان

سورة آل عمران

92

وحيث جرى حديث الإنفاق وأنه لن يُقبل من الكافر يوم القيامة ناسب السياق بيان حُكم الإنفاق وأنه ((لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ ))، أي لن تدركوا النفع الذي تأملونه من رضى الله وثوابه والجنة وخير الدنيا وغيرها ((حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ )) لا أن تنفقوا ما لا تحبون كإنفاق ما تعانيه النفس كما قال سبحانه (ولستم بآخذيه حتى تُغمضوا) ((وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ )) قليل أو كثير في مختلف أصناف الأشياء ((فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ)) فيجازيكم على قدره.

شاهد أيضاً

آداب الأسرة في الإسلام

رابعاً : حقوق الأبناء : للأبناء حقوق علىٰ الوالدين ، وقد لخّصها الإمام علي بن ...